سورية هي العنوان.. بقلم: ميساء نعامة

سورية هي العنوان.. بقلم: ميساء نعامة

تحليل وآراء

السبت، ١٢ يوليو ٢٠١٤

لطالما كانت سورية الأرض والعنوان.. على أرضها انصهرت جميع الحضارات لتلخص الشآم أرقى الحضارات الإنسانية، وعلى أرضها الطاهرة ولدت الحياة الإنسانية وبدأت العلاقات الاجتماعية تأخذ خط سيرها لبناء الدول، ومن دمشق بدأ التكوين الإنساني الراقي.
فأصبحت دمشق الشام أم العالم، أليست هي أقدم مدينة في التاريخ؟ بل أليست أقدم مدينة مأهولة؟ من هنا يمكننا القول بأن التاريخ  شهد الولادة الأولى للحياة المدنية في دمشق الشام ومن خلالها كتبت شهادة الميلاد الأولى للإنسان المتحضر، وعليه فإن دمشق الشام تملك صكوك البقاء أو الزوال للعالم كله.
وبعد؛ فإن معظم السوريين يشعرون بحالة من السخرية والاشمئزاز تجاه الإعلان الذي يُبث على محطة الـmbc  خلال عرض المسلسلات الدرامية التي تشدّ المشاهد العربي، هذا الإعلان تحت اسم "سوريون بلا عنوان" ليبدأ بازار استجداء المشاهد العربي بأن الشعب السوري كله مشرد ويحتاج إلى الإعانة.
غريب أمر مملكة الإرهاب! ترى ألم تشاهد أن الحياة السورية بدأت تعود وبشكل تدريجي إلى طبيعتها؟ بل ألم يشاهد العقل الصهيوني الذي يدير قناة الـmbc   أن الشعب السوري في ذروة الحرب عليه وهو يعاني من همجية الإرهاب المصدَّر من قبل مملكة الإرهاب كانت الحياة السورية تتحدى الإرهاب بالمبادرات الشبابية المبهجة وبالأنشطة الثقافية الراقية وبالحياة الاجتماعية التي تجمع الأهل والأصدقاء في المقاهي التي تغص بمعظم شرائح المجتمع السوري، في أروع قصة تحدٍ يمكن أن يسجلها التاريخ لشعب تتساقط عليه القذائف ويستشهد على وقع غدر مرسليها العديد من أبناء الشعب السوري؛ ومع ذلك مابرح يعلّم العالم ثقافة الحياة، كما لا يمكن أن ينسى العالم كيف تحدّى الشعب السوري قذائف الهاون والسيارات المفخخة والعبوات والتهديدات عبر قنوات ممالك الإرهاب ونزل الشعب السوري إلى صناديق الانتخاب وقال كلمته بأن الرئيس بشار الأسد هو الضمان الحقيقي والوحيد لبقاء دمشق الشام وبقاء العالم على قيد الحياة. لقد استطاع الشعب السوري بقدرته الهائلة على إنتاج الحياة أن يرمم ما خلّفه الإرهاب الأسود في الحجر والبشر.
لا أحد يشبه الإنسان السوري، إنه بحق صانع المعجزات ومولّد الطاقات وأينما ذهب يضيف من إبداعاته، فكم من معامل دارت ونجحت في ظل العدوان على سورية بعد كل التضييق وسرقة المعامل والمحال التجارية فحمل السوري أسرار إبداعاته ونقلها إلى الأماكن التي لم تدنّسها يد الإرهاب في رسالة للعالم بأسره بأننا هنا باقون.
ومن باب أخذ العلم فإن معظم من غادر من محافظته نتيجة الهجوم البربري للإرهاب ذهب إلى محافظات أخرى فمثلاً: أهل حلب عشّقوا محافظة طرطوس بالتراث الحلبي وأسسوا لعودة المعامل لأعرق الصناعات الحلبية الأصيلة هذا من جهة، ومن جهة أخرى تمازجت العادات الحلبية مع العادات الساحلية وازدادت أواصر المحبة بين السوريين فلا يمكن أن نعتبر من انتقل من محافظة سورية إلى أخرى بأنه مهجّر لأن الأرض السورية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها هي ملك لجميع السوريين.
الشواهد كثيرة وعديدة على أن الإنسان السوري متأصل بحضارات كثيرة مرت على أرضه الطاهرة وميّزته عن كل ما حوله، وهذا ما أسس للصمود الذي أذهل العالم وجعلنا نتابع الخروج التدريجي من الحرب أكثر إصراراً على الحياة.
شآمنا بخير.. وما تزال الأم القادرة على رعاية وحماية جميع العرب وإذا ما أصابها سوء فإن العرب كلهم سيصبحون بلا عنوان بلا هوية.. لأن الشآم هي الحصن الوحيد للوجود العربي، وتباشير النصر الكبير بدأت تلوح في الأفق القريب جداً.