شكوى دائمة من عدم فعالية الأدوية البيطرية الوطنية.. و”الإهمال” يعزز المشكلة..!

شكوى دائمة من عدم فعالية الأدوية البيطرية الوطنية.. و”الإهمال” يعزز المشكلة..!

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٣ مارس ٢٠٢٢

كثر الحديث في الآونة الأخيرة وخاصة في المؤتمر العام لاتحاد الفلاحين حول موضوع عدم فعالية الأدوية البيطرية المصنعة وطنياً، هذه المشكلة تضاف إلى مشكلات ومعوقات كثيرة يتعرض لها مربي الثروة الحيوانية في وقت هم أحوج فيه للمساعدة وتذليل العقبات التي تعترض نشاطهم الإنتاجي، وهو ما يثير مجموعة من التساؤلات عن سبب التقصير في تحري ومعالجة المشكلة، أو على الأقل مناقشتها بشكل شفاف من قبل نقابة الأطباء البيطريين والجهات المسؤولة عن القطاع الصناعي الوطني، ووزارة الزراعة والاستصلاح الزراعي.
تذرع بالتزوير
الدكتور لؤي محمد رئيس فرع دمشق لنقابة الأطباء البيطريين أوضح أن موضوع فعالية الأدوية له علاقة بموضوع الرقابة الدوائية، مضيفاً: واجهتنا سابقاً فترة كثرت فيها حالات ضعف فعالية بعض الأدوية، وعند سؤال أصحاب الشركات كانت حجتهم بأن الدواء مقلد أو مزور، إضافة إلى أن آلية الرقابة كانت تحكمها مجموعة من القيود في ما مضى، أما الآن وبعد إصدار القانون رقم واحد للعام 2022 والعمل على استكمال التعليمات التنفيذية له فستصبح آليات الرقابة الدوائية أفضل ومنها اقتراح وضع لصاقة باركود تحوي جميع معلومات المنتج ونوعه وشركته ورقم الطبخة، لكن بالمقابل اعترضت الكثير من الشركات على ذكر رقم الطبخة على اللصاقة التي تقرر إضافتها على عبوات الأدوية، كون هذه العملية تعقد نشاطها الصناعي، مصراً على أن هذا الأمر يحسن الرقابة الدوائية على المنتج كفاعلية، كما أن أغلب المعامل تصدر الأدوية للأسواق بناء على نتائج مخبرية صادرة عن المختبرات العائدة لمعاملهم.
من اختصاص طبيب الحقل
وشدد رئيس الفرع على أن موضوع فعالية الدواء من عدمه لا يمكن تقييمه سوى من طبيب الحقل وليس من قبل الفلاح أو المربي، فالطبيب وحده وبعد إعطاء التشخيص المناسب والمتابعة للحالة بعد استعمال المستحضر المناسب يمكنه تقييم النتيجة، وإعداد تقرير في حالة ثبوت عدم فعالية الدواء ليصار إلى دراسته  وتقييمه من خلال اللجان المختصة، وبالتالي فإن هذا الموضوع لا يمكن تحميل المسؤولية فيه لشركات تصنيع الأدوية البيطرية بشكل تعسفي ومن قبل الفلاح أو المربي، وهذا الأمر يحتاج بدلاً من تقاذف المسؤوليات إلى التعاون بين جميع الأطراف والحلقات بدءاً من المربي إلى الطبيب إلى المعامل.
وأشار رئيس الفرع إلى أن الموضوع الذي أثير مؤخراً يتعلق بشكوى المربين من عدم تأمين الجرعات المناسبة للقاحات البيطرية المنتجة وطنياً، المقدمة من قبل وزارة الزراعة وليس الأدوية، مؤكداً أنه ونتيجة لبعض الأوضاع والظروف في الفترة السابقة لم تتم مواكبة مجموعة من الجرعات.
مشكلات المادة الأولية
وبرأي الدكتور محمد رضوان عابدين عضو لجنة الأدوية البيطرية والأسمدة في غرفة صناعة دمشق وريفها، أن هناك أسباب كثيرة تضعف من فعالية الأدوية البيطرية أو تقلل منها، أهمها المادة الأولية التي يجب أن تكون وبالدرجة الأولى قادمة من مصنع محترف في هذا المجال ويتمتع بالجودة والمصداقية والدقة، فعلى سبيل المثال خلال عملية التصنيع يجب على المصنع نزع شاردة معينة (مثل شاردة الكلور) عند تصنيع المادة الأولية فإذا تم انتزاع هذه الشاردة بشكل جزئي (بقاء50% من شاردة الكلور ضمن المادة الأولية مثلاً) سيسبب ذلك عدم قدرة أمعاء الحيوان على امتصاص المادة الفعالة بالكامل، مؤكداً أنه حتى لو قام المخبر بالمعايرة قد لا يكتشف مثل هذا الخطأ التصنيعي وبالتالي فإن مصدر المادة الأولية يجب أن يعتمد بعناية وبشكل مدروس تحت طائلة فشل المنتج النهائي المصنَع محلياً، لكن بالمقابل فإن الشركة المصنعة المحلية يجب أن تمتلك مخابر دقيقة ومتطورة تتبع قواعد تصنيع ومعايير عالية، وأقسام قوية للدراسات الفنية للحيلولة دون وقوع وتكرار مثل تلك الأخطاء.
وأشار عضو اللجنة إلى حالات أخرى كانتهاء مدة صلاحية المادة الفعالة التي تم تصنيع الدواء منها، وهذا ناتج عن وجود فوضى وحالات تخبط كثيرة في الأسواق العالمية في الصين أو الهند أو حتى أوروبا، حيث يعمد عدد من التجار إلى شراء مواد فعالة شارفت فعاليتها على الانتهاء أو انتهت فعاليتها، مع تغيير اللصاقات ومن ثم بيعها إلى المنتجين المحليين وبأسعار تصل إلى 50-30% من قيمة المادة الفعالة التي تمتلك مدة صلاحية كاملة، لافتاً إلى أن بعض دساتير الأدوية تسمح بفحص المادة الفعالة المنتهية الصلاحية في المختبرات وفي حال كانت تحتفظ بالفعالية يمكن تمديد تاريخ صلاحيتها لمدة عام على الأكثر.
ضعف الصنعة الدوائية
وبيّن الدكتور عابدين أن المصنع قد لا يمتلك صنعة صيدلانية جيدة وقد يستخدم المصنع “سواغ” أي المادة الحاملة للدواء غير الفعالة، أو المادة الحافظة للدواء، أو المادة المضادة للجراثيم أو الأكسدة، والتي تغير الحموضة أو اللزوجة للمستحضر، فإذا كان السواغ غير جيد أو عند حدوث خطأ ناتج عن اجتماع السواغات غير المتناسبة مع المادة الفعالة للمستحضر فسيحدث توقف أو سوء امتصاص للمادة الفعالة في الأمعاء وهكذا سنحصل على دواء غير فعال أو قليل الفعالية.
تحذير!
وحذر عضو اللجنة من الأخطاء المرتكبة على نطاق واسع خلال عملية نقل الأدوية حيث يقوم أغلب الناقلين بإهمال كراتين الأدوية من خلال تركها في العراء لساعات تحت الشمس أو في مكان براد جداً، أو وضعها في شاحنات، في حين نجد عناية أكبر بموضوع نقل المواد الغذائية، كما أن نقل المادة من قبل المربي بسيارة تحت أشعة الشمس أو في البرودة ولساعات قد يتلف الأدوية.
جهل في الاستخدام
كما أكد عضو اللجنة أن هناك سوء استخدام للدواء وعدد الجرعات والكمية المناسبة وأسلوب حل الدواء في خزانات المياه للدواجن أو المواشي، لافتاً إلى خطورة نوعية المياه المستخدمة في مزارع وأماكن تربية الحيوانات، حيث لاحظ من خلال التحليل الفني للمياه التي يتم سقاية الحيوانات أو الدواجن وحل الأدوية والمستحضرات البيطرية فيها تكون غالباً مياه آسنة أو تحوي نسب عالية من الكلس أو نسب مرتفعة من المعادن أو الأملاح وخاصة مياه الآبار، حيث تخرب كثافة هذه المواد المادة الفعالة في الأدوية أو تعرقل امتصاصها في أمعاء الحيوان، مطالباً بضرورة استخدام مياه نظيفة لحل الأدوية فيها، إضافة إلى أن يكون خزان المياه الذي يتم حل الأدوية فيه ذو حرارة معتدلة فلا يجوز حل الأدوية بماء درجة حرارته 45 في الصيف، أو شبه متجمد في الشتاء.
خطأ طبي
ووفقاً لعضو اللجنة فإن الخطأ في التشخيص والتشريح الذي يقوم به الطبيب البيطري عند معالجة الحيوانات قد يؤدي لاستخدام دواء غير مناسب أو غير كافي، كوجود استسقاء في كلية الطيور وعدم الانتباه له عند التشريح وقيام الطبيب بذات الوقت بوصف دواء قد يزيد من هذه الحالة، فتكون النتيجة ازدياد نفوق الطيور، وللأسف يتهرب الكثير من البيطريين من مسؤوليتهم.
نشير أخيراً إلى أن الكثير ممن يعملون في القطاع البيطري أشاروا إلى أن بعض شركات الأدوية البيطرية تعمل بأسلوب خاطئ أو بلا معايير مما يجعل الدواء الأجنبي مفضلاً لدى البعض، كما أن هناك جهل شبه مطبق لدى الكثير من الناقلين والمربين وإهمال لصحة الثروة الحيوانية وهنا نؤكد على أهمية تحقيق وعود النقابة في تشديد الرقابة الدوائية وإيجاد أفضل السبل لتطبيق آلياتها.
بشار محي الدين المحمد- البعث