عدنان كنفاني

عدنان كنفاني

نجم الأسبوع

الخميس، ٢٥ يوليو ٢٠١٩

«بالحقيقة أول رواية كتبتها أطربني الموضوع فبدأت أكتب الرواية.. موضوع الشعر، أنا لا أدعي أنني شاعر، لكن المشكلة التي تحصل، عندما أبدأ بفكرة معينة، وأجد فيها وزناً ورتماً موسيقياً فأكملها قصيدة، ثم ألقيها في الدروج عندي، فأنا لا أقصد أن أكتب قصيدة…. اعتبر نفسي قاصاً، ولا مانع لدي من دخول الأجناس الأدبية الأخرى… ولدي خمسة روايات متنوعة». الكلام يعود للأديب عدنان كنفاني في تصنيف نفسه بين الأجناس الأدبية التي نسّقها إبداعه ودفقها عطاؤه، محافظا على نقاء كلمته، ملتزما بصدق انتمائه، ونبل القلم الذي لم ينكسر رغم المؤامرات والتحديات حتى وهو على فراش المرض. لقد غادرنا عدنان كنفاني، وغادر دمشقه- بعد أن جاء مع عائلته إليها كلاجئين بعد نكبة ١٩٤٨ في فلسطين وهو في عمر ثماني سنوات- التي أبى أن يبتعد عنها رغم كثرة المتآمرين، بل بقي بين أبنائها، ابنا بارا مدافعا وملتزما ضد المؤامرة السورية بتوافق مع قضيته الفلسطينية. من مسيرته وحواراته نورد لكم التالي:
 
في أدب القضية
لطالما اعتبر عدنان كنفاني أن النبض المقاوم هو الذي يجب أن يبقى في النثر الفلسطيني والشعر، وأن أهم ركيزة في الرواية الفلسطينية أن تنبض بالفكر المقاوم، الذي سينتقل بالعدوى إلى الأجيال القادمة «وليست المقاومة فقط بالسلاح والطيارة والدبابة…. هناك مقاومة فقر، ومقاومة وضع صعب، ومقاومة حياة مخيم، ووضع إنساني معين».
مشدداً على أهمية المكان في البناء الفني للرواية، وكيف يساعد في التصدي لمحاولات طمس الهوية الفلسطينية، حيث يتابع الكلام في أحد حواراته عن هذا التفصيل» أعتقد أن الكاتب الفلسطيني يحمل مسؤولية كبرى في توثيق قيمة المكان الروحية، مثلاً عندما أكتب رواية عن أحداث في منطقة شمال فلسطين وأمر بالذكر على مقابر الأرقام، والحولة والمرتفعات، بهذه الحالة وثّقت وجود الفلسطيني أين كان فهذه القرى التي تمسح اليوم ويتغير مكانها.. هذه مسؤولية الكاتب لأن المكان هو أهم ما يمكن أن نتحدث عنه كروائيين فلسطينيين.. المكان هو القيمة الإنسانية التي ننتمي إليها.. فإذا ألغينا المكان من كتاباتنا.. نحن نلغي بالتالي ومن دون أن نشعر كينونتنا.. أنا فلسطيني أعيش بالشتات.. من أنا إذا؟ لطالما لست مواطناً في الدولة التي أعيش فيها، ولست فلسطينياً مادام رجال السلطة جعلوني خارج المعادلة، وممنوع من الدخول إلى معظم الأقطار العربية… وكل شخص يريد أن يكون له (أنا) يجب أن يكون له مكان يملكه ويعيش فيه… أصلاً ما حقيقة الصراع مع الصهيوني.. أليس المكان؟ رسم المكان من أهم المواضيع التي يجب أن يركز عليها الكاتب الفلسطيني الملتزم دون غيره، وأنا لا أعترف برواية لا تتحدث عن المكان.. بالمطلق.. هذه ليست رواية… وحتى تولستوي.. ورواية إرنست همنغواي (الشيخ والبحر) أليست تجسيداً حقيقياً للمكان؟».
 
في الحوار مع الآخر الصهيوني
لطالما عُرف الراحل عدنان كنفاني بنزاهته واستقامته بالتزامه الوطني، وبرأيه الرافض للحوار مع الصهيوني، وبقي حتى النفس الأخير متمسكا بأرضه ومناضلا ولو بالأمل من أجل العودة «أما مع الصهيوني ومن يدعي أن الحوار معه ديمقراطية وإنسانية! فأنا لا أنتمي إليه أبداً… الحوار هو وسيلة للتطبيع، لا حوار مع من سكن بيتي، واحتل أرضي وأخذ بستاني وتنفس هوائي وسرق برتقالي.. وهذا بطبيعة الإنسان نفسه فما بالك لو كنت فلسطينياً، وهنا اسمحوا لي أن ننتبه اليوم مع كل أسف هناك من الفلسطينيين لا يأبه بذلك، وعلى رأسهم السلطة الفلسطينية الحالية، التي لا أعترف بها شكلاً ولا مضموناً، مثلما تراهم حالياً يتفاوضون مع الصهاينة صباح مساء…. وفي إحدى الندوات كانوا يتحدثون عن الآخر والاعتراف به والدولة الجديدة فوقفت وقلت لهم، أنا بيتي في عكا ولم أفوض أحداً بالتنازل عنه… إذاً أنا أختلف مع الفلسطيني الذي يحاور الصهيوني، فقط أنا أحاورهم إذا خرجوا من فلسطين، واعتذروا منا وذهبوا حتى موزمبيق.. غير ذلك أرفضه جملة وتفصيلاً… أنا أعرف فلسطين من الناقورة وحتى العقبة ومن النهر إلى البحر… ومن يتفق معي بهذا الكلام فليأت، وقلتها وكتبتها ونشرتها في كل ما كتبت، ومن يحاول أن يراوغني ويشرب القهوة مع ريتا، ويتقاسم معهم سنابل القمح، حتى اليوم لا يوجد دستور في (إسرائيل) وليس لهم حدود مرسومة حتى اليوم، وهذا يعني أنهم قادمون لابتلاعنا جميعاً…. فمشروعهم الاستيطاني لن ينتهي.. فهم يتعاملون معنا بعقلية المشروع رغم أنهم أعلنوا (الدولة) بخلاف ما يتعامل معهم البعض مثل السلطة بعقلية (الدولة) قبل المشروع الوطني… عن أي دولة مرتقبة يتحدثون؟ دولة لا يستطيع أي مسؤول فيها التنقل من دون علم إسرائيل!، دولة محدد عدد السلاح بأيدي الشرطة!، دولة منزوعة الجيش والأمن والاقتصاد! أنا ضد الدولة القادمة وأعلنها، لأنني لا أقبل بنصف الدولة فبيتي في فلسطين وسأعود إليه».
 
في غسان الأخ والشاعر
التقت روحا عدنان وغسان كنفاني الأخير الذي كان يكبر الأول بأربع سنوات، ولطالما كان له رمزا بالمعرفة، ونبعا لأجوبة للأسئلة كبيرة، ويقول الراحل عدنان عن أخيه «كنا رفاق الدرب في الثورة والقلم والفراش والثدي واللجوء والمعاناة والحرب التي عانينا منها. كان مثلي الأعلى، نحن بدأنا الكتابة في وقت واحد ونشرنا في وقت واحد، لكن عندما توج غسان بالشهادة قررت أن أختفي عن المشهد الثقافي، كي لا يختلط اسم عدنان كنفاني بأي اسم آخر، واختفيت 25 عاماً.. لم أتوقف عن الكتابة لكني توقفت عن النشر والظهور». وعن غسان الإنسان يتابع «غسان طاقة عمل هائلة، كان يقرأ بنهم كل ما يقع بيديه، وكان يعمل عملا متواصلا في الكثير من المجالات غير العمل النضالي والإعلامي، وخرج في كتاباته عن نمط الإيديولوجيا، هي التي أبقته حيا في ضمير الناس لأنه اختار الحديث عن الناس، الناس المسحوقين والمظلومين والمناضلين بصمت». ولأنّ كلمته نقية وصادقة كان فعلها كالرصاصة ولهذا قتلوه، متابعا «عندما يصبح فعل الكلمة كفعل الرصاصة أو أشد تأثيرا، تصبح الأولوية التي ينتهجها العدو قتل الكلمة، وبالتالي يحاول قتل الوعي وروح المقاومة كثقافة ونهج حياة.. ولأن الشهيد غسان كان الأنموذج والرمز في هذا المجال، قتلوه». وعن مؤلفاته الخاصة بأخيه يضيف «ألفت لغسان كتابين بعنوان (غسان كنفاني صفحات كانت مطوية) تحدثت فيها عن مرحلة الطفولة والصبا التي لا يعرف عنها أحد.. والكتاب الثاني جمعت فيه كل ما لم ينشر عن غسان في بداياته، عن كتاباته الطفولية المباشرة العاطفية… وسميته (معارج الإبداع)، نشرت كتابات غسان ولا أعرف إذا كان راضياً بذلك.. لأنه لو أراد نشرها لنشرها بنفسه… ولكني أردت أن أجعلها مقدمة لكل الشباب الصاعدين الراغبين أن يصبحوا كتاباً وأدباء وأعتقد أنه مهم جداً».
 
عدنان كنفاني في سطور
• ولد عدنان محمد فايز كنفاني في يافا عام1940.
• درس هندسة الميكانيك.
• اتجه نحو الأدب والكتابة الصحفية.
• عضو في اتحاد الكتّاب العرب، وعضو الاتحاد العام الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين، وعضو المكتب التنفيذي للحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009.
• كتب الشعر والمقالة والدراسة والبحث ونشر في الصحف والمجلات والدوريات المحليّة والعربية والأجنبية..
• مثّل الثقافة الفلسطينية في مهرجان دول حوض المتوسط في إيطاليا 2004.
• حاصل على جوائز على بعض أعماله الأدبية.
• شارك في مهرجان دعم الانتفاضة في طهران 2001.
• حاز جائزة أفضل عمل إبداعي في مسابقة الخميني للإبداع في يوم القدس.
• شارك في مهرجان نصرة مقاومة الشعب الفلسطيني في إسبانيا 2005.
• عضو فخري في جمعية الفكر والأدب المعاصر، وفي جمعية كرمة بن هانئ، وفي ثلاثة من قصور الثقافة في القاهرة ـ مصر.
• حلّ ضيفاً في كثير من الندوات الإذاعية والتلفزيونية الأدبية في سورية ولبنان ومصر وتونس وليبيا والإمارات العربية المتحدة.
• كرمته جهات رسمية وخاصة على الكثير من أعماله الأدبية.
• حصل على جائزة وتكريم تجمع الأدباء الفلسطينيين العالمي للتميّز الإبداعي في القصّة.
• فاز بجائزة الدكتور المهندس نبيل طعمة للإبداع للعام 2008
 
صدر له العديد من المؤلفات منها:
– غسّان كنفاني، صفحات كانت مطويّة.. «سيرة» دار الشموس/ دمشق 1998.
– حين يصدأ السلاح.. قصص، دار الشموس/ 1999.
– قبور الغرباء.. قصص، دار اليازجي دمشق/ 2001.
– على هامش المزامير.. مجموعة قصص قصيرة (ومترجمة للإنكليزية) اليازجي 2001.
– بِدّو.. رواية «وهو اسم قرية فلسطينية تقع شمال غرب مدينة القدس» دار اليازجي/ 2002.
– أخاف أن يدركني الصباح.. قصص «عن اتحاد الكتاب العرب» 2001.
– مسرحيّة وطنية «مونودراما» بعنوان «شمّة زعوط» عرضت على مسارح سورية 2002.
– وتطير العصافير.. مجموعة قصصية، دار الطارق/ دمشق 2005.
– رابعة.. رواية، دار الطارق/ دمشق 2005.
– خدر الروح.. قصص 2006 «عن اتحاد الكتاب العرب».
– بئر الأرواح وقصص أخرى… «عن مؤسسة فلسطين للثقافة 2007».
– رؤى.. بروق.. أطياف.. قوس قزح. قصص مشاركة في مجموعات قصصية مع مجموعة قاصين. دار اليازجي، واتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ دمشق.
– الجثة ودائرة الرمل (رواية).. عن دار الهادي، بيروت 2007.
– إيقاعات الذاكرة قصص 2008 اتحاد الكتاب العرب «جائزة د. نبيل طعمة للإبداع».
– معارج الإبداع «إعداد» 2009 الحملة الأهلية لاحتفالية القدس، مؤسسة فلسطين للثقافة.