الدكتورة عاصي لـ الأزمنة: توقعاتي بالنسبة للزيادة المزمعة مبنية على تصريح لرئيس الوزراء.
أخبار سورية
الأربعاء، ٢١ يونيو ٢٠٢٣
تاريخيا لم تقر زيادة على الرواتب بأكثر من 50%.
أصبح الجدل حول رفع الرواتب والأجور ومصادر تمويلها بحكم الروتين الدوري للمواطنين والمسؤولين بسبب الارتفاعات المتواصلة للأسعار التي دائماً ما تلتهم الزيادات الخجولة وفقاً للمتاح بين أيدي الجهات المعنية من موارد توصف دائماً بأنها محدودة.. تصريحات تحدثت بها الدكتورة لمياء عاصي لإحدى وسائل الإعلام المحلية – شكلت لدى المتابعين العديد من الاستفسارات .. موقع مجلة الأزمنة نقلها للدكتور عاصي فكان معها الحوار الآتي :
بداية لنوضح للسادة المواطنين ماذا تقصدين بتصريحك الأخير ( لن يتمكن الموظفون من الاستفادة من زيادة الرواتب المرتقبة) ؟
الزيادة القادمة إذا صدرت , وكانت سترفع معدل التضخم وبالتالي استمرار ارتفاع الأسعار السلع والخدمات, فإنها بالتأكيد ستسهم بانخفاض القدرة الشرائية للمواطن ولن يستفيد من أي زيادة على الرواتب والأحور, الا اذا ترافقت بالسيطرة على معدل التضخم نحو الانخفاض وتثبيت سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.
في حديثي لموقع غلوبال , وفي الإجابة على سؤال حول تمكن الموظفين من الاستفادة من الزيادة على الرواتب , قلت بأن موظفي القطاع العام باتوا اليوم هم الأقل دخلا والأكثر هشاشة , بداية الاقتباس "حول السؤال هل سيتمكن الموظفون من الاستفادة من الزيادة، ومنع السوق والاسعار من التهامها، أجابت عاصي أن الأسعار بحالة ارتفاع دائم سواء حصلت زيادة على الرواتب أم لم تحصل، والموظفين في القطاع الحكومي والعام باتوا هم الأقل دخلا، والأكثر هشاشة في مواجهة متطلبات الحياة" , نهاية الاقتباس.
شكل لقائك الأخير مع إحدى وسائل الإعلام عدة علامات استفهام منها أن الزيادة المرتقبة ستكون على شكل قرض .. من البنك المركزي – يريد الكثير من المتابعين تفسيراً علمياً لهذا التصريح ؟
قد تلجأ الحكومة لتمويل الإنفاق الحكومي عادة الى وفورات الموازنة إن وجدت, وبما أن الموازنة العامة للدولة تعاني من عجز مالي كبير أي لا يوجد وفورات , سيكون أمامها أحد طريقين : الأول : هو الدين الداخلي , بأن تصدر سندات أو أذونات خزينة وتعتبر من أدوات الدين الحكومي , وتقوم البنوك العامة والخاصة والمؤسسات المالية بشراء هذه السندات لقاء فوائد على تلك الأوراق المالية والاستثمار في ديون الحكومة وهذا يجري في كل دول العالم , أما الخيار الثاني : فهو أن تصدر وزارة المالية "سندات الدين العام " وتقترض من المصرف المركزي, وهو ما يسمى بالتمويل التضخمي أو التمويل بالعجز, ولهذا النوع من التمويل السهل سلبيات كثيرة أهمها: أنه يؤدي الى رفع معدل التضخم وتخفيض قيمة العملة.
سؤال أخر من أحد المتابعين ... لو عادت الدكتور لمياء عاصي للحكومة مجدداً ماهي القرارات التي ستقومين باتخاذها لتحسين الواقع المعيشي للمواطنين ؟
عندما نتحدث عن الواقع المعيشي فإننا نقصد كثيرا من الجوانب والقطاعات, مثل الدخول الشهرية و الخدمات التي تقدمها الدولة مثل التعليم والصحة والنقل والقطاع الزراعي المؤثر بشكل رئيسي على المستوى المعيشي, كل هذه الجوانب لا يمكن مقاربتها من خلال إصدار قرارات من شخص واحد فقط, بل لا بد من رؤية وإصلاح اقتصادي شامل, ورخلة الإصلاح والنهوض طويلة, تبدأ بإصلاح الدخول الشهرية كشرط لازم وغير كافي, بوصلة واحدة لكل القرارات والإجراءات المتبعة في هذا الإطار هي تشجيع وزيادة الإنتاج وتخفيض معدل التضخم و تثبيت سعر الصرف , إضافة الى سياسات كثيرة منها : كسر هيمنة الاحتكار ورفع كفاءة الإنفاق العام, سواء من حيث الإنفاق على السلع والخدمات المدعومة وغيرها أو المشاريع والمشتريات الحكومية التي يشوبها الكثير من الهدر والفساد, كما أن رفع سوية تحسين إدارة الممتلكات العامة للدولة يجب أن تكون على رأس اهتمامات الحكومة, حيث أن العوائد على ملكيات كثيرة للدولة زهيدة جدا ولا تتماشى مع الواقع الحالي , والسبب الأساسي هو تبعثر إدارة هذه الملكيات وتوزعها بين جهات كثيرة, كما أن مؤسسات اقتصادية حكومية كثيرة تعاني من خسائر مزمنة وتصيب الاقتصاد الوطني بالأنيميا الحادة نتيجة النزيف المستمر الذي تسببه للخزينة العامة. كلمة أخيرة , أن اقتصادنا المنهك وحالنا المعيشي المزري هو ثمن سياسات نقدية واقتصادية خاطئة اتخذت في السنوات الأولى لبدء الأزمة.
أشرتِ في لقائك إلى أن الزيادة المرتقبة ستكون بين 35% أو 40% هل النسبة التي تم ذكرها من مصدر رسمي أو قراءة اقتصادية لشخصك الكريم ؟
الحقيقة أن توقعاتي بالنسبة للزيادة المزمعة , مبنية على تصريح لرئيس الوزراء في اجتماع اتحاد العمال , بأنه " لا يوجد موارد تسمح بمنح أي زيادة على الرواتب والأجور،
بقوله "منين ...؟؟؟؟" وبالتالي فإن هذا التصريح , ينبئ بأنه لا يمكن تمويل الزيادة من مصادر حقيقية أو وفورات في الموازنة، ومعروف أن الموازنة العامة للدولة أصلا تعاني من عجز مالي كبير، وبما أن الزيادة إن حدثت تكون قد أقرت لتلبية ضغوط كبيرة من العاملين الذين باتوا يعانون الأمرين في تأمين مستلزمات العيش الضرورية, وبما أن التمويل في الغالب سيكون تمويلا تضخميا , فقد توقعت أن النسبة ستكون بحدود 40% ليس أكثر, وتاريخيا لم تقر زيادة على الرواتب بأكثر من 50% , أما أذا توقعنا الزيادة بما يلبي المتطلبات الضرورية لمستوى المعيشي المعقول فإن الزيادة يجب أن تكون بحدود المليون ونصف ليرة على الأقل ,دون ارتفاع على الأسعار الحالية لمختلف السلع والخدمات.
دمشق – الأزمنة –إعداد وحوار محمد أنور المصري