نحو إطار وطني لتبسيط الإجراءات..إدارة أولويات معيشة المواطن ستحدد نجاح مشروع التنمية الإدارية

نحو إطار وطني لتبسيط الإجراءات..إدارة أولويات معيشة المواطن ستحدد نجاح مشروع التنمية الإدارية

أخبار سورية

الخميس، ١٣ يونيو ٢٠١٩

سامي عيسى
ربما تعطي النظرة المتفائلة إلى مشروع الإصلاح الإداري الذي أطلق منذ نحو عامين حافزاً مهماً لجميع مفاصل العمل المؤسساتي، والأهم ما ينتظر منه من إعادة بناء قدرات ومهارات فنية وإدارية للعاملين في هذه المؤسسات، للوصول في النهاية إلى تطوير الإدارة العامة نحو الأفضل والتحديث المستمر لها.
المشروع الذي أطلق في حزيران عام 2017 الذي يعد درجة إضافية في سلم تطوير الإدارة العامة، وتعزيز أدائها في مكافحة الفساد والترهل الإداري الذي تخلل تفاصيل عملها سنوات عدة وازداد بسبب الأزمة الحالية، سيعيد إرساء قواعد التنمية الإدارية وفق تقييم واضح ودقيق للواقع، واعتماداً على برامج عمل تنفيذية قابلة للتطبيق، وتوفير ما يلزم لها من موارد وخبرات ومهارات تتحول إلى دليل نحو تطوير الإدارة العامة في سورية وتعزيز قدراتها.
منهجية
محاور مشروع الإصلاح الإداري التي طرحت شكلت منهجية عمل واضحة وموحدة لمختلف الوزارات والمؤسسات التابعة مع خصوصية عمل كل وزارة، أهمها قياس الهيكليات الإدارية والوظيفية، كذلك قياس الأنظمة الداخلية والتوصيف الوظيفي، ومكافحة الفساد، ورضا المواطن والموظف، ومع إعادة تقييم سير هذا المشروع مؤخراً والخطوات المنجزة كان لابد من إعادة وضع أولويات في ظل ظروف ومستجدات لاتزال تفرزها الحرب على بلدنا، وتكليف كل وزارة والمؤسسات التابعة لها بإعادة تحديد أولوياتها على مستوى الإصلاح الإداري لينعكس على المستوى الوظيفي، وتضع الأطر الأساسية بالتنسيق مع وزارة التنمية الإدارية وتالياً كل شخص يتحمل المسؤولية في مفاصل العمل التي تم اختيارها.
الأبرز
العنوان الأبرز والحاضر في هذا التوجه هو أن تحدد الأولويات سواء أفقياً أو عمودياً وفق أثرها المباشر في معيشة المواطن، حيث تم تصويب الأولويات وبعض عناوين العمل ضمن مشروع الإصلاح الإداري، كذلك هناك أولويات تخص الفريق الحكومي وهناك مجموعة من المؤشرات والمعايير يتم تحديد الأولويات بموجبها مع الإشارة إلى أن الأولوية للخدمات وتبسيط الإجراءات وذلك وفق ما أكدته وزيرة التنمية الإدارية الدكتورة سلام السفاف، وتضيف أن مجلس الوزراء أقر مؤخراً الإطار الوطني الناظم لتبسيط الإجراءات، ويعد الأول من نوعه على مستوى سورية، حيث سيتم التواصل مع جميع الجهات العامة وانتقاء الخدمات ذات الأولوية لتعمل على تبسيطها ضمن هذا الإطار، حيث يتضمن الدليل الاسترشادي الذي ستصدره الوزارة وبرنامج التتبع التنفيذي للعمل على تبسيط خدماتها وتحسينها، والبرنامج الزمني الذي يحدد ترتيب سير المراحل والأهداف المرحلية التي يحققها، فضلاً عن تخصيص فصل مستقل لتدريب العاملين في فرق الإجراءات لدى الجهات العامة.
فرق
ويعتمد هذا الإطار لتنفيذه على فرق عمل متخصصة يتم تشكيلها لدى الجهات العامة كلها والعمل على تدريبها على المنهجية الوطنية لتبسيط الإجراءات، وعلى المعايير الوطنية لقياس جودة تبسيط الإجراءات وعلى أحدث الأدوات المعلوماتية الداعمة لهذه العملية، الأمر الذي يساعد الوزارة في تأسيس الدليل الوطني للخدمات المبسطة.
وتقول السفاف إن الرؤية والهدف من إصدار الإطار الوطني الناظم لتبسيط الإجراءات الوصول لإجراءات حكومية مبسطة تعزز العمل الحكومي وتسهم في تحقيق رضا المواطن، بهدف تحسين جودة الخدمات المقدمة لقطاع الأعمال والمواطنين، وتحسين الأداء الإداري، كذلك تحقيق التكامل بين الجهات العامة وتخفيف تكاليف النفقات المالية والإدارية للخدمات المقدمة من قبل هذه الجهات والتأسيس لتقديمها بطريقة إلكترونية عصرية.
إطار
مع الاشارة إلى أن العمل يتم ضمن إطار زمني سيتم تنفيذه وفقاً للخطط المتعاقبة، حيث يكون زمن تنفيذ كل خطة ثلاث سنوات إذ يبدأ التنفيذ في عام 2019 وتنتهي الخطة الأولى عام 2021، ولابد من دراسة الأثر الاقتصادي والوظيفي، وإجراء التقييم بعد كل مرحلة، أي أن تكون السنة السابعة بعد تنفيذ خطتين متعاقبتين سنة تقييم وضبط تقويم مسار تنفيذ تبسيط الإجراءات، والوقوف عند مكامن الخلل ومعالجتها وفق السفاف، ويعتمد نهج هذا الإطار على مجموعة من المبادئ الأساسية التي لابد لجميع الجهات العامة من اتباعها، حيث تعدّ هذه المبادئ الإطار العام الذي يحدده ويساعد في تحقيق أهدافها، تتمثل بالأولوية والاعتمادية وتحسين الأداء ورضا المواطن وسحب الثبوتيات غير الضرورية، أي إنه سيتم البدء بالخدمات ذات الأولوية التي لها الانعكاس الأكبر على قطاعات الخدمات في المؤسسات الحكومية، والبدء بتبسيط الإجراءات للخدمات المركزية في كل جهة عامة التي تعتمد بقية الخدمات عليها، كما إن عملية تبسيط الإجراءات عملية مستمرة.. والغاية منها تحسين أداء العمل الحكومي وزيادة مرونة تنفيذه، والأهم أن رضا المواطن هو إحدى النتائج المباشرة لتبسيط الإجراءات حيث يشكل تقديم الخدمات الجزء الأكبر من العمل، ويجب أن ينظر القائمون على تبسيط الإجراءات إلى طبيعة وعدد الثبوتيات التي يتم طلبها لتنفيذ الخدمة الحكومية، فهناك طلبات وثبوتيات مكررة وهناك أكثر من جهة تنجز المهمة ذاتها وهذا يحتاج إعادة النظر في تدريب الحلقة الأهم في عملية التنمية الإدارية وتتمثل في الاستثمار بالعنصر البشري والاستفادة من الخبرات والكفاءات للدرجات القصوى وإدارة الموارد البشرية بالشكل الأمثل في عملية البناء، والقيام بمشروع الإصلاح الإداري من خلال عمليات انتقاء صحيحة ورفع كفاءة الكوادر البشرية وتأهيلها.
وعن الموضوع ذاته، أكد معاون وزيرة التنمية الإدارية الدكتور حافظ بلال أن تلبية متطلبات مشروع الإصلاح الإداري تحتل الحيز الأكبر من عمل الوزارة وفق محاور أهمها: إيجاد البيئة التنظيمية الحديثة من خلال إجراءات المعالجة والمراجعة للبنى التنظيمية، وإعادة هيكلتها، وأتمتة وتبسيط الإجراءات، وتنفيذ خطط تنمية إدارية وتأهيل وتدريب للجهاز الإداري والكوادر القيادية في الجهات العامة، إضافة إلى إعداد الاطار العام لبرنامج إصلاح بنية الوظيفة العامة لتطويرها وتحديثها لجعلها قادرة على الاستجابة لمتطلبات الإصلاح الإداري. وهنا يوضح الدكتور بلال أن الغاية والهدف من تدريب القيادات الإدارية تنبعان من كون هذه القيادات هي الحاملة والمنفذة للمشروع الإصلاحي، ومن أجل ذلك يتم وضع برامج لرفع مهاراتها وإكسابها المعارف الجدية وصقل خبراتها لتكون أكثر استجابة لمتطلبات الإصلاح الإداري، ولاسيما منظومة العمل الجديدة والبيئة المختلفة عما سبق.
جودة التنظيم
ويشير إلى أن هذه الاستجابة ستحدد وتقاس فاعليتها من خلال منظومة القياس والتقويم المنفذة من قبل الوزارة، وبناء على مؤشرات مرتبطة بجودة التنظيم المؤسساتي وتبسيط الإجراءات ومكافحة الفساد ورضا المواطن ورضا الموظف.
فكل مؤشر له درجات محددة، وعدم توافر تلك البيئة التنظيمية الحديثة والمتطورة سيجعل تلك المؤسسات في موقف حرج في حال ظهر ترتيبها الضعيف على مرصد الأداء الإداري.
وللعلم تم العام الماضي البدء بتنفيذ البرنامج الأول لمهارات القيادة الإدارية للمديرين العامين في سورية لتعزيز القدرات القيادية للمديرين العامين في الجهات العامة ليكونوا أذرعاً داعمة في تنفيذ مشروع الإصلاح الإداري، ويستهدف البرنامج صقل مهارات المديرين العامين في المؤسسات والشركات والهيئات والمراكز العامة بما يؤمن متطلبات مرحلة إعادة الإعمار، ويحقق التميز في أدائهم من خلال تطوير معارفهم وتنويع مصادر خبراتهم المعرفية وتوفير كل ما يلزم لضمان التحسن المستمر في أداء مؤسساتهم، وتشكيل سلسلة وظيفية متكاملة تنتقل من خلالها خبرات المديرين إلى جميع العاملين في المؤسسة.
في المقابل
ويقول بلال: إنه في الطرف المقابل هناك مطالب للمديرين الذين ينوون جدياً الانخراط في خطط التدريب تتعلق بالدرجة الأولى بتعديل التشريعات بما يعطي المؤسسات المرونة الكافية لتأمين الكوادر البشرية اللازمة لها، والاهتمام بالتنمية البشرية وتعزيزها واستغلال طاقة الشباب التي تتمتع بها سورية، وتوظيف الخبرة الأكاديمية لأساتذة الجامعات والهيئات العلمية في تطوير مهارات الكوادر الإدارية والارتقاء بالعمل المؤسساتي، قد يعطي البدء بتعديل دراسة كل التشريعات والقوانين الناظمة لعمل الدولة التي يبلغ عددها /949/ تشريعاً والقرار بتعديل /190/ منها بالكامل، إضافة إلى دمج العديد من التشريعات يعطي جرعة تفاؤل إضافية في تعزيز البيئة التشريعية اللازمة لإعادة الإعمار والوصول إلى إدارة ناجحة يصبو إليها كل مواطن سوري.
تشرين