من دماغ الطفل نبدأ.. بقلم: عبد اللطيف الزبيدي

من دماغ الطفل نبدأ.. بقلم: عبد اللطيف الزبيدي

تحليل وآراء

السبت، ٤ نوفمبر ٢٠٢٣

أين يكمن إخفاق المناهج العربيّة؟ المدخل الجيّد لمقاربة هذا الموضوع، هو الطفل الذي يضعه والداه على عتبة المدرسة في مطلع السنة الدراسية في المرحلة الابتدائية. لا ضرورة إلى الحديث عمّا قبل ذلك، فليست البلدان سواسيةً في النظر إلى الحضانة كجزء لا يتجزأ من نظام التربية والتعليم. من المستبعد أن يكون خبراء التربية وواضعو المناهج في العالم العربي، قد طرحوا على بساط البحث العلمي، قضيّةً من هذا القبيل: لماذا لا ننظر إلى الطفل منذ اليوم الأوّل في الابتدائية، على أنه دماغ فيه 86 مليار خلية عصبية، بينها 86 تريليون تشابك عصبي؟ بهذا المقياس: هل يعقل، إذا كان لديك حاسوب عملاق، أن تعامله بتحجيم وتقزيم، وتستخدمه لإجراء عملية حسابية مثل: ثلاثة وثلاثة يساوي ستة؟ ألا يتساءل التربويون العرب: كيف ينبغي لنا التسمّر عند طرائق التفكير التقليدية، وعدم القفز البرقيّ نحو تحويل الخيال العلمي إلى منهجية علمية واقعية، ونحن نرى أن أكبر علماء الفيزياء في العالم، ومعهم رواد العلوم العصبية، يجزمون بأن الدماغ البشري هو من دون شك أعظم وأعقد نظام في الكون كله؟ هم يدركون أيضاً أن بلوغ «الذكاء الاصطناعي العام» الذي سيصير ربما قبل عشر سنوات، منافساً أو معادلاً للذكاء البشري، سيتحقق له ذلك في مجالات معينة، بل هو جاوز الدماغ البشري بمراحل في القدرات الحسابيّة، لكن الحسابات الفائقة ليست كل شيء.
لماذا لا يعكف أساتذة التربية بجدّ على دراسة أن التعلم العميق وتفرّعاته، تجعل الآلة تطير نحو اكتساب الذكاء؟ سينبري لنا لفيفٌ منهم محتجّين بأن الدول المتقدمة بدورها لم تأت بعجائب في التعامل مع أدمغة الأطفال، كما لو كانت حواسيب. هذا احتجاج مردود عليهم، فنحن نحلم بمناهج عربية تعادل مناهج فنلندا وسنغافورة. عدم البحث عن سبل بديلة آفة الآفات، فأكثرية البلدان العربية قضت قرناً، ويزيد، في ادّعاء محاولة التقليد، ولم تنل المراد، لأن المساعي لم تكن جادّة، والحقيقة أن المسيرة كانت قهقرائية بيقين. لا شك في أن العوامل كانت داخلية وخارجية، وكانت النتائج خارقة على صعيد الإنشاء والشعارات.
ثمّة مساراتٌ لا مفرّ من وضعها على رأس أيّ جدول أعمال عند طرح قضايا التربية وارتباطها بالتنمية: لا وجود لأيّ تنمية حقيقيّة، لا تحتل فيها العلوم والتقانة الأساس والعمود الفقري في الوسائل والغايات، ولا سبيل إلى ضمان المسار والمصير السليمين الآمنين في ذلك، من دون إرساء قواعد راسخة ومرنة ومتطورة للمناهج.
لزوم ما يلزم: النتيجة العقلانية: إذا كانت للمناهج أبعاد استراتيجية، فهل يُعقل أن تمطر السماء بها العرب؟ عليهم إنجازها.