الأسد مشى الهوينا على السجاد التبريزي " الأسرار و الخفايا"

الأسد مشى الهوينا على السجاد التبريزي " الأسرار و الخفايا"

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٦ فبراير ٢٠١٩

 
فُتحت الأبواب الخشبية الإيرانية الموشاة بالموازييك الدمشقي بهدوء أمام قامة طويلة تقترب شيئاً فشيئاً، عمامة سوداء بانتظار الوصول، وعينان زرقاوتين تشخصان نحو الغد المأمول، فيما اختزلت جدران القاعة صدى عبارة "خوش آمديد" بغبطة طغت على تصريحات الخصوم.
 
وفي مشهد يذكر بمقولة أن التاريخ يعيد نفسه، عانق الرئيس الأسد مرشد الجمهورية كما فعل القائد حافظ الأسد قبل عقود.
 
على السجاد التبريزي مشى الرئيس الأسد الهوينا، لقد كان الحدث بمثابة مفاجأة على الرغم من أنه تم التمهيد للزيارة، على مايبدو فإن ارتباط الزيارة بالأحداث الجارية لا سيما فيما يخص الملف السوري، وتصاعد التوتر العربي ـ التركي، جعل منها استثنائية، فضلاً عن كونها قمة جمعت رجلين نافذين في المنطقة.
 
مقر المرشد خامنئي شهد زئيراً للرئيس السوري، عبر تصريحات أكد فيها الأسد على رفض الإملاءات الغربية والأمريكية، وراهن مجدداً كما في كل مرة على أن التجارب أثبتت أن الخضوع وتنفيذ إملاءات الغير نتائجه أسوأ بكثير من أن تكون الدول سيدة قرارها.
 
رد الخامنئي على ذلك بتحية الرئيس الأسد وشعبه وجيشه والتهنئة على الانتصارات المتحققة، مؤكداً وقوف إيران إلى جانب سورية في كل شيء كما كانت وستكون، أكد المرشد على ذلك مشيراً بحزم على ذلك عبر يده التي يزينها خاتم من الفضة أعمى لمعانه أبصار الكثير من الممتعضين والمصطادين في الماء العكر.
 
عاد الرئيس الأسد ليلتقي بنظيره الإيراني حسن روحاني، عبر الرجلان عن ارتياحهما لما وصلت إليه العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، وتم الحديث عن إعادة الإعمار ومحاربة الإرهاب والتعاون التكنولوجي والعسكري.
 
لكن ماذا عن خبايا الزيارة وتوقيتها؟ هل هي شكلية وفقط لتبادل التهاني والتشكرات؟ يقول مصدر خاص بأن سورية التي تشهد انفتاحاً عربياً في الأروقة المغلقة يمكن أن تؤدي دور وسيط فعّال مع إيران من أجل الوصول إلى تهدئة للتفرغ من أجل مواجهة تركيا.
 
الإمارات افتتحت سفارتها بدمشق، وأكدت سابقاً أن ما دفعها وسيدفعها لإعادة العلاقات مع دمشق هو مواجهة التغول التركي، بعد إعادة فتح السفارة، توجه وفد من رجال الأعمال السوريين إلى الإمارات، وليس هذا الحدث ببريء واعتيادي أيضاً، وفي التسريبات أن هناك تعاوناً سورياً ـ إماراتياً غير معلن بشكل رسمي، تأكد ذلك من خلال الإعلان عن تأسيس مستودعات للصادرات السورية في الإمارات، لكن الأهم هي تلك المعلومات التي أفادت بأن الإمارات تريد بالتعاون مع السوري مواجهةً اقتصادية ضد أنقرة، تبدأ بمقاطعة البضائع التركية المهربة إلى الداخل السوري.
 
الإمارات أيضاً يهمها أن تقوم دمشق بلعب دور وسيط مع طهران فيما يخص جزرها، كذلك من المناسب أن تكون الإمارات وسيطاً بين دول الخليج وعلى رأسها السعودية وبين سورية للمرحلة القادمة من أجل مواجهة تركيا، الاتصالات الأمنية السورية ـ المصرية تقع ضمن هذا الإطار أيضاً.
 
إذاً فإن زيارة الرئيس الأسد لإيران ليست مجرد زيارة بروتوكولية بل تحمل العديد من الدسم الذي سيعود بالنفع لكل من سورية وإيران والإمارات والدول الأخرى التي قررت بشكل قاطع مواجهة تركيا.