سوق اللحوم.. بورصة أسعار متصاعدة وتلاعب وغش وتهريب!!

سوق اللحوم.. بورصة أسعار متصاعدة وتلاعب وغش وتهريب!!

أخبار سورية

الثلاثاء، ١٢ مايو ٢٠٢٠

لم تسلم اللحوم من نار الارتفاع التي طالت جميع السلع والمواد الاستهلاكية تحت ذريعة الحجر الصحي، لتدخل بورصة الارتفاع جنباً إلى جنب مع الليمون والبندورة وغيرها من المواد التي بات الحديث عنها يضاهي الحديث عن أسعار الذهب، وتغدو موائد السوريين في رمضان خالية من هذه المادة التي أصبح سعرها يوازي نصف دخلهم الشهري في الأسبوع الأول من الشهر الكريم، وعلى الرغم من محاولة السورية للتجارة التدخل لخفض أسعار اللحوم في صالاتها بنسبة لابأس بها عن السوق الخارجي، إلا أن ذلك سبّب ضغطًا هائلًا على الصالات، وأدى إلى توزيع غير عادل للمادة.
محاولات ضبط الحدود
لم يكن ارتفاع سعر اللحوم السبب الرئيسي في عدم الإقبال على شرائها خلال الفترة الحالية، خاصة بعد أن كثرت الضبوط المنظمة بحق المحال المخالفة في بيع هذه المادة، والتي كان آخرها ضبط أكثر من ثلاثة أطنان من اللحوم المثلجة المهربة بدمشق منذ يومين، وذلك ضمن مستودع للحوم المثلجة في محلة بساتين برزة بدمشق، حيث تمت مداهمة المستودع، وتوقيف ثلاثة أشخاص بداخله، وضبط سيارتين أمام المستودع محمّلتين بمادة اللحم المثلج الداخلة بشكل غير شرعي، بالإضافة لوجود سيارتين معدتين لتحميل ونقل اللحم، وبتحري المستودع تم ضبط ثلاثة برادات، أحدها معبأ بمادة اللحم، وتبيّن وجود كمية كبيرة من اللحم المثلج مرمية على الأرض، ومما لا شك به أن هذا الضبط ليس أول الضبوط المخالفة ولا آخرها، إذ يتفوق سوق اللحامين بحالات الغش والاحتيال التي جعلت من المواطنين يتجنبون الارتياد إليه هرباً من الوقوع في مصيدة الغش، ودفع مبالغ كبيرة لتناول وجبة لحم غير صالحة للاستهلاك البشري، في الوقت الذي يتمتع فيه بلدنا بثروة حيوانية تفيض عن حاجة السوق المحلي، لكن جشع التجار وطمعهم بالكسب الزائد جعلهم يلجؤون إلى أساليب ملتوية أهمها الذبح غير الحلال، والتلاعب بوزن الحيوانات عند بيعها حية، أو اللجوء إلى إطعام الحيوانات كمية كبيرة من الملح لدفعها إلى شرب كميات كبيرة من المياه قبل البيع لتساهم في زيادة الوزن الحي عند البيع، وبيع لحم الذبائح الهرمة والمنسقة تربوياً على أنها ذبائح لحيوانات فتية، الأمر الذي يجعل من العسير على المستهلك التفريق بين هذا كله ليقع فريسة ضعاف النفوس، ولكن رغم ما تم ذكره سابقاً فإن تهريب هذه المادة يتفوق على جميع ما سبق في الكسب غير المشروع، والذي يلجأ إليه الكثير من التجار فعمليات التهريب لهذه الثروة لم تتوقف يوماً ما، على الرغم من تأكيد جمعية اللحامين لنا المساعي المبذولة لوقف تهريب هذه الثروة ولكن دون فائدة، ولا يمكن إغفال دخول كميات كبيرة من اللحوم منتهية الصلاحية إلى سورية وبيعها في الأسواق، وهي معروضة ضمن البرادات في واجهات محلات اللحوم، الأمر الذي تم ضبطه مراراً وتكراراً، مع التأكيد المستمر من قبل مديريات حماية المستهلك في نشراتها على ضرورة التأكد من وجود الختم الحكومي على الذبيحة، أو على الجزء من الذبيحة، كذلك يمكن التأكد من عمر الحيوان عن طريق لون اللحم، فكلما زاد لون اللحم بالاحمرار كان العمر كبيراً، كذلك يمكن التأكد من درجة التعظم، فعظام الحيوانات الصغيرة أقل بياضاً، ومن السهولة كسرها، في حين الحيوانات كبيرة العمر يكون العظم أبيض وقوياً، أي متكلّساً بشدة.
بحثاً عن الحل
وفي جولة قصيرة على الأسواق سنلاحظ عدم وجود أسعار معلنة على واجهات العديد من المحلات، مع ملاحظة وجود فارق في الأسعار ما بين محل وآخر في السوق نفسه، وعدم التقيد بنشرة أسعار اللحوم، حيث وصل سعر كيلوغرام هبرة الغنم الناعمة والخشنة إلى 15 ألف ليرة في الكثير من المحال، وكيلو الشقف من الغنم 11 ألف ليرة سورية، وبالنسبة للعجل سعر كيلوغرام الهبرة ناعمة وخشنة بـ 7800 ليرة، وكيلو الشقف من العجل بـ 9200 ليرة، وسجلت أسعار اللحوم ارتفاعاً كبيراً مع بداية شهر رمضان المبارك، إذ ارتفع سعر كيلوغرام لحم الغنم الحي بنسبة 20% عما كان عليه قبل بداية شهر رمضان، حيث وصل سعره لـ 4500 ليرة سورية، بينما كان بحدود 3700 ليرة، بينما كانت أسعارها في صالات المؤسسة السورية للتجارة أقل بحوالي النصف للغنم، وبقيت الأسعار على حالها حتى نهاية الأسبوع الماضي، إذ تم إيقاف بيع اللحوم بداية الأسبوع الحالي ريثما تصدر التسعيرة الجديدة، ليؤكد لنا ادمون قطيش رئيس الجمعية الحرفية للحامين سبب ارتفاع سعر اللحم بأنه مع بدء التخوف من انتشار فيروس كورونا ارتفع سعر اللحم وجميع الأسعار بشكل عام، لتستمر سلسلة الارتفاعات في الأسبوع الأول من رمضان بحوالي 400 ليرة زيادة عن السعر السابق، ولكن خلال اليومين الماضيين أصدر المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق نشرة جديدة بأسعار اللحوم، حيث تم تحديد سعر لحم الغنم بـ 4200 ليرة سورية، في حين بلغ سعر كيلوغرام لحم العجل الحي 3500 ليرة سورية، ومن وجهة نظر قطيش فإن التهريب يشكّل العائق الأكبر في وجه ضبط ارتفاع سعر هذه المادة، وحالياً توقف التهريب منذ حوالي خمسة أيام، ونستبشر خيراً أن يتوقف تهريب جميع المواد ليس فقط اللحوم، وعلى الرغم من أننا في فصل الربيع، ويتم الاعتماد في تغذية المواشي على العشب، إلا أن قطيش أكد أن خراف التسمين لا تتغذى إلا على العلف، وإلا فإن السمنة تكون خفيفة، وفيما يتعلق بكمية الذبح في المسلخ الفني بالنسبة للخراف حوالي 500، وارتفعت حالياً إلى 1000خاروف، بينما العجول مازالت على حالها بحوالي 50 إلى 60 عجلاً يومياً، وفي ريف دمشق تصل كمية الذبائح إلى 200 خاروف يومياً، ناهيك عن الذبح الموجود في المسالخ غير المرخصة، وفيما يتعلق بوجود نية لاستيراد اللحوم الحمراء المجمدة، فقد صدر قرار من رئاسة مجلس الوزراء لاستيراد المادة، والموضوع قيد التنفيذ، وتسعى جمعية اللحامين دائماً لرفع صوتها إلى الجهات المسؤولة لقمع التهريب، والحفاظ على الثروة الحيوانية.
حلول بديلة
جملة من الحلول للتغلب على نقص وغلاء اللحوم في الوقت الراهن قدمها عبد الرحمن قرنفلة، المستشار الفني في غرف الزراعة، أهمها تشجيع استيراد الحيوانات الحية بهدف الذبح المباشر (عجول وأغنام)، كذلك تشجيع استيراد أعلاف الثروة الحيوانية، وتفعيل دور المؤسسة العامة للأعلاف في هذا الإطار، وتشجيع تربية الأبقار والأغنام من خلال تقديم قروض دون فوائد للمربين الذين فقدوا قطعانهم، إضافة إلى تشجيع الزراعات العلفية، ونشر نتائج أبحاث الجهات البحثية الوطنية في مجال تحسين استخدام المخلفات الزراعية بتغذية الحيوان، كذلك قيام صناعات علفية حديثة تعتمد على استثمار المخلفات الزراعية المهدورة: (قشور الفول، وقشور البازلاء، وسيقان الذرة والملوخية، ومخلفات الصناعات الزراعية..)، وتحويلها إلى مواد علفية.
ميس بركات-البعث