بسبب الاستملاك وعدم الاستثمار… مبانٍ متهالكة في دمشق القديمة!

بسبب الاستملاك وعدم الاستثمار… مبانٍ متهالكة في دمشق القديمة!

أخبار سورية

الأربعاء، ١٤ أغسطس ٢٠١٩

نور قاسم
مبان متهالكة في دمشق القديمة بسبب استملاكها من قبل بعض الجهات الحكومية التي لم ترمم أو تستفيد من هذه الاستملاكات بل أبقت هذه الأبنية ولسنين طويلة بعد إخلائها من السكان مهملة، وحتى من دون إجراء أي صيانة لها، الأمر الذي أدى إلى تحويل أجزاء من هذه الأبنية إلى خطر على المارة والجوار. وتبلغ المساحة الإجمالية للأبنية المستملكة في مدينة دمشق القديمة 226155 متراً مربعاً، وتتوزع هذه المساحات حسب عائديتها للجهات الرسمية المستملكة: وزارة الثقافة (46469) متراً مربعاً، وزارة التربية (41010) أمتار مربعة، وزارة السياحة (1100) متر مربع، محافظة دمشق (45217) متراً مربعاً، هيئات الدفاع المدني (37209) أمتار مربعة ووزارة الأوقاف (11310) أمتار مربعة, وقد حاولت لجنة التراث في فرع دمشق لنقابة المهندسين من خلال إقامة ورشة عمل بهذا الخصوص أن تسلط الضوء على هذه المعضلة لمحاولة إيجاد الحلول لها مع الجهات المعنية.
وفي هذا السياق, أكد رئيس لجنة المهندسين عبد الناصر عمايري أنه من خلال زياراتهم الميدانية المتكررة للمدينة القديمة لرصد الأبنية المتهالكة فيها يحاولون مساعدة الجهات الإدارية بالقضايا الفنية وفي الوقت ذاته تسليط الضوء على ضرورة الحفاظ على التراث, ولفت عمايري إلى أن هناك مواقع ومباني مهملة, وأيضاً توجد مبانٍ مستملكة ومرممة بشكل جيد تم توظيفها جيداً مثل قصر العظم، خان أسعد باشا، ومديرية المدينة القديمة في مكتب عنبر وفيه النافذة الواحدة، منوهاً بأنه توجد جهات حققت الغاية من الاستملاك بشكل مثمر، بينما توجد جهات أُخرى لم تستطع أن ترمم ما استملكته لأعوامٍ طويلة!.
وأوضح عمايري أن الحفاظ على التراث وترميمه هو حفاظ على الهوية التي تعد جزءاً لا يتجزأ من مرحلة إعادة الإعمار، لافتاً إلى أن المدينة القديمة أمام مشكلة كبيرة جداً وأنه لا بدَّ من الحفاظ على التراث المبني والمجتمعي وكذلك التراث اللامادي، والاهتمام بالتراث العمراني والمعماري الذي يحافظ على النسيج الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية فيه. آملاً أنه من خلال التفكير بصوتٍ عالٍ بهذه المشكلة مساعدة أصحاب القرار لاتخاذ القرار السليم من أجل الحفاظ على المدينة القديمة.
من جانبه مدير الشؤون القانونية في المديرية العامة للآثار والمتاحف أيمن سليمان قال: نحن أمام مشكلة حقيقية تعانيها شريحة واسعة من الناس، ففي الاستملاك هناك معضلة أخلاقية وقانونية، أخلاقية تكمن في نزع ملكية فردية لغاية تسمى النفع العام، وعندما لا تتحقق الغاية هذه لا يوجد أي نص قانوني لإعادة الملكية لأصحابها أو التعويض بشكل عادل، منوهاً بأن اللجان البدائية كانت تخمن العقارات وفقاً لمحددات وقرارات غالباً غير عادلة، مع الأخذ في الحسبان أمور موازنات الدولة وعدم القدرة على تقديم نفقات الاستملاك، وأن هذا العقار يُستملك لغاية نفع عام ولكن النتيجة كانت غبناً وقع على المواطن!، وأنه من الأفضل تضييق مساحات الاستملاك فعندما لا تكون الإدارة محققة بشكل كامل لغاية النفع العام فيجب ألا يكون هناك استملاك, وهناك آثار سلبية كبيرة من هذه الاستملاكات منها تغيير ديموغرافي كما حصل في حي الحمراوي الذي استُملك منذ سنين طويلة ولم ينفَّذ إلى الآن!، والخسارة الكبيرة في كل ذلك هي خسارة الهوية للمدن، فهذه الإجراءات غير المدروسة بدقة في المدن القديمة على وجه الخصوص تؤدي لضياع هويتها، فمدينة دمشق يضيع جزء منها كل يوم نتيجة جملة من الممارسات والأخطاء المتفاقمة والمتراكمة. ونوه سليمان بأن مديرية الآثار والمتاحف مستملكة فقط لحوالي أربعة عقارات في دمشق القديمة، وأن الشريحة الأكبر للاستملاك فيها هي لمحافظة دمشق ووزارة التربية، وأنه عندما تفكر مديرية الآثار أن تستملك أي عقار في مدينة دمشق فسيكون ذلك بناءً على خطة توظيف واضحة.
تشرين