ماذا حقق قانون الاستثمار الجديد للاقتصاد السوري؟ … دياب: النتائج لا تلبي طموحاتنا.. وحوافز إضافية لمشاريع الطاقة المتجددة

ماذا حقق قانون الاستثمار الجديد للاقتصاد السوري؟ … دياب: النتائج لا تلبي طموحاتنا.. وحوافز إضافية لمشاريع الطاقة المتجددة

مال واعمال

الأحد، ١٥ مايو ٢٠٢٢

جلنار العلي
يُقاس نجاح أي قانون أياً كان نوعه بالصدى الذي يحققه بعد مرور فترة معينة من الزمن، وبمدى تلبيته للآمال والأهداف التي وُضِعَ من أجلها، وتغلبه على الظروف المحيطة به لخلق واقع جديد. بناء على ما سبق، يحق للجميع التساؤل عن قانون الاستثمار الجديد الذي صدر بتاريخ 19 أيار من العام الماضي وهل حقق الأهداف التي نص عليها بخلق بيئة استثمارية تنافسية لجذب رؤوس الأموال وتوسيع قاعدة الإنتاج لزيادة فرص العمل؟
خَلَقَ واقعاً مغرياً للمستثمرين
التقت «الوطن» مدير هيئة الاستثمار السورية مدين علي دياب الذي أكد أن القانون أعطى حوافز كبيرة للمستثمرين كالإعفاءات الجمركية والحوافز غير الضريبية، وذلك على الرغم من التحديات والعقوبات الاقتصادية التي عمد إلى تحويلها لفرص استثمارية، وبناء على ذلك تم تقديم الكثير من التضحيات بالموارد بالنسبة للمستثمرين، واصفاً الواقع الذي خلقه هذا القانون بالمغري.
وأكد دياب أن الهيئة منحت 25 إجازة استثمار منذ صدور القانون بتكلفــة 1251.5 مليار ليرة، 21 إجازة منها في القطاعات الصناعية الغذائية والاستخراجية والكيميائية والدوائية وأربع إجازات في قطاع الكهرباء والطاقة، وقد كان لمحافظة ريف دمشق 13 مشروعاً ولحماة أربعة مشاريع، وثلاثة مشاريع في حمص وأربعة في اللاذقية وحلب ومشروع واحد في السويداء، مضيفاً: وفيما يخص الاستثمارات الخارجية فلدينا رجال أعمال جاؤوا للاستثمار في سورية من دول الخارج وأكثرهم من العراق والإمارات وإيران.
وأشار دياب إلى أن القانون خصص حوافز إضافية للقطاعات المميزة كمشاريع الطاقة المتجددة، حيث وصل التخفيض الضريبي إلى 50% وذلك لمدة عشر سنوات، إضافة إلى منح إعفاءات جمركية تصل إلى 100%، كما أن المجلس الأعلى للاستثمار استثنى هذه المشاريع من شرط الحصول على رخصة من وزارة الكهرباء في حال أقيمت بالمدينة الصناعية، مؤكداً أن أي مشروع يتم ترخيصه ضمن المدن الصناعية يحصل على تسهيلات كبيرة ودعم حكومي.
لا تلبي أحلام الهيئة
واعتبر مدير الهيئة أن حجم الإجازات الممنوحة لا يلبي طموحات وأحلام الهيئة، فلو كانت هناك انفراجات لكانت الاستثمارات هائلة، مضيفاً: يجب ألا ننسى أن هذه المشاريع حصلت على إجازات الاستثمار خلال فترة 30 يوماً فقط، في الوقت الذي كان ذلك يحتاج إلى عام كامل على أقل تقدير، موضحاً أنه وبمجرد الحصول على إجازة الاستثمار يستطيع المستثمر البدء بتنفيذ المشروع واستيراد الآلات والتجهيزات وكل ما إلى ذلك.
وبيّن دياب أن جميع هذه المشاريع ليس لها أي منتج حالياً، لكونها في طور التأسيس وتجهيز البنى التحتية، علماً أن أي مشروع جديد يحتاج إلى فترة تأسيس تتراوح بين عام وخمسة أعوام وذلك حسب نوعه وضخامته.
2048 فرصة عمل جديدة
وتوقع دياب أن توفر هذه الاستثمارات 2048 فرصة عمل، موضحاً أنه لم يتم تعيين إلا جزء من هؤلاء العمال وذلك وفق الحاجة الحالية في مرحلة التأسيس، أما البقية فسيتم تعيينهم تباعاً خلال مراحل تطور المشاريع، ووفقاً لذلك لا يمكن لمس زيادة الاستهلاك في الأسواق والكتلة المالية التي ستضخ جراء أجور هؤلاء العمال بالشكل الفعلي إلا عندما تبدأ هذه المشاريع بالإنتاج.
وأكد مدير الهيئة وجود الكثير من الفرص الاستثمارية للصناعات الاستخراجية والصناعات التحويلية، متوقعاً مزيداً من الإقبال بالنسبة للمستثمرين والدليل على ذلك حجم طلبات مشاريع الاستثمار المقدمة، مضيفاً: نحن نجذب المستثمر الجدي فقط، حيث أصدرنا قراراً بعدم جواز التنازل عن المشروع إلا لحين الإنتاج الفعلي، وبذلك نكون قد قطعنا الطريق على السماسرة والوسطاء، مشيراً إلى أن الحكومة أعطت اهتماماً كبيراً للاستثمار، والدليل على ذلك أن المجلس الأعلى للاستثمار يجتمع شهرياً بشكل دوري لمناقشة جدول الأعمال الذي تم وضعه وعرض الصعوبات والمعوقات التي تعترض عمل المستثمر، لافتاً إلى أن هذا المجلس يناغم بين كل الجهات الحكومية لتكون قراراتها متوافقة لمصلحة القانون، لكونه يضم حاكم مصرف سورية المركزي ووزير المالية إضافة إلى ممثلين عن الجهات الأخرى المعنية.
لا يعد إنجازاً
من جانبه تساءل الخبير الاقتصادي عامر شهدا في تصريح لـ«الوطن» عما إذا كان هناك بالفعل بنى تحتية صالحة لاستقدام استثمارات جديدة في ظل الاختناقات بتأمين روافع الطاقة وتوريد المشتقات النفطية وعدم وجود عمالة نتيجة الهجرة، والدخول الضعيفة غير القادرة على خلق مستهلك لما ستنتجه هذه المشاريع الاستثمارية وتراجع الطلب في الأسواق، معتبراً أن قانون الاستثمار الجديد لا يعد إنجازاً وإنما وسيلة فقط للوصول إلى غاية يجب أن تتوفر لها كل البنى التحتية التي تساعد على تحقيق أهدافها.
الوضع لا يشجع مستثمري الخارج
ويرى شهدا أن دخول استثمارات جديدة يؤدي إلى طرح كتلة نقدية جديدة للتداول في الأسواق التي تعاني أساساً من حالة تضخم كبيرة فكيف إذا تم طرح هذه الكتلة؟ لافتاً إلى جانب أغفله دارسو هذا القانون برأيه، وهو عدم تحديد نسبة التضخم المسموح بها للوقوف عندها، مستغرباً من طرح قانون الاستثمار في سوق يعيش حالة ركود تضخمية، وفي ظل دراسة اقتصادية ضبابية غير واقعية ولا تمت للواقع بصلة، مؤكداً أن الوضع الحالي لا يشجع أي مستثمر في الخارج لدخول سوق العمل وخاصة إذا كان متابعاً للتقارير والوضع الاقتصادي السوري، فعندما يقرأ قانون الاستثمار ويقارنه بوضع البنى التحتية والوضع المعيشي للمواطن ستزداد مخاوفه من عدم المصداقية وسيكون حذراً قبل الدخول للسوق، وذلك سببه عدم الواقعية في الطرح، مشيراً إلى أن أي مستثمر عند دراسته للسوق التي يريد الدخول إليها يجري حساباً لعدد السنوات التي يحتاجها لاسترداد رأس المال وهذا الأمر مرتبط بالاستهلاك فبقدر ما يكون الاستهلاك كبيراً تكون سنوات استرداد رأس المال أقل، مؤكداً أن دخول الاستثمار يحتاج إلى وجود أسواق للتصدير والاستهلاك وهذا غير موجود.
قانون عصري أمام وضع اقتصادي مترد!
ولفت شهدا إلى أنه كان من الأجدى ترتيب البيت الاقتصادي الداخلي من خلال استثمار المتاح، فالفرص متوافرة لإنشاء مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر والتوسع بالزراعة والطاقة البديلة، لخلق نشاط اقتصادي وذلك ليصبح الأمر مشجعاً أكثر من صياغة قانون استثمار عصري أمام وضع اقتصادي مترد.
قانون وُلِدَ ضعيفاً!
الصناعي ورجل الأعمال فواز عجوز اعتبر أن قانون الاستثمار الجديد وُلِدَ ضعيفاً في ظل الوضع الاقتصادي السيئ وندرة وجود مقومات الاستثمار الأساسية وهي الكهرباء والمازوت والغاز، مشيراً إلى أن هذا القانون لم يحقق أهدافه إطلاقاً ولم يستطع أيضاً جذب مستثمرين من الخارج، ناهيك عن التخوف من الأوضاع السائدة حالياً، ما يؤدي إلى الإحجام عن الاستثمار.
وأكد عجوز أن معظم الدعوات لاستقطاب المستثمرين في الخارج سواء كانوا سوريين أم غير ذلك، لم تجنِ ثماراً، فمثلاً فشلت اللجنة الاقتصادية التي ذهبت إلى مصر في العام الماضي بإقناع المستثمرين بالعودة إلى سورية، فكيف سيقتنع هذا المستثمر بذلك وهو يعلم أنه يحتاج إلى 24 ساعة وقوف على محطات الوقود لتعبئة البنزين لسيارته الشخصية في حلب؟
ووصف عجوز القانون بأنه رائع ولكن ما يعوق تنفيذه الظروف الاقتصادية السيئة والفساد المنتشر بكثرة، هذه الأمور التي تسببت بخسارة الكثير من صناعيي الداخل وجعلت أولوياتهم تتمثل في السفر وليس الاستثمار الداخلي، مستغرباً من التهليل لـ25 مشروعاً استثمارياً منذ صدور القانون، ومعتبراً أن هذا الرقم قليل جداً فيجب ألا يقل العدد عن 5000 مشروع استثمار يعمل بالفعل، مضيفاً: نحن لسنا بحاجة إلى أرقام على ورق فقط.
ويذكر أن المجلس الأعلى للاستثمار عقد اجتماعاً يوم الخميس الماضي برئاسة رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس الذي شدد على متابعة تنفيذ مشروعات الاستثمار وفق البرامج الزمنية المحددة، وأهمية توزع المشروعات على كامل الجغرافيا وتنويعها بمختلف المجالات وبما يراعي الإمكانات المتوافرة في كل محافظة، كما استعرض المجلس مجموعة من المشروعات بمجالات مختلفة يجري التنسيق فيها مع وزارة الصناعة للحصول على الترخيص الصناعي.
وتركزت المداخلات في الاجتماع حول ضرورة تشجيع الاستثمار في مجال توليد الطاقة الريحية، وإيلاء الاهتمام لمشاريع التصنيع الزراعي والاستثمار في قطاع الثروة الحيوانية والإسراع بإعداد الخريطة الاستثمارية في كل القطاعات.
الوطن