قلم حام..((انسلاخات)).. بقلم: ظافر أحمد

قلم حام..((انسلاخات)).. بقلم: ظافر أحمد

تحليل وآراء

الاثنين، ٨ سبتمبر ٢٠١٤

عندما استقلت بلاد الشام عن الدولة العثمانية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى كانت حدودنا مع الأتراك خط قمم جبال طوروس، وهي حدود طبيعية يسهل الدفاع بموجبها عن شمال الوطن العربي وهي حدود قديمة قدم التاريخ تفصل بين الأمتين العربية والتركية قبل حوالي 2000عام..
تلك الحدود كانت الحدود الطبيعية لدولة تدمر خلال حروب زنوبيا ضد الحكم الروماني.
تلك الحدود تجعل كيليكيا بكاملها والإسكندرونة وكلس وعنتاب التابعين سابقاً لما سمي ولاية حلب.. ضمن السيادة السورية..
معاهدة (كوتاهية) عام 1833 بين إبراهيم باشا والسلطان العثماني أقرت ببقاء كيليكيا تحت السيادة العربية بما في ذلك مدن مرسين وطرسوس وأضنة ومرعش..
1916 اتفاقية سايكس بيكو وضعت تلك المناطق ضمن ما عرف بالمنطقة الزرقاء أي تحت سيطرة فرنسا..
حسب اتفاقية سان ريمو 1920 بين الحلفاء (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا) تم التعديل بخط الحدود لتأخذ تركيا منطقة كيليكيا ومرعش وديار بكر..
عام 1921 معاهدة أنقرة مهدت لسلخ لواء الإسكندرونة من سورية كهدية من فرنسا ضمن خارطة الصراعات واستراتيجيات المنطقة التي رسمت يومها ما يمكن تسميته اليوم ارتباطاً بأحداث المنطقة (شرقاً جديداً) تجسد بسايكس بيكو..
وقد نصت اتفاقية أنقرة على (أنّ نظاماً إدارياً خاصاً سيقام في سنجق الإسكندرونة إذ يتمتع السكان الأتراك بكل التسهيلات اللازمة لنمو ثقافتهم الخاصة، وتصبح اللغة التركية لغة رسمية في السنجق..).
تطورات سياسية وتفاعلات أدت في نهاية المطاف بتاريخ 29 تشرين الثاني 1937 إلى رفع العلم التركي في اللواء..
وحدثت لاحقاً عمليات سياسية وتفاعلات لدى عصبة الأمم المتحدة وانتخابات داخل اللواء أدت إلى تحديد  مصيره بالسلخ عن سورية..
خلال سنوات طويلة وحتى اللحظة ماتت قضية سلخ مساحة شاسعة على طول الحدود الطبيعية مع تركيا، ونامت قضية اللواء وأنطاكيا رويداً رويداً، بل اعتمدت خارطة لسورية سقطت منها حدود طويلة مع تركيا متطابقة مع انحرافات خط الحدود عن الخط الطبيعي وذهبت ذرى طوروس ومعها مساحة كبيرة إلى (السيادة التركية)..
منذ 2011 بدأت تطبيقات جديدة لـ(سايكس بيكو) محدثة أهم ركن فيها (الإسلام السياسي) وجهاد الوهابية الذي يتكفل برسم المنطقة وفق مصالح أميركية وإسرائيلية، كمكمل للاحتلال الأميركي للعراق ولعراق ما بعد الخروج الاسمي للاحتلال الذي أبقى العراق تحت ويلات ما خلفه الاحتلال من مخطط تقسيمي ومن بيئة للإرهاب ولأسوأ الأمراض الاجتماعية (الطائفية والعشائرية والإقليمية..)..
اليوم المنطقة في فوضى حدود من جديد لن تتحدد بعد مادامت المعركة الحالية محتدمة بين مجموعة من الجيوش وحركات الإسلام السياسي.. إضافة إلى جهود بيوت التآمر العالمي وبيوت الخط المقاوم والممانع..
اليوم ما يعرف بجبهة النصرة تبحث عن إمارات لها، وداعش أعلنت عن خلافتها، وإقليم كردستان في العراق أمر واقع معلن ويعامل عالمياً كشبه دولة وله جيشه الخاص واستقلاليته الاقتصادية، بل ويضمن دستور عراق ما بعد الاحتلال الذي اعتمد خلال سنوات الاحتلال الأميركي تسمية رئيس الجمهورية العراقية ووزير الخارجية من إقليم كردستان!. فما هذا الإقليم الذي يراد أن يكون نفوذه في حكم العراق أقوى من نفوذ حكم الحكومة العراقية للإقليم؟!.
اليوم الرقة تلك المحافظة السورية الغالية بالكامل معلنة كولاية داعشية، وجميع المناطق الحدودية من جهة تركيا خارج سيطرة الدولة ساحة لصراعات حركات الإسلام السياسي المتقاتلة على (اكتساب) مساحات لإعلانها كإمارة..
أهم ثروات الاقتصاد السوري بيد داعش وغيرها، وعالم بغربه الاستعماري وبإمبرياليته الأميركية، وصهيونية خططه ووبائه الوهابي منشغل في رسم حدود ومخططات تقسيمية ويتركز الموضوع على العراق وسورية، وأخطر الأدوات التنفيذية حكومة أردوغان التي تورطت حتى النخاع بالدم السوري وبالتآمر على سورية، وتنتظر وفق شهيتها العثمانية أن تسلخ مساحات جديدة حالمة بها وفق خواتيم المعركة التي تحلم بانتهائها لصالح الإسلام السياسي..
الشعب السوري صامد وجيشه صامد ودائماً الأمور بخواتيمها ولابد من الثقة والتفاؤل بأنّ الصمود مفتاح الانتصارات..