الحَقّ يُقال .. ليست تُرهات أحلام ... بقلم المهندس باسل كويفي ..

الحَقّ يُقال .. ليست تُرهات أحلام ... بقلم المهندس باسل كويفي ..

تحليل وآراء

السبت، ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٣

 لأننا لا نستطيع أن نعرف كلَّ العوامل ذات الصلة بنهج حياتنا، ولا نستطيع التكهُّنَ بالمستقبل، لذا نجد صعوبة في اتخاذ القرارات، مع العبء الإضافي المتمثِّل في وجود عدة مشاركين في صنع القرار، قد يكونوا مشاكسين وفق اختلاف محاور الصراع التي تكون ضدّ المصالح الوطنية إلاّ فيما ندر.
عندما لا نعرف شيئًا -سواء أكان عن المستقبل، أم الماضي، أم عن معنى الحياة، أم حتى عن طموحاتنا- فإن تلك الحالة تُسمَّى عدم اليقين؛ وهي حالة لا يمكن الفرار منها، مثلها مثل الموت والضرائب.
إن النظام الاقتصادي- الاجتماعي الذي من شأنه تسجيل التفاوت الكبير في الدخل وارتفاعاً حاداً في التضخم والانفاق ، هو ضد مصالح العمال والأسر العادية ، ويساهم في تأجيج نيران الشعبوية ، وتخبُّطٍ ونقصٍ في المهارات وتردُّد (وهو ما تقود إليه حالةُ عدم اليقين على الأرجح) وضَعْف، ولكن كل ما تعنيه الكلمة بالفعل يتلخَّص في وجود شيء لا نعلمه ، ممَّا يعني بدوره التكيُّف مع حقيقة أننا بينما لا نعرف كلَّ شيء، فهناك دائمًا «شيء» نعرفه؛ علينا الاستفادة ممَّا نعرفه بفاعليةٍ قدرَ المستطاع، أيضًا مع الاحتمالات ليقرِّر ، وتكمن مشكلةُ صنع القرار في كيفية تطبيق المبادئ نفسها بصورة أوسع نطاقًا على سلوكيات حياتنا ،
إن قدرًا كبيرًا من عدم اليقين الذي يشوب صنع القرار الفردي يتأتى من عدم معرفتنا بما نريد تحقيقه بالفعل من القرار، ومن نزعتنا للمبالغة في توقُّع المكاسب أو الخسائر المحتملة؛ ممَّا يؤثِّر سلبًا على عملية صنع القرار المتوازن.
ولصنع أي قرارٍ بطريقة عقلانية، نحن بحاجة الى المصداقية والثقة، حيث أن الهدف من أي قرارٍ هو الإقدامُ على فعل شيء أو تجنُّبُ فعله، أو أداؤه بصورة مختلفة؛ أما القرارات التي لا تؤدِّى إلى أي أفعال، فهي ليست بقرارات على الإطلاق .
وهكذا تتكوَّن مشكلةُ القرار الفردي من مجموعةٍ محتملة من الأفعال، ومجموعةٍ محتملة من نتائج هذه الأفعال، وبعضِ التقديرات لما يُحتمَل أن تكون عليه كل نتيجة -في حالة اتخاذ القرار- ونوع من تصنيفات التفضيلات للنتائج المحتملة؛ وتلك الأشياء هي جوهر المشكلة، أما ما يتبقَّى فهو إضافة بعض التفاصيل لجوانبها .
حيث تسرح مخيلاتنا في سرد بعض الخطوات المُغترض، باعتقادي ادراجها في سياسات التغييّر القادمة إن توفرت الإرادة اللازمة والنّية الصادقة والثقة بالقُدرات الجديدة  ، في شتى الاتجاهات ؛ وهي أفكار قد تكون جديرة بالملاحظة ؛  
-وضع خطط لتوزيع صلاحيات المؤسسات بشكل أفقي ، بدلاً من المركزية القابضة مع وضع تدريجي
وتفعيل تنفيذي ومباشر للادارات المحلية الحقيقية المنتخبة بشفافية والبعيدة عن المحسوبية والفساد ، بما يعزز المواطنة والمساواة .
-بسط سلطة الدولة السورية على جميع الجغرافيا السورية وفق عقد اجتماعي جديد ، متوافق عليه من الشعب السوري وبعيداً عن لوبيات واجندات خارجية ومصالح ضيقة خاصة .
-المسؤولون يتحلون بقدر كبير من الكفاءات والقدرات وتحمل المسؤولية، بدلاً من تعطيل العمل بانتظار توجيهات حسب ما يدعون
-تحديث المنظومة الاعلامية لتصبح أكثر قدرة على نقل هموم المواطنين ومعالجة الأزمات عبر الاستقصاء والنقد الذاتي والحوار المفتوح، وأن يكون الاعلام الوطني منفتح على جميع القوى السياسية بتوازن ودون إقصاء.    
-هيبة الحكم يصنعها العدل والبذل، والكفاءة في الإدارة، والنزاهة والإخلاص، ‏وإن السياسات القسّرية المختلفة في ممارستها ، تجلب النفور والصد ، وتصنع حول مؤسسات الحكم زمراً من موالين صوريين خاضعين ، لا ينصرون بلداً ، ولا شخصاً ، إنما هم عالة في كل وقت..
- التوسع في مفهوم المجتمع المدني والعمل التطوعي والخدمة الاجتماعية وربطها بالمؤسسات الجامعية للطلاب كنقاط ايجابية.
-تشكيل هيئة عليا مركزية للكوارث تهتم بكافة الحوادث الطبيعية والمفتعلة في كامل الجغرافية السورية ، ولها فروع في المحافظات والمراكز  ( للدراسة والتنسيق والتوقعات والتحذير والتخفيف من الاضرار والمساعدات الطارئة والعاجلة ..)
-التحول نحو برلمان منتخب وفق قانون انتخابي عصري وعادل بغرفتين، الاولى مجلس الشعب ( النواب وهم من النخب ) والثانية مجلس الشيوخ ( وجهاء وشخصيات وشرائح لم يتم تمثيلها )
-مؤسسة الجيش السوري ؛ للدفاع عن الحدود والسيادة الوطنية وتُجسد وحدة الشعب والارض تحت علم واحد وانتماء صادق وحيادية سياسية على مسافة واحدة من القوى والاحزاب السياسية الوطنية .
-المنظومة القضائية ، استقلال السلطة القضائية عن التنفيذية بشكل تام ، واستكمال أتمتة القضاء وتحديث القوانين لمؤامتها مع الدستور والاستفادة من تجارب الدول الاخرى ، لتحقيق المساواة والعدالة وسيادة القانون للجميع  .  
-المنظومة التنفيذية عبر تغيّير النهج والادارة واتخاذ القرار للمشاركة الحقيقية في تحمل المسؤولية ، بحيث تكون العين الساهرة على مصالح الشعب والمواطنين لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء والتعليم والصحة والسكن والخدمات .. وبما يحقق التوازن بين الدخل والانفاق للوصول الى رفاهة مقبولة للمواطنين ، مع التأكيد على الفصل بين السلطات وعدم التدخل فيما بينها .
-تحفيز إعادة تشكيل وتأهيل الاتحادات والنقابات بمختلف مسمياتها لتتواكب مع التحديث والتجديد والتطوير المنشود ، عبر الدمج والتوسيع والحَلّ والاستغناء بعيداً عن سياسات الترقيع التي كانت بعض أهدافها الاستمرار لضمان الولاء الذي اختلفت مفاهيمه عند اندلاع الحرب في سورية وعليها ، للتحول نحو مفهوم الانتماء المستدام .
-إعادة تقييم الأداء المؤسساتي خلال الفترة السابقة ومنذ استلام حزب البعث العربي الاشتراكي مقاليد الحكم في سورية وما نتج عنه من تغييرات عميقة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية .. في جوانبها السلبية والايجابية ، مروراً بفترة الحرب واختلاف وانقسام المجتمع السوري ؛ مع الاستفادة من الاحصائيات والبيانات الحكومية  الغير متوفرة  !!( الكتمان الحكومي ) والتي قد تكون محاولة للتغطية على قصور سياساتها واجراءاتها الاقتصادية والمالية والمعيشية والحمائية الاجتماعية  والتنموية .. والاستفادة من تجارب الدول التي حققت النهوض والانتعاش بعد مراحل الانهيار المختلف الاسباب ..
-المنظومة الوظيفية والتوظيف في القطاع العام والخاص والحد من العمالة الزائدة والتي تشكل هدراً للمال العام ولفرص الابداع وتدوير الانتاج لدى الموظفين والعمال باستهلاك جهودهم في دوام اداري عبثي بمعظمه دون النظر الى الاضرار الناجمة عن النقل والصرف والفساد وتدني الشعور بالمسؤولية .
-الحد من التدخلات والتجاوزات للاجهزة والمؤسسات الحكومية في حياة المواطنين وعملهم طالما كان ضمن الغايات المشروعة والقوانين المرعية  ، ومنع الاحتكار والغش وتقييد الحريات الشخصية في مجالاتها المتعددة بدءً بالاحتجاز التعسفي وانتهاء بمصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة باجراءات صارمة بعيدة عن روح القانون .
-التعليم وتفعيل تشغيل مؤسساته بالشكل الصحيح بما فيها المعاهد الفنية والتدريبية ، باعتبارها المولد الرئيسي للموارد البشرية اللازمة لادارة مستقبل المؤسسات الحكومية والخاصة .
-إحداث وزارات جديدة ( الشباب والرياضة - حقوق الانسان .. ) وإلغاء أو دمج وزارات اخرى نتيجة تغيير السياسات المتبعة ولضغط النفقات والحد من الفساد وتحمل المسؤوليات ، وسهولة الحصول على البيانات والإحصاءات ...
قد تبدو خيالات ، ولكننا نفكر في القادم من السنين والاجيال القادمة ، لرسم مستقبل زاهر لبلدنا وشعبه …
كل عام وانتم بخير ، بمناسبة عيد الميلاد المجيد
والى لقاء آخر … سيتحدث عن المتغيرات الدولية