أخر خبر..الحكومة تمهًد الطريق لإلغاء الدعم نهائياً منتصف العام

أخر خبر..الحكومة تمهًد الطريق لإلغاء الدعم نهائياً منتصف العام

أخبار سورية

الأحد، ٦ فبراير ٢٠٢٢

إيفين دوبا
يومان على قرار إلغاء الدعم عمّن أسمتهم الحكومة “غير المستحقين” والذين اعترض أغلبيتهم، وطالبوا بحقهم بالحصول على الدعم “على قلّته”.
ويومٌ كامل عاشت فيه الحكومة قرارات متخبّطة من اجتماعات إلى اعتذارات ومن ثمّ تراجع عن بعض القرارات التي “لم تهدّئ من غضب الكثير من غير المدعومين” خاصةً بعد وصول أخبار من مصادر خاصة لـ”هاشتاغ” عن أنّ هدف الحكومة من هذه الخطوة هو تدريج فكرة إلغاء الدعم، ومن المقرر حسب قول المصادر أن تتمّ مع بداية النصف الثاني من العام الحالي، ووسط أنباء عن إجراء تغيير حكومي قريب “رداً على القرارات الاعتباطية مثل إلغاء الدعم”!
سجلّ حافل بالأخطاء!
انتقادات عدّة طالت قرار إلغاء الدعم عن بعض الفئات، سواء كان من ناحية التوقيت، أو حتى الشرائح المستهدفة، وصولاً إلى غياب الخطط الواضحة والمدروسة للوزارة، وبالتالي بات واضحاً عجز الحكومة ومسؤوليها عن تقديم مبررات علمية مقنعة لما اعتمدته من قرارات، وعمّت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لأشخاص رفع عنهم الدعم، هم يحتاجونه، أغلبيتهم جرحى حرب ومن ذوي الاحتياجات الخاصة”، وآخرون ليسوا بحاجة لأي دعم ما يزالون ينعمون به!.
وحسب قول الخبير الدكتور أمجد بدران، فقد كان واضحاً من خلال مجمل ما حصل بالأمس تخبّط الحكومة.
وفي حديث لـ”هاشتاغ” أكّد بدران أنّه مع رفع الدعم الذي سيأتي “عاجلاً أم آجلاً لكل المواطنين”، ولكن مع إعطاء بدل مالي متغير حصراً، بشرط “إعادة تعريف الحد الأدنى للأجور الذي تهرب كل الحكومة وكل المشرعين من تعريفه”.
وحسب قول بدران فإنّ رفع الدعم يحدد على أساس المقارنة برقم الدخل المالي للمواطن، وليس وفق معايير بعضها مضحك ولايناسب شعب في حالة حرب لم تنته بعد، ومهجر في أرضه!.
ولفت بدران إلى نقطة مهمة تتعلّق بنظام العائلة في سورية، والصرف فيها، والذي يختلف عن أمريكا، وهذا ما لم يتم احتسابه خلال قرار رفع الدعم؛ إذ من الممكن لأحد أفراد العائلة المقتدرين مالياً مساعدة آخر عبر شراء سيارة له لإعانته على مصاريف الحياة، أو المساعدة بتسجيل أحد أفراد العائلة في الجامعات الخاصة، فكيف يحرم من الدعم؟!.
وطالب بدران الحكومة بالإعلان عن الخطة كاملة “في حال وجدت” لرفع الدعم وجدولها الزمني كي لا تقوم الناس بتصرفات غير مسؤولة آنية تعرض المجتمع لخضات، كبيع شخص سيارة 16 حصان ليشتري سيارة 14 حصان ليفاجأ صاحب السيارة بعد فترة أن الدعم سيلغى عن سيارة 14 حصان وهكذا للشقق قد يسجلها شخص باسم قريبه وكذا كل ملكية ومصدر دخل أو سجل تجاري أو صناعي!.
والنقطة الأهم حسب قوله، هو الإعلان الحكومي عن الوفر الذي سيتم تحقيقه من خلال رفع الدعم، والاتجاه الذي ستصرف فيه تلك الأموال، فمثلاً إلغاء الدعم عن 450 ألف سيارة يعني توفير 140 ألف ليرة ثمن فرق بنزين بالشهر وخلال عام تحقق 756 مليار.
وبالتالي،يقول بدران، يجب إبلاغ المواطنين اليوم قبل الغد أين ستذهب هذه المليارات وبالتفصيل المملّ!.
عملية الطحن الأخيرة!
من المؤكد، أنّ الحكومة عبر قرارها الأخير أضافت لسجّلها الحافل بالإخفاقات والتصريحات العشوائية، إخفاقاً آخر، حسب قول الخبير الاقتصادي، الدكتور عمار يوسف، مؤكداً، في تصريحات خاصة لـ”هاشتاغ” أن “قرار رفع الدعم الأخير ما هو إلا “عملية طحن وسحق أخيرة لما يسمى طبقة وسطى أو ما تبقى منها والتي هي في العموم لم تعد تتجاوز 3 في المئة من إجمالي المواطنين.”
وأشار يوسف إلى أنّ الطريقة العشوائية في رفع الدعم قامت على مبدأ “القص ثم العد”، ثم أنّ فكرة حصر الدعم على البطاقة الذكية ويأتيها المواطن “صاغراً طائعاً” ستبقى تنشّط السوق السوداء، وكأنه يوجد اتفاق خفي بين الحكومة وبعض التجار لإنعاش السوق السوداء بشكل مستمر.
وقال يوسف: “كنا نتمنى أن يتحول الدعم للمحتاجين الحقيقيين، لا أن يتم تحويل سورية لرهينة للبطاقة الذكية تعطي وتحرم على هواها”.
وختم:”المبادئ فاشلة وسط الإمكانات الموجودة في سورية، وكلّ القرارات التي تصدر تؤكد أن الفريق الحكومي منفصل عن الواقع الحالي”.
مجلس الشعب “مع الشعب”!
لم يسلم قرار رفع الدعم عن فئات محددة من المواطنين من الهجوم على أعضاء مجلس الشعب، إذ يتساءل السوريون عن تمرير القرار دون الدفاع عن الشعب من قبل “ممثليه”.
في السياق، قال العضو في مجلس الشعب، عبد المنعم الصوا، في تصريح خاص لـ”هاشتاغ”، إنّ القرار تمت دراسته في أروقة الحكومة و”نحن تحدثنا عن ضرورة أن يشمل الدعم أوسع شريحة وألا يتم الظلم للمستحقين”.
وأضاف:”نحن بالمبدأ لسنا مع رفع الدعم ولكن هناك ظروف وواقع يفرض نفسه على الحكومة والبلد، وخاطبنا الحكومة أن الموضوع يحتاج لدراسة من أجل ضمان عدم إقصاء أي شريحة تستحق الدعم، وكان لنا حوارات ولم نقصّر، لكن ما حصل أنّ القرار حكومي بحت”.
وأشار عضو مجلس الشعب إلى وجود حالات خلل موجودة تم إخبار المسؤولين عنها قبل إعلان رفع الدعم، لافتاً إلى ضرورة وجود مهلة قبل أن يتم اتخاذ القرار بشكله النهائي لكن تم إصداره فجأة.
المشكلة في الأجور؟!
لا يتوقف الحديث عن قرار رفع الدعم و”الفجائية” التي حصلت حين تطبيقه عند حدود المستحقين من عدمهم، بل تعداه إلى وجود مشكلة جوهرية تتعلق بمسألة الأجور وهي “لب المشكلة” كما يقول الخبير أمجد بدران، فلو أنّ الحكومات المتعاقبة لم ترفع أسعار السلع والخدمات المنتجة في القطاعين العام والخاص لما برزت أي هوة بين الأجور والأسعار، لكن ماحدث حسب قوله، أن الحكومات كانت ترفع الأسعار حسب سعر الصرف الذي تحدده في موازناتها العامة، وهذا طبيعي ومنطقي بل واقتصادي ، لكن غير طبيعي واللا قتصادي، بل والشاذ أن مامن حكومة عدلت الرواتب والأجور حسب آخر تعديل للصرف مثلما فعلتها في كل القطاعات الإقتصادية والخدمية.!
إذاً، المشكلة كانت ولاتزال وستبقى مستمرة، وفقاً لبدران، وتكمن في الدرجة الأولى برفض الحكومة منح الأجور العادلة، أوالمحافظة على القوة الشرائية لأجور ثمانينات، أوحتى تسعينات القرن الماضي ، وطالما أن الأجور أقل من مثيلاتها عمّا كانت عليه منذ 40 عاماً فإنّ الدعم سيبقى أجوفاً وفارغاً ولا هدف له سوى إشغالنا عن رفض تبني الحل الجذري أي تعديل الأجور، وهي البند الوحيد غير المعدل بين جميع القطاعات الاقتصادية والخدمية.
بداية النهاية!
في النهاية، يبدو أنّ ما حصل هو هروب الحكومة من أولوية معالجة وضبط الفساد والهدر الكبيرين في مؤسسات الدعم وطوابيرها، إلى الحل الأسهل المتمثل في تقليص عدد المستفيدين من الدعم، وتالياً فالحكومة ترحّل المشاكل الجوهرية إلى الأمام على حساب المواطنين ومعيشتهم، وما حصل ما هو إلا بداية طريق “رفع الدعم” نهائيا عن المواطنين جميعا.
هاشتاغ