نرجس عمران: أشعر بالسعادة عندما يصلني إحساس بمحبة الأخرين وهذه طقوسي في الكتابة

نرجس عمران: أشعر بالسعادة عندما يصلني إحساس بمحبة الأخرين وهذه طقوسي في الكتابة

ثقافة

الخميس، ٤ فبراير ٢٠٢١

الشابة السورية نرجس عمران, كاتبة وشاعرة مرهفة ، تتصف بأسلوبها الواضح ومستواها الراقي المميز، نصوصها أخاذة  وصورها الشعرية باذخة، قصيدتها مكثفة، مليئة بالمعاني والكلمات الشفافة المترعة بالتعابير اللغوية، تعرف كيف تطوع المعنى لألفاظها، فلا تجنح عن المرمى.  
فرضت حضورها على الساحة الأدبية والثقافية السورية والعربية، تكمن لذة ومتعة نصوصها بالبوح، ولا تخضع لرقيب حبرها المنساب كالماء الرقراق من دون تردد..معها كان هذا الحوار:
 
 *- متى بدأت علاقتك بالشعر ؟ وما هي أول قصيدة لك ؟ 
علاقتي مع الشعر تجسدت في مرحلتين اثنتين ,الأولى كانت علاقة عفوية بريئة لطيفة رغم جماليتها لم تكن عميقة وهي عندما كنت ألقي الشعر جزافاً ليس بأي قصد ولا لأية غاية أقوله حتى دون أن أحتفظ به ,سواء أثناء اللهو أو أثناء الدرس كواجب من واجباتي المدرسية ,وكانت هذه المرحلة في الصغر والمراهقة , لم يكن عندي حينها أي فكرة للتوسع شعرياً أو إظهار المواهب وغيرها ,أما المرحلة الثانية كانت المرحلة الجدية والعميقة التي بدأت فيها أهتم بإيصال ما أكتب وأرغب بالتواجد وأجتهد قدر الإمكان وقد بدأت هذه المرحلة مع بداية  الحرب الكونية على بلدي سورية الحبيبة حيث وجدت أن الإلهام أصبح أكثر نضجاً وغزارة والحس الوطني وأداء الواجب يدفعاني لأفعل وأبذل كل ما أستطيع كي أخدم وطني وأكون بجانبه في محنته ,وكان أكثر ما هو متاح لي "الكلمة" فتسلحت بها , من أول ماقلته في مرحلتي الأولى :
نرجس يا زهرة علاها الندى 
فزادها جمالاً وحلا 
شعرك أسود كالدجى 
وعيناك أجمل من عيون المها 
وقد جمعت في قولي هذا أسماء عدة منها حلا ومها وندى وهنّ صديقاتي قي تلك الفترة ,أما أول قصيدة لي فكانت بعد أن استشهد زوجي فجاءت كمعلقة نثرية نالت عدة تكريمات حينها في مجلات عربية ومحلية. 
 
*- ماهي أجمل قصائدك وما هي مناسبتها ؟ 
أجمل قصائدي هي أغنية كتبها بعد استشهاد زوجي هي من ألحان الأستاذ صديق الدمشقي وعنوانها (لحظة فراق ), وإن شاء الله تحظى بصوت غنائي رائع يعطيها حقها من الإحساس والشجن والعمق وهذا مقطع منها: 
لحظة فراق ..هدتنا وداع ..من غير أي خبر ..ما عدنا رفاق ..ولا حدا منا باع.. هيك بدو القدر .. كان أقربلي مني .. كان الروح والحبيب ..لحظة بعد عني.. صرت بعدو الغريب. 
 
*- هناك من يصف الخطاب الشعري لدى المرأة عموماً بالخطاب الذي لم يزل متعثراً! ماهو ردك على ذلك ؟  
أعتقد ربما مرد هذا الوصف إلى أحد أمرين ,إما عدم إدراك  قدرات المرأة والفهم الصحيح لها إضافة إلى التعصب والذكورية على اعتبار المجتمع شرقي وهذا ليس في الأدب فقط وإنما نظرة انتقاص شاملة  للمرأة بالعموم أو قد يكون مرده إلى الإدراك الواعي للكم الهائل من المسؤوليات والضغوط التي باتت تعيشها المرأة وخصوصاً الكاتبة فأياً كانت هذه المرأة فهي أم أو زوجة أو أخت أو بنت تخضع للكثير من الواجبات والمسؤوليات التي تحكمها خلافاً لمسؤولية الكتابة كربة منزل ,لذلك يعتبرون أن المرأة تحت ضغط كل هذه المسؤليات بكل تأكيد ستكون مقصرة وغير مكتملة الخطاب ولكن أحب أن ألفت إلى أن بعض الموانع دوافع وكل ما ذكر من موانع وعقبات تقف في طريق المرأة قد تكون دافعاً لها كي تتحداها لتصل وتعطي وتبدع أكثر من الرجل أحياناً ,ودليل هذا  وجود أسماء رائعة ومميزة من أديبات وشاعرات عربيات في عالمنا العربي ..
 
*- ماهي أبرز المشاكل التي تعتقدين أنها تواجه الكتّاب في هذه الأيام وأنت خاصة ؟
إضافة إلى الظرف الحالي الذي هو مشكلة تواجه المجتمع بكل فئاته عموماً وهو جائحة كورونا وما فرضته من صعوبات وعقبات في طريق كل إبداع أوعطاء  في العالم كله وزاد عليه في بلدنا الحبيب سورية مشكلة الحرب الكونية وما فاضت به على السوريين عموماً والأدباء خصوصاً من محاربات وتحديات وعقبات ,هناك مشاكل كثيرة منها المادية ومنها مشكلة الشللية والمصالح بمعنى وجود بعض العقليات التي يصعب عليها أن تستوعب قلماً أخر أو أن تتبنى قلماً جديداً أو أن تنتقد بقصد البناء والفائدة  بعض السلوكيات غير الناضجة مثل الغيرة ومحاولات الإقصاء هي كثيرة للأسف ولكنها مشاكل لابد من وجودها في حالات النجاح خصوصاً..  
 
*- ما رأيك بمكانة المرأة العربية هل نالت حقوقها أم أنها ما زالت تعاني وينقصها الكثير؟  
الأوساط  العربية حقيقة قد تباينت في نيل المرأة لحقوقها بين مجتمع وأخر 
وفي ذات المجتمع أحياناً  بين طبقة وأخرى ,حقاً المرأة العربية مناضلة وتستحق التكريم فهي ذات عقل وجمال وصبر وحكمة وقدرة على القيادة 
وكثيرة هي المجتمعات التي تفهمت قدرات المرأة فلاقت المرأة فيها تكريماً  تعلمت وتوظفت ونالت مناصب وشاركت بالقيادة وكانت جنباً إلى جنب مع الرجل في كل الميادين , بالمقابل نجد مجتمعات أخرى لاتزال ترى بأن المرأة عورة وأنها خلقت لتبقى حبيسة البيت والإنجاب فقط .
 
*- ما طقوس نرجس في الكتابة ؟  
أجمل ما في الكتابة أنها تشعرك بالراحة , وأكون سعيدة عندما أنتهي من كتابة نص ما وأكثر سعادة عندما يعجب الأخرين وينال استحسانهم لذلك أرغب دوماً كي أحصل على نص يريحني أن أريح النص وهذا يعني أن أكون مرتاحة صافية الذهن والبال فلا أضغط نصي بضغطي النفسي ,بالعكس أجعل منه متنفساً روحي ولأرواح الأخرين بأن أعبر عن مكنوناتي كلها وأفرغها على الورق  وأنا راغبة بذاتي أي أكتب حباً في الكتابة وليس فرضاً لمجرد التواجد أو المنافسة أبداً ,أختار ركناً هادئاً ولطيفاً ..وأنشد الخلوة حقيقة في لحظات من الشرود وهجمة الإلهام أعطي القصيدة فتعطيني.
 
*- ما هي الشروط التي ينبغي أن تتوافر للشاعرة الناجحة ؟ 
الشروط التي ينبغي أن تتوفر للشاعرة الناجحة هي شروط خاصة وشروط عامة 
الشروط الخاصة المتعلقة بذات الشاعرة فهي يجب أن تملك موهبة شعرية وأن تصقلها بالإهتمام والمتابعة وتغنيها بالثقافة والتواصل والقراءة والعلم والفائدة 
وأكثر أن تكون محبة لهذا المجال وراغبة به وليس مجارة لواقع ما أو غيره ما أو .. أو , والأكثر أن تكون صبورة ولديها القدرة على الاستمرارية وإرادة قوية  وتتمسك بالنجاح ورغبة  في إيصال كلمتها إلى أرواح ونفوس أكبر فئة ممكنة 
أما الشروط العامة فهي المتعلقة بالمجتمع القريب والبعيد عن المرأة من حيث تقديم الدعم والثقة  بها وبقدرتها ومساندتها ومدّ  يد العون لها بحرية الكلمة الحقة 
بحرية التواجد الأنيق بعدم الضغط عليها أو إحباطها وإعطائها حافزاَ وتشجيعاً ودعماً دائماً. 
 
*- كيف يتجلى الحب في شعرك وحياتك ؟ 
يتجلى الحب في شعري بكم الأسف الكبير والحزن والقهر على وداع الحبيب ..وهو الوفاء في الحب ,يتجلى بثورة النبض على الصمت ليتدفق في قصائد وخواطر صرحها الوطن والإنسانية والسلام , وهو حب الوطن وفخر الإنتماء إليه ,يتجلى بنزيف ووجع الأسطر الأدبية شعرية أو نثرية وحتى القصصية على واقع معاش تنهش الحرب أمنه وأمانه .. وهو حب السلام والدعوة إليه 
يتجلى بالتواجد والتواصل والنشر والتوثيق في كل المحافل المحترمة المتاحة لإيصال الكلمة والنضال والدفاع عن الوطن وإيضاح الحقيقة للعالم أجمع إنه حب السلام .. العمل المتاح هو سبيلي لإيصال حبي بشتى أنواعه وإظهاره بصنوفه المختلفة سواء للوطن أو الأسرة أو السلام أوالمجتمع أو ...
 
*- ماذا أعطاك الشعر؟ وماذا أخذ منك ؟  
أعطاني الشعر شيئاً جميلاً كنت منذ صغيري أحبه وأطمح في الحصول عليه 
 إضافة إلى إحساس الراحة الذي ذكرته والذي ينتابني لحظة الانتهاء من كتابة أي نص فأنا أحب محبة الناس وكنت منذ صغري أقول "أتمنى أن يحبني الناس جميعاً وأن أقدّم شيئا لهم يحبونه, أتمنى أن أكون مفيدة لمجتمعي" ,لذلك فأنا أشعر بالسعادة عندما يصلني إحساس بمحبة الأخرين وفخرهم بي وبما قدمت وإعجابهم به ,هو إثبات مهم لي بأنني حققت ولو جزءاً يسيراً من حلمي وبالمقابل أخذ مني شيئاً مهماً, أخذ الوقت والجهذ وبعض الخصوصية والتعب أيضاً في وقت من المفترض أن أكون مثلاً فيه بزيارة أو رحلة أو ماشابه تجدني منكبة على أقلامي ودفاتري ... ولكنها الحياة والأحلام تحتاج تضحية دوماً  والعطاء ضرورة للكسب. 
 
*- بعيداً عن الشعر ماذا عن هواياتك الأخرى ؟  
أحب مجموعة من الأعمال وأمارس بعض الهوايات لكنها جميعاً تصب في مصب الفن وإن تنوعت , فأنا مثلاً أحب تصميم الأزياء وأحب المكياج والإكسسوارات أحب أيضاً حياكة الصوف بسنارة أو سنارتين والأعمال اليدوية الكنفا وغيرها , أحب الرسم والطهي والديكورات والهندسة المنزلية للورد وقطع الأثاث  فأنا من هواياتي أن أمضي الوقت في إظهار الجمال برؤيتي الخاصة ,فكم أحب الحجارة والألوان والإكسسوارات ولديّ حب كبير للموسيقى والألحان والكلمات فمن هواياتي أن أكتب وألحن وأغني لنفسي ما أنتجه بنفسي. 
 
*- هل تمارسين الرياضة ؟ 
 حقيقة الرياضة تتعدى كونها هواية رائعة هي حاجة والمفترض أن تصبح في حياتنا اليومية جزءاً أساسياً ولكني وللأمانة أمارسها دون انتظام أو مواظبة عليها للأسف, ربما السبب هو إحساسي بأن أواكب الأعمال بنفسي الخارجية والمنزلية وهذه الأعمال تتطلب جهداً في المشي والحراك وحرق الطاقة لذلك قليلاً ما أمارس الرياضة كرياضة احترافية ..أيضاً كأي فتاة أحب الرقص وتشدني الموسيقى للتفاعل معها .. وأجده أيضاً رياضة وحركة للجسم والعضلات ,وتبقى الرياضة بحد ذاتها حاجة ولا يمكن أن ينوب عنها أعمال أو حراك غير منتظم  لكن كما يقال في الأمثال "الكحل خير من العمى" وأعود كي أوكد ضغوط الحياة العامة أحياناً هي السبب في التقصير بالخصوصيات.
 
*- ماذا عن إصداراتك ومشاريعك الأدبية المستقبلية ؟ 
الحمد لله لديّ العديد من الإصدارات منها الشعرية ومنها القصصية ومنها في الأغنية وأيضاً الروائية منها في الشعر :أجراس النرجس - بصمات على أوراق النرجس - تقاسيم على عود النرجس وأيضاً قيد الطباعة : النرجس إذا بكى ومجموعة شعرية مترجمة للأمازيغية وهي على أثير النرجس , وفي مجال القصة لديّ مجموعتان قصصيتان هما : في سفر الموت - أضواء خافتة , وفي مجال الرواية لديّ :الليلة التي لم تولد بعد , وأيضاً لديّ كتاب في السيرة الذاتية بعنوان : الملكة وعيون المدينة ولديّ مجموعة من المشاركات المحلية والعربية 
منها : رسائل حب من طرطوس - ملوك الياسمين - الجنائن المعلقة - على ضفاف الرافدين - شهرازاد في بغداد - المعجم الشعراء العرب بعدة أجزاء 
لمة شمل - ريحانة الشهيد - همسات المطر على لسان الوتر - أحلى القصص وغيرها الكثير , وأيضاً في مجال الأغنية مجموعة أغاني منها مؤخراً تمّ تسجيلها في مصر بصوت الفنانة أسرار الجمال بإشادة من الموسيقار الكبير حلمي بكر  ومجموعة أغاني مع عدة ملحنين رائعين منهم صديق الدمشقي ويوسف عجروش وغيرهم وإن شاء لله تبصر جميعاً الضوء ,مشاريعي كثيرة جداً أتمنى أن أجد الفرص المطلوبة لتحقيقها من غنائية وفنية وأدبية ومشاركات ثقافية وغيرها.
صفوان الهندي
 
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص أو أكثر‏ و‏شعر طويل‏‏
 
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏مجوهرات‏‏
 
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏‏وقوف‏، ‏نظارة شمسية‏‏‏ و‏سماء‏‏
 
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏وقوف‏‏ و‏معطف فرو‏‏