ملول كلمة عرب من خلال النقوش الكتابية الأثرية.

ملول كلمة عرب من خلال النقوش الكتابية الأثرية.

ثقافة

الاثنين، ٨ يوليو ٢٠١٩

الدكتور: إياد يونس

 كلمة عرب تعني لدى أكثر المؤرخين البداوة، والصحراء معتمدين في ذلك على الفكر التوراتي ومن هنا يقول ولفنسون إسرائيل ( إن كلمة عرب كانت مستعملة في اللغة العبرية القديمة لتدل على أهل العربة ( الصحراء) أي لنوع خاص من قبائل الجزيرة العربية، ويقول أن كلمة عبري تؤدي المعنى الذي تؤديه كلمة (عربي) نفسها، أي أن العبريين هم قبائل رحل معتمدا بذلك على التقديم والتأخير ونقول هنا أن هذا خطأ فادح إذ يبحث ولفنسون إسرائيل لتبرير أي صفة وجودية للعبريين في المنطقة، إذ يقول أنهم القبائل الرحل من جهات طور سيناء أو بادية سوريا وفلسطين. وهنا نطرح سؤالا هاما: ما العلاقة بين البداوة والعرب؟ وبكلمة أدق ماذا تعني كلمة عرب؟ وجوابنا أن مدلول الكلمة يختلف من مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان، ومثال على اختلاف المدلول من مكان لمكان كلمة (دفئوه) ففي مكة تعني الدفء والحرارة، إنما في جنوب شبه الجزيرة العربية تعني القتل4. ونقول في صدد كلمة عربي أنه أختلف مدلولها حسب الزمان والمكان فقد كانت تدل على من نطق العربية من الحضر الذين عربوا لمظان المياه، في حين أصبحت تدل على البدو، وسكان الصحراء في التاريخ المعاصر. وإذا علمنا أن كلمة عرب تعني الماء، وأن أحد مدلولاتها اللاحقة بعد الإسلام. وفي العبرية تعني البدو، لذلك عملت المدرسة التوراتية على استخدام المدلول بدلا عن المعنى، رغم أن كلمة عرب، والأسماء، والصفات المشتقة منها تؤكد المعنى المقصود من هذه الكلمة حين بدايات استخدامها. ففي الأكادية وردت كلمة ( عربتو ) لتعني غائم، والغيم حامل لبخار الماء5 وفي الأوغاريتية تعني الغيوم الغربية ( حاملة المطر ) وسمي الإله ( بعل ) حدد بالأوغاريتية: (راكب عربة – ر ك ب – ع ر ب ت )6 وهو الإله الذي يحدد الأنواء، وهو إله البرق والرعد، بل هو راكب الغيمة حاملة الماء ( المطر ). وفي الآرامية كلمة عراب تعني الكاهن الذي يحمل الطفل ليعمده في الماء، وهذا ما حافظت عليه كافة الكنائس الشرقية الآرامية في بلاد الشام، والتعريب هو الفصل بالماء للقمح والبرغل. وفي الاكادية عربتو تعني الجو الغنائم والغيوم الحالة للمطر. وفي العربية العدنانية تعني العربة إي الغيمة الداخلة من الغرب وفي العربية وجدت مفردات ومعان عديدة ومنها: العربات وهي سفن رواكد على مياه الدجلة، و(العرب) الماء الكثير الصافي، أما الأعراب الذين لا ماء عندهم ويرتادون الكلأ، ويتتبعون مساقط الغيث ومظان المياه، و ( التعريب ) الإكثار من شرب الماء الصافي، و ( عرب البئر ) كثر ماؤه، وعربت المعدة أي فسدت وسالت كالماء، واستعمال العرب يوم ( العروبة) أي الجمعة وسمي ذلك ليعني يوم الاستحمام واستعمال الماء، علما أن هذا الاسم يستعمل في معلولا ( يوم عروبتشا ) والعروبة النهر الشديد الجريان، وعربة إسماعيل باحة دار إسماعيل الذي بئر زمزم فيها، وعريب سحاب يحمل الماء والمطر، وعروباء هو اسم السماء السابعة، كما وردت في اللغة الآرامية بمملكة عربايا بأن ( عرب ) تعني الماء في الجملة التالية ( ذا بيت رب عرب ) أي رب البيت المسؤول عن الماء، ومما تقدم نلاحظ أن معاني المفردات السابقة بأجمعها تدل على أن لكلمة عرب ومشتقاتها، ومسمياتها صلة بالماء الكثير. وهنا ندرك ان كلمة عرب ليس كما جاء في الفكر التوراتي بأنها تعني البداوة والصحراء لكنها تحمل في طياتها معنى الماء الأمر الذي يؤكد إننا مجتمع زراعي متحضر وليس مجتمعا بدويا كما ذكرت المدرسة التوراتية الصهيونية لتنفي وجودنا في المنطقة حضاريا وأخيرا نجد أن قرب اللغة العربية وخاصة مفرداتها من الآرامية يبلغ 86%، وبين العربية والكنعانية 94%، بينما قرب السبئية لا يتجاوز 65%٣٢، وهنا لا نستطيع الشك بعروبة أهل اليمن، وبلهجتهم السبئية. ونخلص إلى القول بأنه ما دامت اللهجة الكنعانية والآرامية، أقرب إلى العربية (العدنانية)، وان السبئية أبعد من (العدنانية)، نقول أن اللهجات العاميات على امتداد الوطن العربي هي من التراث العموري/ الكنعاني والآرامي، لذلك انتشرت اللغة العربية في الجغرافية العمورية – الكنعانية الآرامية، والتي تأثرت، وأخذت منها الكثير.