أصحاب ورش تصليح السيارات يعودون إلى شوارع العاصمة..فهل تعجز محافظة دمشق عن إيجاد الحلول الناجعة؟!

أصحاب ورش تصليح السيارات يعودون إلى شوارع العاصمة..فهل تعجز محافظة دمشق عن إيجاد الحلول الناجعة؟!

الأزمنة

الأحد، ١٨ أكتوبر ٢٠١٥

الأزمنة| رولا نويساتي
قبل قرابة ستة أشهر قامت محافظة دمشق بإنذار أصحاب ورش تصليح السيارات الذين افترشوا أرصفة العاصمة ومراكز المدينة كمقرات لورشهم بعد أن تهجروا من محلاتهم وورشهم في منطقة القدم وحوش بلاس وراحوا يبتغون الرزق في تلك الأماكن، ما ساعد على انتشارهم هو قلة رأس مال هذه المصلحة، ؛حيث إنها لا تحتاج سوى لبضعة مفكات ومفاتيح بالإضافة إلى بعض القطع الصناعية الصغيرة المساعدة في العمل حتى يتمكن صاحب هذه الورشة أو تلك من مزاولة عمله...
وقد عملت محافظة دمشق على إعداد أرض في منطقة حوش بلاس وهيأتها بالبنية التحتية من ماء وكهرباء وصرف صحي وذلك حسبما أفاد به المهندس مازن فرزلي مدير دائرة الخدمات في محافظة دمشق في تصريحٍ سابق لمجلة الأزمنة حيث قال: إنه تم تخصيص أماكن في منطقة حوش بلاس لأصحاب الورش وتم تسجيل أسمائهم وتحديد مساحات معينة لكل ورشة ومن دون أي مقابل وتحت إشراف دائرة خدمات القدم....
وفعلاً انتقل أصحاب الفعاليات الصناعية والورش إلى تلك المنطقة، لكن ما لبثوا أن عادوا بعد مدة زمنية قصيرة إلى سابق عهدهم وتناثروا في شوارع العاصمة من جديد لتعود أزمة المرور الخانقة التي تسببها السيارات المعطلة والمركونة على جوانب الشوارع بطرق عشوائية ولتطفوا على سطح المشكلة عدة تساؤلات:
لماذا عاد أصحاب هذه الورش إلى شوارع العاصمة مرةً أخرى؟
وأين  محافظة دمشق لمعالجة المشكلة قبل أن تتفاقم من جديد؟
وهل كانت حوش بلاس كما وصفها المعنيون من أنها جاهزة لاستقبال أصحاب ورش إصلاح السيارات فعلاً؟
تعالوا معنا لنتابع الإجابات عن هذه الأسئلة مع المعنيين بالموضوع...
على لسان أصحاب المشكلة
عندما تحدثت محافظة دمشق عن إعداد أرض في منطقة حوش بلاس توسمنا خيراً، فكثيراً ما تعرضنا لمضايقات أصحاب المحلات في منطقة البرامكة وزقاق الجن بسبب وقوفنا لإصلاح السيارات أمام محلاتهم ومتاجرهم، لكن بعد أن ذهبنا إلى تلك المنطقة المزعومة – حوش بلاس- تنفيذاً لقرار محافظة دمشق صدمنا هناك، فالمحافظة خصصت لكل ورشة مساحة لا تتعدى 16 متراً مربعاً، أي إنها بالكاد تتسع لسيارة واحدة فقط، وفوق كل ذلك لم تلبث سوء الخدمات أن طفت على السطح وصارت بمثابة عقبات تعيق عملنا، فلا ماء ولا كهرباء، ناهيك عن بعد المسافة من قلب العاصمة إلى حوش بلاس، وهذا الأمر يدفع بالزبائن إلى البحث عن ورش لإصلاح سياراتهم ضمن العاصمة ومراكز المدينة في منطقة البرامكة أو زقاق الجن وحتى دف الشوك أو كفرسوسة، فهذه الميزة وحدها توفر على الزبون ما يقارب الـ 1500 ليرة سورية ثمن بنزين مقابل ذهاب وإياب من حوش بلاس وإليها، حيث من الممكن أن يكون عطل سيارته لا يتجاوز هذه القيمة أساساً، فلماذا يحمل على عاتقه كل هذا العناء... هذا ما قاله (أبوعادل) صاحب إحدى الورش العائدة من حوش بلاس إلى زقاق الجن في البرامكة...
أما السيد (أبوفياض) فيقول: محافظة دمشق تتبع سياسة الخيار والفقوس في قراراتها، فهي تلزم بعض الناس بها وتتجاهل البعض الآخر، فعلى سبيل المثال، لماذا لم يتم ترحيل الورش في منطقة كفرسوسة إلى حوش بلاس أسوةً بورش البرامكة وزقاق الجن؟ مازال هناك أيضاً ورش لإصلاح وبخ السيارات في حارات الزاهرة القديمة والحديثة ما زالت تفترش الشوارع وتعمل هناك، لم يقترب أحد منها حتى الآن... هذه التصرفات ستدفع بزبائننا إلى قصد تلك الورشات وتوفير عناء الوصول إلى حوش بلاس، وخاصة في مثل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد...
فيما قال (أبوسعيد) : دائماً يكون هناك تشدد في تنفيذ القرارات عقب صدورها، لكن سرعان ما تتراخى الجهات المعنية في متابعة تنفيذ قراراتها الصادرة عنها لتعود المشكلة بعد مدة قصيرة من الزمن إلى سابق عهدها، وهذا ما حصل معنا...
أما عن عزوف الناس عن إصلاح سياراتهم في منطقة حوش بلاس فقد عزا (أبو سعيد) الأمر إلى عدة أسباب نذكر منها الظروف الأمنية الصعبة وقصص خطف السيارات في المناطق النائية التي يتداولها الناس، وبُعد المسافة بين المدينة وحوش بلاس، وغلاء البنزين، كل ذلك دفع بأصحاب السيارات إلى البحث عن ورش قريبة من أماكن سكنهم أو عملهم لإصلاح سياراتهم، وهذا ما دفع ببعض الورش بالعودة إلى قلب العاصمة في البرامكة وزقاق الجن وكفرسوسة ودف الشوك والزاهرة وغيرها وافتراش الأرصفة لأنها ذات أكثر جدوى من تلك المنطقة النائية، ليلحق بهم باقي ورش إصلاح السيارات عندما ساءت أوضاعهم المادية للأسباب التي ذكرناها آنفاً...
فيما قال (أمجد): بتنا نخاف على نفسنا من العطالة، وإذا بقينا في هذه المنطقة (حوش بلاس) فسنصبح كذلك دون شك، وقد كرر (أمجد) أسباب عزوف الزبائن عن إصلاح سياراتهم في حوش بلاس والتي سبق ذكرها، لكنه أضاف: إن السيارة التي كانت تحتاج يوماً واحداً إلى إصلاحها أصبحت تحتاج إلى أربعة وخمسة أيام وأحياناً أسبوعاً كاملاً بسبب انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، وأضاف (أمجد) قائلاً: إن كانت محافظة دمشق غير قادرة على إلزام كامل الورش بالانتقال إلى حوش بلاس فلا داعِي لتطبيق القرار أساساً، وختم أمجد قوله بأنه يتمنى على محافظة دمشق إيجاد أرض قريبة من مركز المدينة وتقوم بتخصيصها لأصحاب ورش إصلاح السيارات حتى وإن دفعوا رسوماً مقابل وقوفهم فيها.
كلام مسؤول
وفي تصريحٍ للمهندس بشار إبراهيم رئيس دائرة خدمات حوش بلاس قال:
هذه المنطقة تتألف من 32 كتلة، منها 20 كتلة للسيارات الصغيرة، و12 كتلة للسيارات الثقيلة(الكبيرة)، وقد عزا المهندس إبراهيم عودة أصحاب الورش إلى شوارع العاصمة لعدم وجود جدوى اقتصادية للعمل في حوش بلاس نظراً لارتفاع التكاليف مقابل الأرباح، وأضاف إبراهيم: إن الخدمات في المنطقة متوافرة وجيدة، وأكد حرص البلدية على توفير الماء والكهرباء والعمل على نظافة المنطقة قدر الإمكان ضماناً لاستمرار عمل أصحاب الورش وتقديم خدمة إصلاح السيارات للزبائن على أتم وجه، وأشار إبراهيم إلى أن المنطقة عادت تضج بالحياة من جديد مؤكداً ضرورة تطبيق قرار محافظة دمشق وتنفيذه بشكلٍ حازم بنقل جميع الورش إلى حوش بلاس، فعندما يدرك المواطن أنه لن يجد من يصلح سيارته سوى في تلك المنطقة سوف يتجه إلى هناك مضطراً، ولذلك يجب تكثيف حملات إزالة الورش من قلب المدينة، وتشديد العقوبات على المخالفين مقابل تقديم تسهيلات في المنطقة المذكورة من قبل البلدية، حيث شرعت هذه الأخيرة على تقديم التسهيلات فعلاً لأصحاب الورش كالسماح لهم بوضع الشوادر أو أي شيء آخر يراه صاحب الورشة مناسباً لحماية معداته وأدواته، بالإضافة إلى وضع ساعة كهرباء واحدة ومشتركة بين كل محلين(ورشتين) لضمان سهولة العمل وسيره بالشكل المناسب....
لنا كلمة
من خلال استطلاع آراء الحرفيين نلاحظ وجود هوة كبيرة بين محافظة دمشق والحرفيين من خلال تجاهل المحافظة للدورالأساسي لها بتنظيم مهنتهم وأماكن عملهم، وغياب المتطلبات الأساسية للعمل، وانتفاء العدالة في توزيع الأماكن المخصصة في الساحات، وتحميل الحرفيين المهجرين من مجمع القدم الصناعي أكثر من طاقتهم لمكان شبه مدمر منذ سنوات خلت، فهل سنرى المحافظة تبحث عن حلولٍ أكثر جدوى لمساعدة هؤلاء الحرفيين إذا ما عادوا إلى حوش بلاس، وتعمل بتشاركية مع الحرفيين،أم إنها ستبقى تمعن النظر من منظورها الخاص، سؤال يطرح نفسه، والحرفيون بانتظار الجواب؟