أول الأعمال الإرهابية التي نفَّذها الصهاينة ضدَّ رفاقهم اليهود

أول الأعمال الإرهابية التي نفَّذها الصهاينة ضدَّ رفاقهم اليهود

الأزمنة

الثلاثاء، ٢٣ يونيو ٢٠٠٩

من يفقد ذاكرة الماضي سيفقد المستقبل

 

 

شمس الدين العجلاني                                                                
alajlani@scs-net.org

 

 

تذكر صفحات التاريخ أن أول عمليات إرهابية ضد السفن البحرية كانت من بنات أفكار الصهاينة ... فبعد أن أسس الصهاينة ما يسمى جهاز(الموساد) وأوكل إليه في قائمة مهامه العمل السري والعلني للقيام بنقل المهاجرين الصهاينة إلى أرض فلسطين، وبدأ العمل السري من قبل الحركة الصهيونية في المناطق الأوروبية، وجمعت الموساد أعداداً من الصهاينة، ونظمت لهم آليات الانتقال سراً إلى فلسطين عبر البحر.

 

 

كانت فلسطين آنذاك تحت الاحتلال البريطاني، الذي حدد الهجرة الصهيونية العلنية بتنسيق مع الوكالة اليهودية، لكن القيادات الصهيونية كانت حريصة على إدخال أعداد أكبر من المتفق عليها مع الانتداب البريطاني..فقامت باستئجار السفن البحرية لنقل الصهاينة من الدول الأوربية، فازداد وصول سفن الهجرة السرية و العلنية عبر البحر المتوسط إلى ساحل فلسطين، وأرادت سلطات الانتداب الحد من تدفق الهجرة السرية ففرضت على المهاجرين الذين يتم إلقاء القبض عليهم الإقامة في معسكرات مغلقة لفترات طويلة، وسعت لحجز السفن غير الشرعية، ومحاكمة طواقمها..

 

ومع ذلك وصلت في 21 آب 1939م، سفينة (فاريتا)، وكانت تقل (850) مهاجراً صهيونياً، وفي 3 أيلول 1939م، وصلت سفينة (تايغر هيل)، وعلى متنها (1400) متسلل، ونزل منهم (300)، ومنعت الشرطة البريطانية نزول الباقين، ووصلت في أواخر تشرين الثاني 1940م، ثلاث سفن تحمل على متنها (3642) متسللاً...ومن هذه السفن الثلاث كانت سفينة (أس.أس.باتريا).

 

سفينة باتريا

 

في عام 1940 قامت الحركة الصهيونية باستئجار سفينة النقل الفرنسية (أس.أس.باتريا) وذلك بقصد نقل المهاجرين اليهود من عدد من الدول الأوربية إلى فلسطين، وتم جمع حوالي 1800 مهاجر على متنها، وهذا العدد مخالف لما تم الاتفاق علية مع الانتداب البريطاني وعند وصول السفينة إلى ميناء حيفا في شهر تشرين الثاني منعت السلطات البريطانية نزول المهاجرين غير الشرعيين، ولم تُجدِ ضغوط الحركة الصهيونية على الانتداب للسماح للمهاجرين بأن تطأ أقدامهم أرض فلسطين . وهنا تفتقت عقليه الإرهاب الصهيوني على فكرة تفجير جزء من السفينة، ففي 25 تشرين الثاني 1940 قامت منظمة الهاغاناه بتفجير وإغراق السفينة ...؟

 

 إغراق السفينة

 

في الساعة التاسعة من صباح يوم 25 تشرين الثاني من عام 1940 سمع صوت انفجار مدوي في جميع أنحاء مدينه حيفا، حيث تسارع أهل المدينة العرب والشرطة وقوات الانتداب البريطاني إلى ميناء حيفا ليشاهدوا غرق السفينة الفرنسية (أس.أس.باتريا) في أقل من ربع ساعة، وحاولوا إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين، و تذكر اليهودية ايفا فيلد في مقالة لها نشرت في شهر آب عام 2001 هذا العمل الإرهابي وبأن الفلسطينيين هم أول من أسرع لإنقاذ ضحايا هذا التفجير و إيواء وإكساء من تم إنقاذهم بقولها إنه حين أطلقت أصوات صفارات الإنذار عقب التفجير في أنحاء مدينه حيفا هرع العرب واليهود من العاملين في المرفأ بزوارقهم لإنقاذ ضحايا الانفجار، وتتابع بالقول: إنه لم يبق منزل في حيفا لم يقدم المساعدة لهؤلاء الضحايا من ملابس ومساعدات من كل نوع ...

 

و يقول الاسباني فرانسيسكو غونزاليس (جريده الشرق الأوسط  10 تموز 2002 العدد 8625 ) : عن هذا العمل الإرهابي ( .. وفي 11 /11 /1940، رفضت (السلطات البريطانية) السماح للمهاجرين اليهود الذين كانوا في السفينة باتريا، التي كانت ترسو في ميناء حيفا بالنزول في فلسطين، وأتاحت لهم بدلا من ذلك فرصة الذهاب إلى جزر موريشس. ثم ضغطت الوكالة اليهودية على الحكومة البريطانية، بدون أن يحقق ضغطها نجاحاً، وفي يوم الخامس والعشرين من الشهر نفسه قتل الانفجار 240 شخصاً من أولئك اللاجئين و12 شرطياً في عملية خطط لها الياهو غولمبو، وكان صديقاً حميماً ومساعداً مقرباً من بن غوريون. ) 

 

كيف تمت العملية؟

 

اختلفت الروايات عن أسماء من خطط و نفذ هذه العملية الإرهابية، وعن عدد الضحايا فيها، ولكن جميع الروايات أكدت أن وراءها كانت عصابات الهاغاناه بغية الضغط على سلطات الانتداب البريطاني للسماح لليهود المهاجرين بدخول أرض فلسطين..ولربما كانت الرواية التالية من أدق الروايات. عندما أوقفت سلطات الانتداب البريطاني في ميناء حيفا السفينة الفرنسية (أس.أس.باتريا) ولم تسمح لليهود المهاجرين غير الشرعيين بالنزول منها، أرادت المنظمات الصهيونية الضغط على سلطات الانتداب للسماح بإنزال المهاجرين، وأوكلت هذه المهمة للهاغاناه ، التي أقرت تفجير جزء من السفينة و قتل عدد من المهاجرين بغية منع تنفيذ القرار البريطاني بعدم السماح بدخول المهاجرين غير الشرعيين، ولمنع السفينة من مغادرة الميناء وتأليب الرأي العام في الغرب تجاه بريطانيا وإجبارها على السماح بهجرة اليهود لفلسطين دون قيد أو شرط وعدم ترحيل من جاؤوا إليها بالفعل .                                                        
  و كان المشرف على هذا العمل الإرهابي موشيه شاريت رئيس الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية آنذاك، والذي أوكل إلى الضابط إسحق صادح المسؤولية المباشرة على تنفيذها، هرَّبت عناصر الهاغاناة المتفجرات في أكياس من قماش إلى السفينة، ووضعت هذه المتفجرات قرب محركات السفينة، و قام هاتز فانفل ( الذي قتل في التفجير ) بعملية التفجير التي أحدثت فجوة كبيرة في السفينة ( قيل إن مساحتها 6 أمتار أو 12 متراً) و لم يستغرق غرق السفينة أكثر من ربع ساعة ، و كان من نتيجة هذا العمل الإرهابي قتل 260 شخصًا وإصابة 172 آخرين، وإعطاء تصاريح للبقاء لمن تم انتشالهم من البحر فاعتقلتهم السلطات
    البريطانية في معتقل عتليت، وأطلقت سراحهم بعد سنة   .

 

  كان من الناجين اليهود الذين لقوا المساعدة من الفلسطينيين، العديد ممن أصبحوا ضباطاً في العصابات الصهيونية أو ما يسمى الجيش الإسرائيلي وساهموا بالكثير من العمليات الإرهابية ضد الفلسطينيين .؟ منهم الياهو بردافكا مواليد عام 1925 م  وجيرهارد سنجر مواليد عام 1923م  واللفتنانت بيتر ماير مواليد عام 1919 م .

 

وللتغطية على هذا العمل الإرهابي قامت الحركة الصهيونية بإطلاق اسم(موليديت) على هذه السفينة وتعني بالعربية (الوطن) .؟ كما وضعت جزءاً من هذه السفينة في ما يسمى متحف الحربية الإسرائيلي .؟ و تقوم كل عام بإحياء ذكرى غرق السفينة .؟ 

 

لقد كان هذا العمل الإرهابي أول الأعمال الإرهابية التي نفذها الصهاينة ضد رفاقهم اليهود، ثم تبع ذلك سلسلة من النشاطات الإرهابية مثل تفجير السفينة أس.أس ستروما في البحر الأسود، والذي نتج عنه مقتل 769 مهاجراً يهودياً..