نحو المزيد من الدعم قطاع الثروة الحيوانية.. جهود متواصلة لحمايته من الاستنزاف والتهريب

نحو المزيد من الدعم قطاع الثروة الحيوانية.. جهود متواصلة لحمايته من الاستنزاف والتهريب

أخبار سورية

الاثنين، ٢٤ فبراير ٢٠٢٠

التوجه نحو دعم المنتج المحلي للزراعة والثروة الحيوانية، وخلق فرص أكبر أمام المزارعين ومربي الدواجن والأبقار بزيادة إنتاجهم لتلبية حاجات الأسر الريفية، وتأمين دخل يساعد على رفع مستوى المعيشة لديهم، تشكّل خطوات متقدمة على صعيد التخفيف من الأعباء الاقتصادية التي تثقل كاهل الواقع المعيشي، فهذه الثروة هبة حقيقية لمواجهة الاستيراد الذي يستنزف اقتصادنا، ويزيد من توفير المواد الغذائية الأساسية كالأجبان والألبان ومشتقاتها، بالإضافة إلى اللحوم والبيض، وغيرها من المنتجات التي تحتاج إلى دعم حكومي غير مكلف، فاليد العاملة موجودة، والطلب على المنتج المحلي كبير، ناهيك عن الثقة الكبيرة من المستهلكين بهذا النوع من المنتج، وهذا ما يؤكده واقع الحال عبر لجوء معظم المستهلكين إلى ما ينتجه أبناء الريف، وشراء معظم هذه المنتجات منهم مباشرة دون وسيط، فهو منتج يتميز بثقة عالية تختلف عن منتجات المصانع التي تعتمد على إضافة النشاء ومواد أخرى تفقد المنتج قيمته الحقيقية، وبأسعار خيالية لا تتناسب مع جودة السلعة، ما يخلق منافسة حقيقية مع منتج الفلاحين.
 
إلغاء الوسيط
لابد لنا من النظر إلى المنتجات الزراعية والحيوانية بعين الواقع والمنطق، وأن نشير إلى مدى تعافي هذا القطاع وفعاليته في تدارك أزمة التجار اللاهثين خلف الأرباح الخرافية، متجاهلين تدني القدرة الشرائية للعائلات السورية، ومترفعين عن الدور الاجتماعي والإنساني الذي يمر به البلد، وهذا تماماً ما عهدناه منهم خلال سنوات الحرب، ولأن دورهم لم يعد مهماً وغير مطلوب، علينا اللجوء إلى منتجات مزارعينا دون وسيط، مدير الصحة الحيوانية حسين السليمان كشف للبعث عن واقع منتجاتنا المحلية، وقدرتها على تلبية احتياجاتنا بجودة عالية وسمعة طيبة رغم ظروف الحصار الاقتصادي، فالثروة الحيوانية تغلب عليها الحالة الصحية الجيدة للأبقار والدواجن من خلال اللقاحات الدورية والمستمرة في جميع المحافظات، وحمايتها من الأمراض، بالإضافة إلى المؤشرات الإيجابية لحملات التشخيص المخبري، والمسوحات الوبائية لأمراض الثروة الحيوانية، وبحسب تقرير مديرية الصحة الحيوانية، “دائرة التحصينات الوقائية”، بلغت نسبة تنفيذ خطة التلقيحات الوقائية والمعالجات الطفيلية الجماعية في جميع المحافظات خلال العام السابق 87% تقريباً، بينما بلغ مجموع التلقيحات الوقائية حسب البؤر المرضية 81.6% في كافة أنحاء القطر.
 
تفاوت المؤشرات
لتوضيح واقع إنتاجنا المحلي للثروة الحيوانية لابد من الاستعانة بتقرير دائرة التحصينات الوقائية للعام الماضي الذي بيّن كمية صادراتنا في العام الماضي من مشتقات الألبان، حيث بلغت 3400239 كغ، في حين بلغت صادرات معلباتنا من المرتديلا 242572، وصادراتنا من الأمعاء المملحة 273509 كغ، ووصلت الجلود المصدرة إلى 3374750 كغ، في حين تم تصدير 20 رأس غنم، و20 رأس ماعز بغاية البحوث والدراسات، أما المستوردات فقد بلغت 23335279 من مستوردات مشتقات الألبان، و14581453 من معلبات المرتديلا، بينما وصلت اللحوم المجمدة البيضاء المستوردة إلى 8924276 كغ، كما تم استيراد 901 من جدات فروج صندوق 360، و1189338 كغ من الجلود، ويبيّن التقرير أنه تم استيراد 8573 رأس عجول من أجل توفير اللحم الأحمر في السوق، بالإضافة إلى 20020 صوص فروج، بينما بلغت مستوردات الصوص البياض 22640، ووصلت أمهات الفروج إلى 97800 من المستوردات، وكشف التقرير أن عدد الثروة الحيوانية من الأبقار يتراوح ما بين 750-800 ألف رأس، ولابد من التأكيد أن السوق العراقي هو المستقطب الأهم لمنتجاتنا الحيوانية.
 
استنزاف الثروة
المؤشرات الإيجابية للصحة الحيوانية ترفع القدرة على زيادة الإنتاج، والحفاظ على جودة المنتج، ما يساهم في دعم الاقتصاد العام، وتلبية حاجات السوق، وهذا لا يعني أن هذا القطاع خال من المشكلات المختلفة التي تقف أمام فعاليته وتأثيره المباشر على حياة المواطن، ويتابع السليمان: أثر غلاء الأعلاف على إنتاج الثروة الحيوانية، لكن الضرر الأكبر كان نتيجة تهريب معظمها بطرق غير شرعية إلى دول الجوار، وخاصة في منطقة الجزيرة التي تم فيها استنزاف عدد كبير من ثروتنا الحيوانية، والنسبة الأكبر طالت الأغنام، والعامل الأخطر حالياً يتجلى في تهريب عدد كبير من منتجاتنا كالبيض واللحوم وغيرها عبر الحدود المشتركة مع دول الجوار، وخاصة لبنان، ما أثر على سعر تلك المنتجات وغلائها بشكل غير مقبول، وهنا لابد من التأكيد أن الدعم الحكومي يهدر عبر تهريب هذه المنتجات بطرق غير قانونية، أو إجازة تصدير، وهذه الطريقة تفتح باب للتهرب من الضرائب، ما يستنزف الاقتصاد العام، والثروة الحيوانية، ومنتجاتها بشكل خاص، والأسوأ من ذلك أن التهريب للدول المجاورة يقلل المادة في السوق الداخلي، ما يزيد الطلب عليها، وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وعلينا التذكير بأن هذا النوع من التهريب لا يسمح بتحديد نسبة الإنتاج، وما يتم تهريبه عبر الحدود القريبة.
 
البحث عن الفرص
قدمت الحكومة الكثير من الدعم لهذا القطاع من استيراد مواد أولية، وتخفيض ضريبة استيراد العجول، وغيرها من الإجراءات التي ساهمت إلى حد ما ببقاء هذا القطاع فعالاً، ولكن من وجهة نظر أكاديمية أوضح الخبير الاقتصادي فادي عياش أن هذا الدعم يحتاج إلى مرونة أكثر، والعمل نحو مساواة الدعم، وليس الدعم العام، أي مراعاة المتغيرات، والبحث في أسباب لجوء المربين والمزارعين لتهريب منتجاتهم، والوقوف على حقيقة تكاليف الإنتاج، والأضرار التي يعاني منها هذا القطاع الحيوي والهام، حيث يتم اللجوء إلى التهريب للتعويض عن التكاليف المدفوعة بأسعار مجدية في الدول المجاورة، لذلك فإن منع التهريب يحتاج إلى إعادة النظر بواقع هذا القطاع ومستلزماته وتكاليفه لبناء السوق المحلي، ويجب الابتعاد عن معالجة الآثار الناتجة عن التهريب كارتفاع الأسعار، وقلة العرض، بل اللجوء إلى أسباب المشكلة التي تكمن في شقين هما: أولاً خروج بعض المربين والمنتجين من الاستثمار في هذا القطاع، ما سبب قلة العرض وزيادة الأسعار، أما الشق الثاني فهو بقاء البعض الآخر في عملية الإنتاج، والاعتماد على التهريب لتعويض التكاليف المرتبطة بالأعلاف، والمحروقات، والخسائر الناتجة عن الظروف الطبيعية كالصقيع والبرد وغيرهما لتحقيق الفوائد المطلوبة، لذلك لابد من البحث في آليات جديدة لحماية هذا القطاع من الاستنزاف المستمر، خاصة أنه طال المعامل، فبعضها كان يستهلك 60 طناً من الحليب في عملية الإنتاج، والآن لم يعد يستطيع المعمل الحصول على ربع الكمية، لأن الحليب ضمن قائمة المهربات خارج القطر الباحثة عن عروض وأسعار أفضل، ويؤكد عياش خطورة هذا النوع من التهريب، وانعكاس آثاره السلبية في نقص المواد والمنتجات في السوق المحلي، وإيقاف العديد من المعامل، وارتفاع الأسعار بشكل غير منطقي.
ميادة حسن-البعث