لقاء خاص مع السيدة ديانا جبور أول مديرة للتلفزيون السوري

لقاء خاص مع السيدة ديانا جبور أول مديرة للتلفزيون السوري

نجم الأسبوع

الأحد، ١٢ يوليو ٢٠٠٩

 

عندما تشاهد تواضعها لا يخيل إليك أن أمامك بركان من المواهب دائم النشاط لا يعرف الخمول..فمن الصحافة المكتوبة إلى المسموعة والمرئية إلى كتابة السيناريو والنقد السينمائي، وأخيراً وليس آخراً أول مديرة للتلفزيون العربي السوري ومازال في الجعبة بقية نأمل أن تستمر بالوهج ذاته والألق ...

لا تفارق الابتسامة وجهها وبريق عينيها يجيب قبل لسانها أحياناً إنها السيدة ديانا جبور التقتها الأزمنة في الحوار التالي:

 

هل كانت بدايتك عن طريق اكتشاف الموهبة في الصغر أم أنها أتت بعد الدراسة الأكاديمية؟

أعتقد أنها وليدة الصغر فمنذ الطفولة أدركت العائلة شغفي بالمطالعة وقراءة كتب ذات مضمون أدبي وليس كغيري من الأطفال، وكان دور الأهل صقل هذا النهم وأصبحت أتلقى نصائحهم ومشورتهم خصوصاً والدتي التي ارتأت أن أدرس الحقوق والصحافة معاً وكانت تقول لي: (شهادة الحقوق تحمي قرارك وتمنحك الاستقلال والحصانة والخصوصية، أما الصحافة بالرغم من أنها ستحقق حلمك الذي طالما تمنيته إلا أنك ستبقين أسيرة هواجس ما يفكر به رئيس التحرير ولن تستطيعي أن تكتبي إلا ما يمليه عليك وستكون حريتك منقوصة) وكان ما أرادت فحصلت على الشهادتين...

 

*بيئتك المحيطة كانت عاملاً مشجعاً أم محرضاً للتمرد وأخذ منحى بعيد عن مثيلاتك؟

- في الحقيقة الاثنان معاً ولكن بالتأكيد التحريض كان إيجابياً فكان دفعهم لي للمتابعة يعطيني قوة استثنائية لأكون عند حسن ظنهم وليحصدوا ثمرة تعبهم وتفانيهم من أجلي، ولا أعتبر نفسي أنني متفردة عن زملاء كانوا معي أو سبقوني ولكني أعزو ما وصلت إليه إلى الجهد والمثابرة ولا أذكر أنه مرّ يوم منذ الطفولة إلى الآن لم أقرأ فيه...

*من كان المثل الأعلى بالنسبة لك أم أنك ضد فكرة اختزال المواهب وتكرارها...؟

- لا أوافق على مقولة خليفة فلان أو نسخة عنه فبرأيي أن المواهب لها خصوصية وقوة موهبة الإنسان أكبر وأكثر غنى من أن تختزل أو تلخص بنموذج واحد وهي كبصمة الإصبع لا تتشابه.

 

*كيف حققت معادلة البرنامج الراقي البعيد عن الابتذال والمشاهَد في الوقت نفسه فعلى سبيل المثال الحوارات التي كنت تجرينها. كانت تعجب الضيوف كما المشاهدين مثل حواراتك مع (حسين فهمي– دريد لحام)؟

- أنا لا أقبل فكرة أن الجمهور (هكذا يريد) فالبرنامج الذي يدرسه المقدِّم بعناية ويتعب عليه لا شك أنه سيلاقي رداً إيجابياً من المشاهد، ولا مانع من وجود برامج تسلية ومتعة لأن تذوق الكوميديا أو البرامج الخفيفة يتفاعل معها المثقف وغير المثقف وهناك فرق بين مقدم جدي يطرح قضايا ذات محتوى راق وآخر عابس متجهّم الوجه فالمشاهد قد يبتعد عن هذا النوع من البرامج لأن طريقة التقديم قد تكون منفرة أحياناً.

 

*بما أنك أول مديرة للتلفزيون العربي السوري هل وجدت في منصبك إرثاً ثقيلاً أم الطريق كانت ممهدة لك؟

- وضع المسؤولون ثقتهم بي وأنا قبلت هذه المسؤولية لذلك يجب أن أكون عند حسن الظن، وبصراحة المشكلة لدي لم تكن فقط إثبات الذات وتحقيق النجاح على الصعيد الشخصي وأي نجاح يكون نجاحاً للمرأة بشكل عام والعكس صحيح وحاولت مراراً إثبات أن المرأة تستطيع تسلّم مناصب عليا وفي جميع المجالات وأتمنى ألاّ تقف إنجازات المرأة عند مجالي فقط...

 

*كيف استطعت الخروج من نمطية المنظر الاعتيادي للمرأة المديرة أو الرئيسة؟

- المرأة التي تقوم بهذا النوع من السلوك هي معقدة وتشعر بالنقص ولديها مشاكل مع نفسها ومحيطها لأن المرأة الممسكة بزمام الأمور والتي تجيد استخدام أدواتها بثقة لا تحتاج إلى عكاز مثل (الصراخ - العبوس – واضطهاد المرؤوسين عندها) لترميم ثغرات النقص وتشتيت الانتباه عن ضعفها وهذا لا يعني أنني شخصية متكاملة لا تخطئ...

*بصراحة ما الذي ينقص القنوات السورية للوصول إلى مكانة عربية متميزة؟

- أريد أن أجيب على السؤال بسؤال برسم إجابة القارئ إذا ما قورنت القنوات الرسمية في التلفزيون السوري مع قنوات عربية رسمية أخرى هل سنخرج خاسرين؟ بالطبع لا، وأما بالنسبة للقنوات الخاصة فهي متحررة من جميع الاعتبارات والضغوط وهي مدللة بكثير من التمويل المادي وهناك فوارق كثيرة، لذلك لا يوجد فائدة من جلد الذات...

 

*كيف توفقين بين إدارة البيت وإدارة التلفزيون في وقت واحد كونك متزوجة من المخرج العالمي باسل الخطيب؟؟

- ردت ضاحكة، هناك إدارة عمل في التلفزيون وإدارة موارد بشرية في المنزل والقاسم المشترك بينهما الحاجة إلى طاقة لا محدودة من الحب والحزم وفي النهاية نجاح أي منهما يكمل الآخر، ولا أخفي أنني محظوظة بزوج متفهم يقدر جهدي في المنزل وخارج المنزل بالإضافة إلى ابني مجيد الذي خفف من أعبائي بالاعتماد على نفسه في كثير من المواقف.

 

* أنت لست رائدة فقط، وإنما عدة مواهب في شخصية واحدة ومن تلك المواهب هي كتابة السيناريو والنقد السينمائي؟

- أشبِّه شغفي في النقد السينمائي بقطار سار على سكة مؤلفة من خطين متوازيين الأول حبي لكتابة السيناريو باتجاهاته المختلفة ومدارسه الكثيرة وغناه وتنوعه .. والخط الثاني كان رغبتي في المحافظة على عادة القراءة والكتابة في اللغة الفرنسية.

 

*أنشأتم قناة دراما فلماذا لا تكون هذه القناة قطاعاً منتجاً ولا سيما أنها مربحة كما بعض القنوات المصرية المنتجة؟

- لم تكن هذه القناة لتكون جهة ربحية وإنما لدعم المنتِج الدرامي السوري ليجد مجالاً لعرض أعماله، وهذا لا يعني أننا منغلقون وأن قناة دراما هي قناة حصرية للبرامج والدراما السورية ونحن نحاول أن نعرض كل ما هو متميز حتى لو لم يكن سورياً وبما أننا ننطق باللغة ذاتها لا يمكن أ يتجاهل بعضنا الآخر ونكون معزولين...

 

*مع أن الدراما السورية حققت نجاحات منذ سنوات لماذا أتت فكرة قناة الدراما مؤخراً وهل السبب هو توفر دعم مادي لم يكن في السابق؟

- إن الدراما السورية نهضت وتألقت منذ 15 عاماً ومهمتنا كمسؤولين أن نكون مظلة حماية لهذه الثروة لتتقدم وتصبح دراما رائدة وليست متقلبة فمرة تكون طفرة من المسلسلات الجيدة وأخرى أقل من الطموح.

 

*ألا تعتقدين أن فكرة شاب وسيم لا يجيد التمثيل وكان عارض أزياء سابقاً يشوّه نجاحات الدراما السورية بعد أن حفرتم بالصخر؟

لا شيء يأخذ مكان شيء آخر، والمسلسلات التركية أتت تلبية لحاجات بعض المشاهدين وكما قانون الحياة كل شيء جديد له رونق وبريق خاص ولا تبقى المياه راكدة إلاّ في المستنقعات، ولا نغفل أن اللهجة السورية كان لها الدور الأكبر في النجاح فهي ترجمت الأحاسيس إلى كافة شرائح المجتمع، ولكن لا يجب أن نتقاعس لأنه لا توجد دراما محصنة إلى الأبد، والأعمال السورية الجيدة هي التي ستقرر مدى ثبات الدراما السورية في مواجهة المحاولات من مثيلاتها...

 

*ما رأيك بمسلسلات مثل (عصي الدمع - نزار قباني – ليس سراباً ) التي تناقش قضايا اجتماعية راقية عندما تكون نسبة مشاهدتها تقل أضعاف المرات عن المسلسلات التركية الطويلة وذات المحتوى الفارغ؟

- الواجب على كاتب السيناريو في سورية العمل على إخراج الروايات من منظومة القيم المطلقة وما يسمى بالمدينة الفاضلة البعيدة بعض الشيء عن الأرض، لهذا السبب لاقت المسلسلات التركية نجاحاً لأن الأبطال في القصص التركية ليسوا منزَّهين عن الخطأ بعيداً عن التابوهات والحواجز التي لا يجب تجاوزها في الدراما السورية.

 

*من خلال مسيرتك وإنجازاتك هل يصح قولنا أنك الشجرة المثمرة التي يحاول الكثير رميها لعرقلة مسيرتها؟

- هناك البعض سُخّر ليكون عدوّ الناجحين، وبالنسبة لي ليس لدي مشكلة إن زاد عددهم أو نقص فإن خرجت بمتضرر واحد من هذا النوع فسأكون منتصرةً.

 

*بما أنك من المميزات القلائل ما هو الطريق الذي تنصحين به المبتدئات لسلوكه ليلتحقن بركبك؟

- أهم شيء الوقوف مع الذات ومعرفة نقاط القوة والضعف وتحديد الأهداف، وعند الوصول إلى النجاح يجب الاستمتاع به وعدم رهن الأخلاق والحياة ضريبة جاهزة وقرباناً على مذبح النجاح، فالمتعة برأيي لا تعني أبداً شراء خاتم من الماس مقابل بيع أصابعنا.

حوار غدير الحموي