وباء الفساد...

وباء الفساد...

تحليل وآراء

الخميس، ٢ نوفمبر ٢٠١٧

لا تكاد تخلو مؤسسة أو وزارة من الفساد أو التعنت الإداري، فقد طال الفساد بجميع صنوفه وأشكاله مفاصل المجتمع كافة، حتى المؤسسات الأكاديمية لم تخلو منه. وعندما نتحدث عن مؤسسة أكاديمية يتبادر إلى أذهان الجميع التعليم الراقي وأعلى مستويات الخلق والأخلاق الاجتماعية والمهنية والأكاديمية التي ينتهي إليها المرء، ولكن حين نغوص ونخوض في التفاصيل تصيبنا الدهشة ويعترينا ذعر حقيقي مما ستؤول إليه الأمور ونعلم أن ثمة انفجاراً عظيماً سيحدث أو إفراغاً لمؤسسات التعليم من كوادرها وكفاءاتها بسبب الفيروسات المنتشرة في أوصالها.
 لسنا بصدد الحديث عن مستوى التعليم ولا عن المناهج المتّبعة لأن الشرح يطول والطريق شائكة ووعرة والحلول لا تبدو مرئية في الافق ولن يتبدى لأي منا نور في نهاية النفق.
ما يهمنا في هذا المقام هو الفساد الذي طال الإدارات في تلك المؤسسات الأكاديمية العليا التي لا يمكن لمرء أن يتخيل أنه استشرى وأن الإدارة أصبحت كدكان حلاقة في حارة شعبية أو مجلس للثرثرات النسائية والمهاترات التي لا طائل منها، حيث تضيع الساعات في مناقشة أمور تبدو لأول وهلة أموراً ذات أهمية - وهي إن تمت مناقشتها وفقاً لخطوطها العريضة كذلك - ولكنها ليست أكثر من علك واجترار لما سبق.
نتيجة كل الاجتماعات التعليمية الإدارية تدور وتصب في نفس المكان وتنم عن أن لا فهماً قد تم التوصل إليه بخصوص تلك المؤسسة إلا اللهم ما يمكن أن يساعد في التضييق بشكل أكبر على كفاءاته والإقلال من قيمتهم ما لم يكونوا ممن يستطيع التماشي مع التعليمات الإدارية الصارمة بخصوص المداهنة والممالقة ونقل حركات وسكنات الآخرين؛ كل الآخرين، وهو ما يحيل المؤسسة إلى خلية استخباراتية بامتياز تعمل على قدم وساق كما لو أنها خلية نحل.
ولكن اللافت أن بعد نهاية مرحلة ما من عمر المؤسسة لا يوجد تقييم شامل للأداء، لا على مستوى الإدارة ولا على مستوى الأفراد، وإنما إن كان ثمة تقييم فهو يتم من أعلى الهرم وفقاً لأهوائهم ويقيس مدى انصياع الآخرين لرغباتهم وأوامرهم، ولكنه لا يتعلق أبداً بما يتماشى والمصلحة العامة، وهي الأهم في حديثنا هذا.
في خضم كل تلك المآسي التي لم نذكر منها إلا النزر اليسير يشعر كل شخص أنه مشيأ ويُستخدم كأداة فقط للتنفيذ وكأنه روبوت ولا يُعترف بجميل ما قدم، وخاصة إن كان من المبدعين. وهذا ما يعزز في داخله الشعور بعدم الأمان الوظيفي ولا حتى المهني ويصل إلى حد يفقد معه الإبداع بسبب التنميط والقولبة الصارمة التي تتبعها الإدارة العليا.
فهل يا ترى من الممكن الاستمرار في العمل على نفس الوتيرة التي كان الأمر عليها قبل تولي تلك الإدارة زمام الأمور حينما كان يشعر الشخص الكفؤ أنه إنسان وأن إنسانيته قبل إبداعه وكفاءته محترمة وأنه المسؤول عن جودة ما يقدمه بدافع ذاتي من نفسه؟
إن فقدنا مقومات الأمل في العمل فماذ يتبقى لنا في هذا الوطن؟!!
 
يتبع