حروف الفنان التشكيلي أكسم طلاع.. شذرات من زمن الحبّ

حروف الفنان التشكيلي أكسم طلاع.. شذرات من زمن الحبّ

نجم الأسبوع

الأحد، ٣ يناير ٢٠١٠

 

الفن التشكيلي حالة فكرية وإبداعية خاصة.. وممارسة الرسم متعتي ونافذتي الواسعة على العالم

 

 

حروف.. كلمات.. جمل أدبية.. إحساس مرهف.. خيال وشاعرية.. تلك التفاصيل التي يرسمها الفنان أكسم طلاع بفيض من الصبر والمؤانسة.. يرسم لنا حكاية الحرف، وكأنها شذرات من زمن الحب.

قال لي: الحرف يعجز أن يخبر عن نفسه فكيف يخبر عني.. (النفري) بهذا يقدم الفنان التشكيلي أكسم طلاع معرضه الأحدث في صالة فري هاند للفنون الجميلة بدمشق، فمنذ فترة طويلة يعمل الفنان أكسم على التكوين الخارجي للحرف وطاقاته الجمالية المختلفة.

ويعتبر الفنان طلاع ابن بيئته وتراثه الثقافي الزاخر بالشعر العربي ولغة القرآن الكريم والمناخات الجمالية المتنوعة لهذه البيئة لذا تأتي لوحاته تعبيراً عن هذا التراث وهذه البيئة.

فعندما تشاهد رسوم أكسم طلاع تجد نفسك وسط حروف، كلمات جمل أدبية محاطة بهمسات أناس محتشدين، وفي الحال تنقلب بك الأحاسيس، وأنت لا تستطيع التأكد من سر دهشتك سوى أنك تتلذذ بما يوحي همساً إليك.. وتعترف بمدى الرقة ورهافة الحس التي تميزت بها أنامل الفنان فخطت على الورق إبداعاً وروحاً.

في أعماله يستخدم طلاع مجموعة لونية متميزة ومتباينة تتراوح بين الألوان الحارة وأحياناً الباردة لكنه ينجح في توظيفها في إطار التعبير الحسي عن الحالة النفسية، فتلك اللمسة الذهبية التي تزخر بها خطوط اللوحة وتفاصيلها إلى جانب اللون الأخضر والبني والأصفر.. توحي بدلالات اللون المختلفة.

عن علاقته باللون يقول: الألوان تزين حياتنا وتملؤها بالفرحة والبهجة.. في كل مكان وزمان، وأينما ذهبنا تجد الألوان بكل أطيافها في الطبيعة فمنها تستطيع أن تنهل ما تشاء.

وأضعها على سطح اللوحة بحرية مطلقة... وهي ضرورية على الأخص لحياة الفكرة ذاتها والمعنى السري الكامن فيها.

عن علاقته بالحرف وسبب اختياره له كمفردة تشكيلية قال : الحرف والكلمة مرتبطان ببعضهما طبعاً وعلاقتهما أزلية فمنذ وجدت الحياة على هذه الأرض سعى الإنسان الأول (إنسان الكهوف) إلى الكتابة للتفاهم مع الآخر.... وبلدنا سورية مهد الحضارات وموطن الأبجدية الأولى ,فالحرف وسيلة يختزن بها الإنسان ثقافته ومعرفته فعندها تكتشف متعة الابتكار ومتعة التجريب.. الفرح.. الحزن.. بل وحتى تجرب متعة التأمل.

أما عن مفهومه للفن التشكيلي فيقول : الفن التشكيلي حالة فكرية وإبداعية خاصة لكل فنان، وممارسة الرسم تمثل لدي متعة ليس بعدها متعة، وهي نافذتي الواسعة على العالم حيث تضعني تلك الممارسة الثقافية مع تواصل دائم مع الآخر من خلال المعارض المشتركة، المهرجانات، الملتقيات وفيها تجد العديد من الفنانين التشكيليين وتطلع على كل ما هو جديد في عالم الفن التشكيلي.

الفنان التشكيلي أكسم طلاع من مواليد الجولان، 1963، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين.

عضو اتحاد الصحفيين في سورية، له ثلاثة معارض فردية في دمشق، بالإضافة إلى المعارض المشتركة: (المعرض السنوي لوزارة الثقافة، المعارض السنوية للفنانين الصحفيين، مهرجان دمشق للتراث، ملتقى الدالية الدولي، معرض جماعي في تدمر).

يقول الناقد التشكيلي عبد الله أبو راشد عن أعمال الفنان التشكيلي أكسم: إنها قصص قائمة على رقص الحروف، في مسرحها اللوني التجريدي المتواضع في الخلفيات، لرشاقة يده المرنة في التوليف التقني لمداد الحرف والكلمات، حركة سردية محسوبة ومتواترة القسمات الشكلية، ملتزمة إيقاعات الحروف ومقاييس النقطة، وتوازن المقامات الشكلية المرصوفة داخل الخلفيات الملونة. ترسم معالم وحدتها العضوية الشكلية، تقابلاً وتوازياً ومشروعية التأليف والحركة اللولبية المتداخلة فوق السطوح، مفردات وعناصر شكلية مؤتلفة، وتقنيات لونية منتقاة بعناية، مُقصية الاتجاهات التعبيرية الواقعية، ولا مكان فيها لرموز الطبيعة والإنسان في أوصافها الشكلية التقليدية المعروفة. بل وجود الإنسان فيها رمزي، ويدخل في مجاز الوصف، جاثماً أمام اللوحة وليس في داخلها، تشده الخطوط والملونات إلى أسرار لعبته الشكلية فراسة وتأملاً وبحثاً عن مقولة ما، ومحاولة طموحة لكشف ما يكتنفها من غموض، وما يطوقها من إحالات رمزية وتورية، وتدفعه للبحث الطوعي في ثنايا الأحرف والكلمات المسطرة.

أخيراً: يدور الفنان طلاع على نفسه مرات، ومرات.. ويلجأ إلى رسم الحروف التي تحدد إطار المشهد التشكيلي له بهواجس جمالية تكتشف نفسها داخل هذا النسيج الدقيق.. المهم أن ثمة (مدورة لونية) مضاءة في البعيد النائي وكأنها.. أمل.

 

 

ريم الحمش