من تحت الطاولة.. دول شاركت في فرض الحصار الاقتصادي على سورية بدأت بالتشبيك معها مجدداً

من تحت الطاولة.. دول شاركت في فرض الحصار الاقتصادي على سورية بدأت بالتشبيك معها مجدداً

مال واعمال

الأربعاء، ٢ يناير ٢٠١٩

منهل الصغير:
بعد بدء مؤشرات زوال الحرب وتداعياتها الاقتصادية وخاصة في ظل توافد بعض الدول التي شاركت في الحصار الاقتصادي إلى البلاد من أجل إعادة التشبيك مجدداً سواء أكان ذلك من تحت الطاولة أم على المكشوف، صار من الضروري التفكير في آلية معينة من أجل فك العقوبات الاقتصادية أو على الأقل التخفيف من وطأتها، وخاصة أن الاعتماد على العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة فقط على أهميتها لا يكفي لإعادة الحركة الاقتصادية إلى سابق عهدها كما كانت قبل 8 سنوات.
الاستيراد والتصدير الذي يعد عصب الحياة الاقتصادية لأي دولة، انخفض مؤشرهما إثر إغلاق المعابر الحدودية والتدابير القسرية أحادية الجانب، ما قلل من تنافسية المنتجات السورية في الأسواق الخارجية وأصبحت بحاجة إلى إعادة فرض هيبتها في الأسواق الدولية لتعود إلى مكانتها السابقة، وهنا نتساءل: هل بدأت الحكومة في إجراءاتها لرفع الحظر الاقتصادي في استكمال منطقي لحالة التعافي وإن كان بطيئاً التي يشهدها الاقتصاد المحلي في هذه الأوقات بعد الإنجازات الميدانية التي حققها الجيش العربي السوري.
حراك حكومي
رفع العقوبات الاقتصادية بحاجة إلى حراك حكومي فعال فبعد مرور سنوات من الانقطاع عن الأسواق الخارجية طرحت خلالها منتجات بديلة عن المنتج السوري، تؤكد رانيا الأحمد معاونة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لـ«تشرين» أن الحكومة استنهضت كل أذرعها الدبلوماسية والاقتصادية لتسليط الضوء على العقوبات المفروضة والتي نتج عنها معاناة الشعب ولاسيما الأشد تضرراً في الأزمة.
الحراك الحكومي في سبيل رفع العقوبات تمثل -حسب معاونة الوزير- بتسليط الضوء في المنابر الدولية والاجتماعات التي تتم مع الوفود الخارجية إضافة إلى المباحثات ذات الطابع الاقليمي أو الدولي على حقيقة هذه العقوبات وعلى الغاية الأساسية من فرضها باعتبارها أداة من أدوات الحرب التي تم استخدامها لإضعاف البلد والنيل من مقدراته.
وأشارت الأحمد إلى أن اعتماد التوجه شرقاً من خلال تعزيز التعاون مع الدول الصديقة ساهم في خلق مناخ دولي داعم لسورية من قبل مجموعة من الدول التي عملت بشكل حثيث طوال سنوات الأزمة على طرح الموضوع في المنابر الدولية مطالبة برفع العقوبات الاقتصادية باعتبارها تشكل انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان، مبينة أن هذه الدول عملت على الحد من اتخاذ تدابير قسرية إضافية، وخاصة مع تحسن الأوضاع الأمنية التي شكلت أرضية داعمة لمعظم الدول لرفع عقوباتها.
الإنتاج المحلي
الإنتاج المحلي الذي يعتمد على استيراد بعض المواد الأولية انخفض إثر العقوبات المفروضة التي تركزت حسب معاونة وزير الاقتصاد على تقويض البنية التحتية للاقتصاد السوري بما فيها البنية التجارية من خلال فرض الجزاءات أي تقيد عمليات الاستيراد والتصدير ولاسيما فيما يتعلق بالسلع والمعدات الطبية والأدوية، إضافة إلى المواد الكيميائية والآلات وغيرها، إلى جانب تقييد العمليات التأمينية وفرض عقوبات على شركات أجنبية عاملة في سورية وتعليق البرامج التنموية التي كان ينفذها الاتحاد الأوروبي, فضلاً عن تقييد الاستثمار الخارجي والتعامل مع الشركات والمؤسسات السورية.
وأضافت الأحمد لـ«تشرين»: إن التدابير القسرية طالت جميع القطاعات الحكومية بما فيها الخدمية ما نتج عنها ارتفاع تكاليف نقل المواد وزيادة تكاليف استيرادها وأسعارها، إضافة إلى إضعاف الميزة التنافسية للصادرات السورية وانخفاض القدرة التصديرية.
العقوبات الاقتصادية ساهمت في تحول جزء من الطلب على العملة الأجنبية في السوق النظامية إلى السوق السوداء، ونتج عنها توقف نسبة كبيرة من المنشآت عن العمل مع عرقلة تطور بنية وتركيبة العديد من القطاعات الإنتاجية وغير الإنتاجية, وما صاحب ذلك من ارتفاع في معدل البطالة والتضخم وتأثير ذلك كله في الانتاج المحلي الإجمالي وبشكل خاص في عام 2013 حيث تراجع الناتج المحلي بشكل كبير مقارنة مع عام 2010.
احتكار التجار
العقوبات الاقتصادية شكلت أرضية خصبة لاحتكار بعض المنتجات عبر استيرادها من قبل تاجر معين، وتالياً فإن رفع العقوبات سيكون له تأثير مباشر في مكافحة الاحتكار وهذا ما أكدته الأحمد قائلة: إن «رفع العقوبات سيساهم بشكل كبير في إعادة تهيئة المناخ الطبيعي لتنشيط الحركة التجارية استيراداً وتصديراً، الأمر الذي يعني تعزيز القدرة على مكافحة العديد من الممارسات الضارة بالتجارة كالاحتكار»، مشيرة إلى أن «السياسات التي انتهجتها وزارة الاقتصاد فيما يتعلق بالاستيراد يصب في إطار مكافحة الممارسات الاحتكارية».
علاقات اقتصادية وثيقة
غالباً ما تكون لكل دولة علاقة اقتصادية وثيقة مع دولة معينة وتكون بحاجة إلى استمرار هذه العلاقة لمصلحة الطرفين، ولكن الأحمد رأت أن المسألة ليست حاجة من طرف واحد وإنما مصلحة متبادلة لأي دولة في العالم ضمن الحيز الجغرافي الذي تشغله لأن تكون العلاقات مع دول الجوار المحيط بها على أفضل ما يرام بالدرجة الأولى.
مضيفة: إن «تضرر المعابر الحدودية ساهم بشكل شبه تام في مرحلة من المراحل بزيادة معاناة السوريين ولاسيما اقتصادياً، ما أثر سلباً في دول الجوار كما أثر في سورية»، منوهة بأن «إعادة العلاقات مع أي دولة ستكون بوصلته المصلحة الوطنية».
لسنا فقط المتضررين!
العقوبات الاقتصادية لم تكن انعكاساتها سلبية فقط على سورية وإنما أيضا على دول أخرى، حيث قالت معاونة وزير الاقتصاد: إن «العقوبات انعكست سلباً على العلاقات التجارية والاقتصادية مع الدول الأخرى، فمن الجانب التصديري كانت الصادرات السورية وجهتها نحو سوق الاتحاد الأوروبي وتلبي متطلباته واحتياجاته ومع تطبيق التدابير القسرية، فقدت المنتح السوري الذي بدأ أيضاً يسلك وجهات أخرى, ويتم العمل على فتح أسواق جديدة للمنتجات السورية والعمل على بناء شبكة من العلاقات الدولية، وفقدت الدول الغربية التي كانت مصدراً للعديد من الآلات وخطوط الإنتاج في سورية التعاون لمصلحة التوجه نحو أسواق بديلة».
نشرين