لقاء خاص مع الفنان عز الدين همت

لقاء خاص مع الفنان عز الدين همت

نجم الأسبوع

الأحد، ٢٤ يناير ٢٠١٠

الفنان التشكيلي عز الدين همت: دمشق مدينتي.. وأسعى لتدوينها تشكيلياً

 

حملت مسيرة الفن التشكيلي السوري أسماء وأسماء، منهم من رحل ومنهم من هو باق، فنانون نذروا حياتهم لخدمة مجتمعهم وأهلهم، ورسموا صورة لمجتمعاتهم ومدنهم، وعاشوا في الظل، ولكنهم تركوا من ورائهم آثاراً احتفت بها الذاكرة التشكيلية حتى الآن، من هؤلاء الفنان التشكيلي عز الدين همت، واحد من رواد الفن التشكيلي في سورية، بدأ اهتمامه بدمشق منذ طفولته، من أعلى غرفة في بيت جده وتسمى (الطيارة) التي كانت تطل على أسطح الحي بأكمله، هذا المنظر كان دافعاً للفت اهتمامه بمنظر أسطح المدينة القديمة وأزقتها. فتميزت أعماله بشاعرية صادقة، ولغة تعبيرية وجمالية تقيم علاقة حميمية بين المشاهد والمتذوق ولوحاته المعبرة عن أصالة التراث المعماري الدمشقي، ودفق الحياة في المدينة الخالدة، وسحر الطبيعة فرسم الأحياء الدمشقية، مناظر من غوطتي دمشق، الطبيعة الصامتة، الوجوه ولقطات أثناء الرسم المباشر للطبيعة، وبذلك أسهمت أعماله في تدريب النظر على رؤية الجمال بكل تفاصيله الخلابة، والانتباه إلى الوشائج الدافئة في التفاصيل المعمارية واللمسات الناعمة في المشيدات الدمشقية الراقية، كل ذلك بألوان خاصة به وأسلوب متفرد يعطيه هويته الفنية المتميزة.

الفنان عز الدين همت من مواليد دمشق عام /1938/ عاش في حي شعبي وخزن في ذاكرته جماليات البيت الدمشقي، ورسم أول لوحة وهو في الخامسة عشرة من عمره، ثم أنهى دراسته الثانوية لينال بعدها الإجازة في الحقوق من جامعة دمشق عام /1963/، انضم لعدم وجود كلية للفنون الجميلة بدمشق إلى مجموعة من زملائه للرسم من الطبيعة، وتعلم دراسة الألوان وأصول مزجها وخصائصها، فما لبث أن شارك في المعارض الفنية، وحاز على الجائزة الأولى في معرض جامعة دمشق، وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب وعضو جمعية أصدقاء الفن، أقام عدة معارض شخصية للوحاته في المراكز الثقافية وصالات العرض وفي المعارض الفنية الخارجية في عدد من عواصم العالم.

في عام /1981/ أصدر البروفيسور (بوكدانوف) الأستاذ في أكاديمية سان بترسبورغ الفنية والمتخصص في فنون الشرق الأوسط مؤلفه القيِّم باللغة الروسية (رسامون سوريون)، وأدرج فيه اسم الفنان همت ولوحاته باعتباره واحداً من المتميزين في ساحة الفن التشكيلي في سورية، توالى نشاط الفنان عز الدين همت وتطور عمله، فنال اهتمام النقاد وإعجابهم، وحظي بالتكريم فنال وسام وبراءة التقدير من محافظة دمشق ,وذلك بمناسبة مهرجان دمشق الثقافي الأول الذي أقيم بتاريخ 9/11/1995، كما اقتنيت لوحاته الجميلة لتنضم إلى الأعمال الفنية في المتحف الوطني بدمشق والوزارات والمتاحف الشهيرة في عواصم الغرب والأقطار العربية.

- الأزمنة سألته من خلال مسيرته الطويلة مع الفن والتي تزيد عن نصف قرن... كيف وجدت تفاعل المتلقي – الجمهور – مع لوحاتك ؟

الجمهور السوري جمهور مميز، وأصيل متمسك بتقاليده وتراثه، وقد يكون من أسباب ذلك موقع سورية الجغرافي الذي جعله في موقع القلب للعالم العربي، وكذلك جمال الطبيعة التي وهبها الله لنا من سهول وجبال ووديان وصحارى، وآثارها التي تركتها الحضارات والعصور المتتالية بالإضافة إلى المعالم الدمشقية من حارات وأزقة، خانات، حمامات، بيوت دمشقية... هذا الإرث الحضاري الكبير جعل من شعبها متذوقاً للفن بكل أنواعه من شعر، موسيقى، خط، تشكيل فاستطاعت الحركة الفنية السورية أن تواكب الحركات الفنية في الأقطار العربية المجاورة.

وعن تعلقه بمدينة دمشق قال: دمشق العريقة حكاية حب.. لا تنتهي أود أن أصفها فأحتار من أين أبدأ، وكيف أبدأ فكل ما في دمشق جميل ورائع، الحارات الدمشقية وحميميتها، ودفئها، والبيوت الدمشقية ببحرتها وياسمينها وورودها، وبكل ما يجمع في جوانحها من جواهر ودرر ولطالما تجدد يوماً بعد يوم...

كتب عنه الدكتور والباحث في علم الجمال بشير زهدي: همت هو من أحد رواد الفن في سورية، ومن أهم من استشعروا مبكراً جماليات الأحياء الدمشقية الشعبية، وجاذبية العمارة المحلية إذ لم يكن هناك بعد كلية أو معاهد فنون جميلة، ولكنه من خلال الممارسة والقراءة الفنية تكونت لديه خبرة مهنية فنية جعلته في تلك الحقبة الزمنية يضطلع بمهمة توثيق وتدوين جمالية الفن المعماري والطبيعة والبساتين الدمشقية، ونقلها من خلال فنه ولوحته التشكيلية إلى أصقاع العالم.

أخيراً: والآن بعد مسيرة خمسين عاماً من العطاء لا يسعنا إلا أن نقف أمام هذا الفنان بإجلال واحترام ونفتخر بما قدمه ولطالما اعتاد الإنسان السوري في بلده مهد الحضارات الإنسانية على تقديم نجاحاته للوطن وللبشرية كلها..

ريم الحمش