حوار مع الأديبة عبير نادر

حوار مع الأديبة عبير نادر

الأزمنة

الخميس، ٨ أغسطس ٢٠١٩

أجرته نبوغ أسعد

عبير نادر متعددة المواهب وتكتب بإحساس رفيع تعكس الواقع وتهتم بالهم الاجتماعي وخصت الأزمنة بالحوار التالي

س- 1- لماذا تكتبين بأكثر من جنس أدبي وثقافي ؟ أليس هذا الأمر مرهقاً .؟

- الكتابة عندي هي حالة وجدانية, فأنا لا أفتعل الكتابة وأجلس إلى مكتبي وأقول سأكتب الآن قصيدة أو قصة , فقد يأتيني شيطان الشعر في العمل أو في الحافلة أو أثناء النوم لذلك أحتفظ بدفتر وقلم لأكتب ما يخطر في بالي , ثم أعود إلى تنقيح القصيدة , أو أحول الفكرة التي أثارت وجداني إلى قصة قصيرة .

ولأن إبداع الشعر والقصة يحتاج إلى حالة وجدانية معينة لا يمكن للإنسان استحضارها أقوم دائماً بدراسات تستهويني , فأعود إلى المراجع وأجمعها وأدونها بأسلوبي لأنني لا أستطيع التوقف عن الكتابة ,فالكتابة بشتى أنواعها هي شغفي , فحين أجلس إلى طاولتي للكتابة أشعر كأنني أرقص مع الكلمات , فتارة نعقد حلقات الدبكة , وتارة نرقص الفالس.

وإذا عدنا للكثير من الأدباء لوجدناهم ينوعون في أجناسهم الأدبية ، فالعظيمة نوال السعداوي كتبت الكثير من الدراسات إلى جانب القصة والرواية , والمبدعة غادة السمان كتبت الدراسات والقصة القصيرة والرواية والشعر ....نزار قباني كتب في الدراسات الأدبية إلى جانب الشعر ....وأعتقد أن هذا الأمر يكون مرهقاً إذا كُتب بتكلف , أما بالنسبة لي فهو المتعة بحد ذاتها, ولا يوجد أروع من السباحة في بحر الأدب .

س -2- أين تجدين نفسك ؟ وأي جنس أدبي ترينه أكثر تلاؤماً مع قلمك ؟

أحب كل ما أكتب من شعر وقصة ودراسة , وكل ما أكتبه يخرج مني بشفافية مطلقة , يأخذ قطعة من روحي معه ...ولا أستطيع التمييز بين هذه الأجناس الأدبية , فالأم لا تستطيع التمييز بين أولادها ....وكل كتاب من كتبي هو ولد بالنسبة لي أهتم به وأرعاه حتى ينضج.

 س-3- أي الأجناس الأدبية ترينه قريباً من القاعدة الشعبية والاجتماعية ويمكن أن يؤرخ لمستقبل المجتمعات , ولماذا لا تركزين عليه ؟

أرى إنّ القصة أكثر قرباً من القارئ بشكل عام وهي التي تؤرخ المجتمع وترسم آفاقه بالإضافة للرواية طبعاً وهي ملكة الأدب , بينما الشعر أجمل على المنابر , أما الدراسة فبحاجة إلى ثقافة أكبر ليقرأها الناس وكلّ حسب ميوله .

أما لماذا لا أركز على جنس معين , فلقد قلت من قبل إن الكتابة عندي حالة وجدانية وليست تكلفاً , وإذا وُجدت فسحة من العمر مستقبلاً فقد أركز على جنس أدبي , أما في الوقت الحالي فليس لديّ أية نيّة بذلك .

س -4- هل ينتابك شعور واحد في التعاطي مع كافة الجناس الأدبية أم أن كل جنس يحتاج إلى حالة نفسية ؟

لو كتب الأدباء كل نتاجاتهم بحالة وجدانية واحدة لكانت النتيجة واحدة , وما تميّز نصّ عن آخر , الحالة الوجدانية كمياه النهر لا يمكن أن نستحم فيها مرتين .

    فالدراسة بحاجة إلى صفاء ذهني وتركيز عالً , بينما ولادة القصيدة تحتاج إلى كمية هائلة من المشاعر , أما القصة فبحاجة إلى الفكرة أولا ثم التعاطي مع الأشخاص والبيئة الزمانية والمكانية .

س-5- يعود في الوقت الراهن الشعر المحكي إلى الساحة الثقافية بكثرة , هل ترين أنه يحقق حالة ما ؟ وأنه يساهم بشيء يفيد تاريخ مجتمعنا ؟

-      نعم عاد الشعر المحكي بكثرة ولا سيما بعد سماح وزارة الثقافة بتداوله على المنابر, بعض الشعر المحكي قد يحقق حالة ما , ولكن أكثر الشعراء الذين يكتبون المحكي يلجؤون إلى التكلف والصنعة البديعية فيهتمون بالمبنى أكثر من المعنى , والشعر الشعبي ( ولا أقول النبطي ) لا يساهم بأي شيء يفيد مجتمعنا, لأنه ابن البيئة التي يخرج منها والكثير من كلماته لا تصل إلى الجميع ...وغالباً لا يحمل أي رسالة ...ولقد استثنيت النبطي لأنه شعر متميز له جماهيره التي تعشقه ( وإن كنت من الأشخاص الذين لا يميلون إليه ).

س-6- الأدب في وقتنا الراهن هل أخذ درواً فاعلاً خلال الحرب الإرهابية على سوريا؟

طبعاً للأدب دوره في كل زمان ومكان , والأديب الذي لم يمتشق قلمه ويجعل منه سيفاً على رقاب الأعداء يجب أن يعاقب ويوصف بالخيانة أيضاً .

الكتابة بمختلف الأجناس تبني المجتمعات أو تهدمها , ونحن بأمس الحاجة إلى القلم الحر الذي يكتب عن المحبة والسلم والتآخي ويقف في وجه الإرهاب وأفكاره الرجعية المتخلفة التي انتشرت بين الناس كالنار في الهشيم .

إننا زوار على سطح الأرض نموت نحن وتبقى الكلمة الحرّة الصادقة ...

وشكرا لك على هذا اللقاء والحوار الممتع معك .