«جرائم دولة فرنسا في سورية»… كتاب يكشف الصفحات السوداء في تاريخ فرنسا

«جرائم دولة فرنسا في سورية»… كتاب يكشف الصفحات السوداء في تاريخ فرنسا

ثقافة

الثلاثاء، ٩ أغسطس ٢٠٢٢

 مايا سلامي
صدر عن وزارة الثقافة- الهيئة العامة للكتاب وضمن المشروع الوطني للترجمة الجزء الثاني من كتاب «جرائم دولة فرنسا في سورية»، تأليف جان لو إيزامبير، ترجمة سها حرفوش، يقع في 240 صفحة من القطع الكبير، ويهدف الكتاب إلى كشف حقيقة ما جرى في سورية وفق دراسة شاملة موثوقة مدّعمة بالأدلة والوثائق، خطها خبراء وعلماء وأساتذة جامعات لكشف الصفحات السوداء التي كتب بها تاريخ فرنسا في سورية. فمنذ عهد الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران إلى جمهورية فرانسوا أولاند النموذجية مروراً بجمهورية نيكولا ساركوزي ثم الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون تورط 56 زعيماً سياسياً في فرنسا بمؤازرة الإرهاب وإجارته، فبدعمهم جماعات إرهابية وتسليحها مستخدمين جميع ألوان الافتراءات والأكاذيب جعلوا من فرنسا دولة مارقة، ضاربين بالشرعية الدولية عرض الحائط.
 
وبعد إصدار الجزء الأول «الدولة الفرنسية متواطئة مع الإرهاب» جاء الجزء الثاني من الكتاب ليضع أمامنا إثباتات جديدة على دعم قادة فرنسا وكبار مسؤوليها لأفراد مرتبطين بتنظيمات إرهابية، وليعطي مساحة للحديث عن سورية الديمقراطية ناسفاً بذلك حجج الحرب على قلب السلام في الشرق الأوسط.
 
الشرعية الدولية
 
وفي البداية يثبت الكاتب تورط فرنسا في دعم الإرهابيين منذ عهد الرئيس الفرنسي السابق الفاقد الشرعية فرانسوا أولاند الذي انتهك جملة من أحكام القانون الدولي والدستور الفرنسي من خلال تورطه بسياسة الحرب الاستباقية نزولاً عند رغبة واشنطن ضارباً بالشرعية الدولية عرض الحائط، حيث أقرّ أولاند بتسليحه من يضرمون نار الحرب في سورية من دون مشورة مجلس النواب في إشراك عناصر الأمن الخارجي أو في تسليم معدات عسكرية وأسلحة لتلك المجموعات.
 
ويؤكد ذلك على لسان المدير السابق لجهاز الأمن الخارجي الفرنسي الآن شويه، الذي قال: «ما دامت دولتنا تقدم دعماً عسكرياً غير قانوني لأجانب يبتغون إسقاط حكومتهم مهما كانت عيوبها فنحن بلا شك في موضع تدخل ولا شرعية دولية…. تُناقض الحكومة الفرنسية بإمدادها المتمردين في سورية بالسلاح سياسة الاتحاد الأوروبي على الرغم من أنها ساهمت إلى حد كبير في صياغتها، ومنذ ثلاث سنوات توفر فرنسا مثلها مثل بريطانيا وأميركا وتركيا، تدريبات وإمدادات لوجستية تقنية بواسطة مخابراتها لمعارضين سوريين تزودهم ممالك الخليج علانية بأسلحة من كل عيار».
 
تحريض على الحرب
 
في هذا الجانب يشير الكاتب إلى الدور الكبير الذي لعبه زعماء فرنسا بالتحريض على الحرب في سورية من خلال خطاباتهم المتكررة داخل بلدهم وخارجها ( في ائتلاف الدوحة، جمعية أصدقاء سورية، مؤتمرات صحفية..) وأقروا صراحة بين الفينة والأخرى بمن فيهم رئيس جمهوريتهم ووزير خارجيته بتمويلهم وتسليحهم تنظيمات مثل ائتلاف الدوحة والجيش الحر تشن من الخارج حرباً شعواء ضد دولة ذات سيادة.
 
فيبين أن: «من بين هذه التصريحات الوعد الذي قطعه وزير الخارجية الفرنسي بحشر أنفه في الشؤون السورية (29 أيار 2012) وأن الرئيس السوري لا يستحق الحياة على وجه المعمورة (17 آب 2012، في تركيا) وأن جبهة النصرة الإرهابية تبلي حسناً في الميدان (14 كانون الأول 2012)، وبنقل فرنسا وبريطانيا أسلحة للمتمردين (13 آذار 2013)، وبدعوة فرنسا لرد فعل عنيف ضد النظام السوري (22 آب 2013)».
 
وقد أعرب فرانسوا أولاند عن تأييده لهذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي في باماكو عاصمة مالي في 19 أيلول 2013، حين اعترف بدوره بتسليح المجموعات الإرهابية تحت الرقابة وبتسليحها من جديد وسط تغطية إعلامية بحضور أولاند في جزيرة ريونيون 21 آب 2014، وبقيام المخابرات الفرنسية بتسليم الأسلحة الفتاكة عام 2015.
 
جرائم مخلة بالإنسانية
 
هنا يكشف المؤلف عن عدد من الجرائم المخلة بالإنسانية والتي ساهمت بها فرنسا في سورية لخداع الرأي العام وتقليبه على الحكومة السورية. وفي عبرة مهمة خطت بداية هذا الفصل للقائد الخالد حافظ الأسد ( تلك مفارقة عصرنا الغريبة أن يصير الضحية إرهابي والإرهابي ضحية، ويحظى المعتدي بالتأييد في توجيهه تهماً ملفقة يمنة ويسرة).
 
فيذكر الكاتب أن الجماعات المسلحة استعملت أسلحة كيماوية لأهداف تحريضية على مرحلتين: الأولى في آذار 2013، والثانية في آب الذي تلاه. وفي المناسبتين روجت المعارضة لحملات دعائية هدفها اتهام الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيماوية. فأضحت الضحية شعب سورية وحكومتها متهماً والمتهم (المعارضة) ضحية وبرئت بادئ ذي بدءٍ من توجيهها اتهامات باطلة. ويكشف عن المقاصد التي تنوي الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا الحصول عليها من ذلك، إلا وهي إيجاد شمّاعة يعلقون عليها دعمهم العسكري لعصابات المرتزقة التي تسجل تراجعاً أمام تقدّم جيش سورية ومقاومة شعبها.
 
كما فضح دور المخابرات الأميركية في سباقها نحو حملة إعلامية داعية للحرب لتكون مبرراً لتدخل عسكري جديد ومباشر يطيح بالحكومة الشرعية، مؤكداً أن ذريعة استخدام الأسلحة الكيميائية كانت كاذبة من خلال البيان الرسمي الذي نشره الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في منتصف آب 2014 بعد نجاح عملية تدمير الأسلحة الكيميائية في سورية بكاملها، وجاء فيه: (دمرت الأسلحة الكيميائية الأكثر فتكاً لدى النظام السوري على يد مختصين مدنيين وعسكريين عن طريق آلية أميركية فريدة من نوعها)
 
وذكر في كتابي فرانسوا بيلوت المنشورين تحت عنوان «الحرب في سورية» أنه « لم يحدث أبداً منذ بدأت هذه الحرب التي سجلت عامها السادس أن استخدم الجيش السوري سلاحاً كيميائياً خصوصاً في ضاحية دمشق بتاريخ 21 آب 2013 تلك الحادثة التي تسببت بتدخل عسكري دولي للإطاحة بالنظام السوري».