في موسم الزيتون:  الفلاح الحوراني ضحية السوق بين سمسرة وتاجر..! العديد من المعاصر

في موسم الزيتون: الفلاح الحوراني ضحية السوق بين سمسرة وتاجر..! العديد من المعاصر "out" وتنكة الزيتون بـ18 ألف ليرة للممتاز

الأزمنة

الاثنين، ١٦ نوفمبر ٢٠١٥

محمد العمر
يشغل محصول الزيتون والعمل به أهمية كبيرة بالمحافظة، إذ شكل محصول الزيتون، ثاني أهم المحاصيل الزراعية المدرة للدخل بعد محصولي القمح والبندورة، كونه يعمل به العديد من الايدي العاملة ويشغل أسراً وعائلات كثيرة، حيث بات المزارع في درعا يقطف في العام الواحد نتاج محصولين، القمح  في شهر حزيران، والزيتون في شهري تشرين الأول وتشرين الثاني، ما أدى إلى تحسين وضعه الاقتصادي والمادي، وانعكس إيجاباً على مستوى معيشته.
وقد  شهدت زراعة الزيتون بالمحافظة  خلال العقدين الماضيين تطوراً كبيراً، فازدادت المساحات المزروعة بهذه الشجرة المباركة، وتطورت وسائل العناية بها، ما أدى إلى زيادة  كبيرة في كميات الإنتاج، وتحسين نوعيته، وأصبح هناك فائض عن الاستهلاك المحلي سواء في مادة زيت الزيتون أو في زيتون المائدة الذي أصبح يباع في أسواق المحافظات الأخرى.
توقف العديد من المعاصر..!
المهندس الزراعي، عدنان ابو نقطة  من طفس، أشار إلى أن شجرة الزيتون في محافظة درعا تحتل المرتبة الأولى بين الأشجار المثمرة، لافتاً إلى أن المساحات المزروعة بأشجار الزيتون في مختلف مناطق محافظة درعا تقدر بنحو 30 ألف هكتار، وعدد الأشجار المثمرة في هذه المساحات تقدر بنحو 6 ملايين و500 ألف شجرة، المثمر منها نحو 5 ملايين شجرة, يتجاوز إنتاجها الـ 60 ألف طن من ثمار الزيتون سنوياً، وما يقرب من 12 ألف طن من زيت الزيتون، ذي النوعية المميزة، يتولى عصرها نحو 40 معصرة منتشرة في مختلف مناطق المحافظة، وهي مزودة بنحو 60 خطاً يعمل معظمها بالطرد المركزي، وقد أدت الأزمة  إلى توقيف عدد كبير منها  عن العمل. وأضاف ابو نقطة: إن المزارعين في السنوات الأخيرة, توجهوا إلى زراعة أصناف جديدة من أشجار الزيتون، ولاسيما القيسي والنبالي وأبو شوكة والمصعبي والدان، الذي يتميز بارتفاع إنتاجه وجودة زيوته, لافتاً إلى أن زراعة الزيتون في محافظة درعا تتركز في مدن طفس ونوى والشجرة والمزيريب وازرع وداعل والشيخ مسكين والحارة، وفي معظم المناطق حيث تتوافر الظروف الملائمة لنمو هذه الشجرة، من تربة جيدة، ومصادر مياه، إضافة إلى العناية والرعاية التي يوليها المزارعون بهذه الشجرة، واتباعهم أساليب وطرق الري الحديثة، وأساليب التقليم، والتسميد، ومكافحة الأمراض التي تصيب أشجار الزيتون، ما أسهم بنجاح هذه الزراعة بشكل كبير.
الفلاح ضحية..!
ورغم الأهمية الكبيرة للمحصول، لكن لم ينفع ارتفاع سعر صفيحة زيت الزيتون الموسم الماضي المنتج شيئا قياساً مع ارتفاع تكلفته، فما بيع بسعر مرتفع كانت تكلفته أعلى بكثير خاصة بعد ارتفاع أجرة اليد العاملة من جني المحصول الى تحويشه وعصره . فحسب تقديرات السوق،  فإن سعر كيلو زيت الزيتون هذا العام يتراوح بين 800 ليرة إلى ألف ليرة سورية، حيث سيكون سعر صفيحة زيت الزيتون للنوع الجيد بين 13- 16 ألف ليرة سورية، وزن 16 كغ، على حين وصل سعر البيدون من زيت الزيتون وزن 18كغ للنوع الجيد، بين 15- 16 ألف ليرة سورية، وبين 17- 18 ألف ليرة للنوع الممتاز. ليبقى الفلاح  إذاً، ضحية صراع السوق من السمسرة والتجارة، فما يدخل يده من الليرات لا تتساوى مع تعبه وجني محصوله، ويبقى التسويق على حد قوله، هو رأس معادلة الربح في كل محصول، فما الاستفادة من جني المحصول ان لم يسوق؟ فالتسويق لمادة زيت الزيتون في المحافظة يعتبر إحدى المشكلات المستعصية التي تعود على الفلاح والمزارع بالهم نتيجة لتدني أسعار المنتجات الزراعية ولأسباب تتعلق معظمها بارتفاع كلف الإنتاج من أسمدة وبذار ومحروقات وأدوية زراعية ويد عاملة، وعليه يفترض دعم جميع محاصيل المزارعين ..
 ما يطلبه المنتجون..!
عدد من المزارعين الذين التقينا بعضهم في حقولهم، لم يكن لديهم أمام ما يتكرر كل عام من فائض عن إنتاجهم سوى أن تقوم الدولة ممثلة بمؤسساتها العامة بالعمل على تسويق محاصيلهم الزراعية سواء كانت حمضيات- أو تفاحيات، أو في زيت الزيتون الذي يعاني الكساد نتيجة تكدسه لدى المزارعين، واتفق جميعهم أن ما يمرون به هو مشكلة كل عام وعن التسويق فإنهم يأملون أن تجد المؤسسات العامة حلاً لما يعانونه نتيجة لتدني الأسعار مقارنة بما يصرفونه على منتجاتهم، ولتحكم السماسرة بسعر منتجاتهم بحجة الوفرة حيناً وصعوبة نقل المنتجات وكلفتها العالية حيناً آخر.. لذا كثير من المنتجين بدرعا يدعون من حقولهم، وزارة الزراعة لتنظيم تسويق الزيت هذا العام  على غرار دعوتها لتسويق المادة في محافظات أخرى كحلب وإدلب وغيرهما..
مروان الصالح مزارع  قال: إنه يعمل بهذه الزراعة منذ 30 عاما ورثها هو وأولاده واليوم هو يعتاش وأسرته منها خاصة في هذه الظروف من الأحداث بعد فقدان أولاده أعمالهم ، لذا يدعو الدولة الى اتخاذ إجراءات فاعلة لتسويق زيت الزيتون الفائض عن حاجة المحافظة  في الأسواق المحلية، ومنها تسويقها بالمؤسسات الحكومية الاستهلاكية ومؤسسات الخزن والتسويق..
زيت مغشوش بالأسواق..!
على غرار الصالح قال أحمد السلطي مزارع آخر من ربوع حوران، إن لديه اكثر من ألفي شجرة زيتون وهو يعمل بهذه المهنة منذ 25 سنة ويجد أن تسويق المادة يلقى صعوبة كبيرة في الاسواق، ويذكر أن العام 2013 كان افضل من العام الماضي، وأفضل من الأعوام الماضية الأخرى، بالبيع والتسويق، إلا أنّ التكلفة زادت عليهم، ويعاني السلطي وغيره من الفلاحين من وجود زيوت زيتون كثيرة مقلدة وغير صالحة، مشيراً الى أن  80% من زيت الزيتون الموجود في الأسواق هو غير صالح للاستهلاك لافتاً إلى حالة التهريب المستمر لزيت الزيتون. أحد التجار رفض ذكر اسمه قال: إن  هناك الكثير من زيت الزيتون المحلي المنشأ  في الاسواق هو مغشوش ومهرب من دول الجوار، والذي دخل إلى هذه الاسواق بعهدة القطاع الخاص، بالإضافة إلى أن تكليف الخاص بهذه المهمة، يعني وبشكل واضح غياب استراتيجية تصدير هذا المنتج ..
ونتيجة هذه المتوالية المتكررة كل عام  ومطلب ملح ومحق للمزارعين، راح عدد من المزارعين بالمحافظة يكررون مطالبهم بإحداث فرع لمؤسسة متخصصة بإنتاج وتصدير زيت الزيتون بهدف حفظ حقوق سعر الزيت, حيث لا يجدون الآن آلية لتسويقه، مشددين على ضرورة إيجاد مركز تسويقي لتسويق منتجاتهم الزراعية بأسعار يستحقها الزيت مقارنة بغيره من أنواع الزيوت التي لا يكون فيها الزيت عضوياً أو بكراً.
للزيتون أجواء خاصة.!
إلا أن سامر الرحال، صاحب حقل زيتون، ربط  موسم الزيتون بعدة صور وذكريات قديمة ممزوجة بأجواء حميمية، تجمع أفراد العائلة والأسر والجيران جانباً الى جنب، كون الموسم يلم الشمل كما يقول، ويتميز باجتماع جميع أفراد العائلة، موضحاً أن عمليات قطاف الزيتون يتخللها سرد الحكايات والقصص والأغاني الشعبية، بهدف منح عمليات القطاف, أجواء مسلية ومرحة تنسي حالات التعب والإرهاق الناتجة عن العمل.
وأضاف الرحال: إن الموسم يؤمن جميع احتياجات أسرته من الزيتون /الأخضر والأسود/ وزيت الزيتون من مزرعته، كما أنه يستخدم  المواد العضوية في عمليات التسميد والمكافحة، ولا يستخدام أي مواد كيميائية، مشيراً إلى الأجواء الممتعة التي تسود مرحلة القطاف, والتي تعكس مدى محبة أفراد الأسر لشجرة الزيتون، وتقديرهم لبركتها وإنتاجها وفوائدها المتعددة في المجالات الغذائية والاقتصادية والطبية والبيئية.
وعن المصاعب التي تواجهه لم يخف الرحال تأسفه على القطاف حين كان قبل 5 سنوات بأيد عاملة رخيصة وتكلفة أقل ونقل وشحن وغيره، أما اليوم فكل شيء بات مرتفعاً حسب قوله، حتى عصر الزيتون أصبح الكيلو الواحد بالمعصرة بين 13- 15 ليرة بعدما كان بخمس ليرات واقل من ذلك، الأمر الذي يبعث الأسف والحزن على ذكريات بتنا نفتقدها  بهذا الوقت.
تحديات التسويق.!
محمد الزامل خبير اقتصادي أشار الى وجود صعوبات وتحديات تواجه العمل، كصعوبة المنافسة في الأسواق التصديرية الخارجية بشكل كبير بسبب ارتفاع تكاليف المنتجات المحلية، ورأى الزامل أن هناك ضعفاً بالتسويق الخارجي لمادة زيت الزيتون  ومردّ ذلك  لضعف القدرة التنافسية، وضعف الدعاية التي يفترض أن تناط بالسفارات في الخارج من خلال الملحقيات التجارية، وضرورة تعريفها بالمنتجات الزراعية الوطنية وفوائدها، كما يفترض عدم السماح باستيراد المحاصيل الوافدة في ذروة عطاء مثيلتها المحلية، ويفترض أن يكون هناك لجان ومخابر حدودية لرفض المنتجات الأقل جودة من المحلية.‏  وتوقع الزامل أن يشهد زيت الزيتون اهتماماً تسويقياً خارجياً الفترة المقبلة نظراً للاهتمام من قبل الحكومة بهذا الصعيد  لكون المحصول جيداً هذا الموسم، والذي تجاوز إنتاج الزيتون عما كان في السنوات الأخيرة، والذي يذهب جزء بسيط منه للمائدة والباقي يستخلص منه زيت الزيتون". مشيرا الى أن زيت الزيتون أقل جودة من الزيت في كل من حلب وادلب، لكن لا يمكن وضعه بمرتبة زيت الصويا والقطن"، مشيراً إلى أن "جودة زيت الزيتون لا تتغير في حال كان طازجاً أو مطبوخاً". لكن الزامل بين أن هناك خللاً ما يقع في القدرة على تسويق هذا المنتج الهام، ورغم فتح أسواق أمام دول أمريكا الجنوبية من خلال السوق الفنزويلية، إلا أن كل ذلك لم ينعكس ايجاباً على زيادة الطلب على الزيوت المحلية التي تعاني من التكديس وسوء التخزين عبر السنوات الماضية، اذ بقي التصدير مقتصراً على كميات صغيرة لا تستوعب ضرورات تصدير الكميات الفائضة من زيت الزيتون الوطني.