ورش عمل صحافة الحلول هل تغيّر النمط التقليدي لإعلامنا في التعاطي مع قضايا المواطن؟

ورش عمل صحافة الحلول هل تغيّر النمط التقليدي لإعلامنا في التعاطي مع قضايا المواطن؟

أخبار سورية

الأربعاء، ١٨ مايو ٢٠٢٢

يعترف المعنيون في إعلامنا قبل المواطن أن هناك فجوة بين إعلامنا الوطني والشارع المحلي، حيث ما زال نمطياً تقليديا عاجزاً عن الإقناع بجدوى دوره كمرآة للواقع بسلبياته وإيجابياته، وخلال سنوات مضت كانت هناك أكثر من محاولة لتطوير خطابنا الإعلامي ونقله من الحالة النمطية إلى الحالة الإبداعية ولعل أهمها كان المؤتمر الوطني للإعلام لكنها جميعها بقيت دون المستوى الذي يجعل من إعلامنا أكثر قرباً من المواطن وقادراً على تلبية ما يريده ويحتاجه، لنصل في المحصلة إلى إعلام فاعل قادر على مواجهة تحديات الإعلام الجديد الذي كسر القيود والحدود.
المحاولات مستمرة
اللافت هذه الأيام استمرار وزارة الإعلام بإقامة ورشات العمل حول “صحافة الحلول” في محاولة لخلق أسلوب إعلامي جديد  في التعاطي مع الشأن العام بحيث يكون الإعلامي مبادراً بإيجاد الحلول ولا يكتفي فقط بالإشارة إلى المشكلات بانتظار ردود المعنيين التي غالباً لا تأتي، وفي حال أتت فتكون رفع عتب!.
علاقة جديدة
بالأمس بدأت المرحلة الثانية من ورش عمل صحافة الحلول بمشاركة العديد من الزملاء الصحفيين المشاركين وفي حديث مع البعض منهم لمسنا لديهم إجماع على أهمية هذا النوع من الورش الذي يساهم  في صنع علاقة جديدة وبناء الثقة بين وسائل الإعلام والمواطنين.
أكثر من ضرورية
برأي الزميلة غصون سليمان المحررة في جريدة الثورة أن ورش صحافة الحلول خطوة متقدمة وجديدة في الصحافة السورية في ظل الإعلام الجديد بمسمياته المختلفة، رغم أنها تجربة ليست بجديدة فقد سبقنا العالم إليها، ولكن من الضروري أن يتمكن منها الصحفي السوري ليمتلك الرؤية الصحيحة في عرض القضايا التي يعالجها في مادته الصحفية بطريقة منهجية تساعده بالبحث عن إيجاد الحلول عبر جملة المشاكل التي يضيء عليها في كتاباته اليومية.
وتعترف الزميلة “سليمان” بأن الصحفي السوري يحتاج اليوم للكثير من دورات التأهيل والتدريب ليتمكن بقوة من أدوات الإعلام، وهذه الورش إن استمرت يمكن أن تغطي جانباً كبيراً من حاجته لتطوير مهاراته وصقل خبراته، وفهم الخطوات العملية لجهة إيجاد الحل للمشكلة الاجتماعية بدءاً من اختيار موضوع المشكلة، مروراً بمعرفة الشريحة المستهدفة ومن تمثل، والبحث عن الأدلة على وجود المشكلة وأسبابها ومن له العلاقة المباشرة في حلها، ليصل الصحفي بالنتيجة إلى مادة إعلامية متقنة تترجم الأرقام والبيانات وتوظفها بالشكل المناسب.
ولم تُخفِ وجود التباس حول مفهوم صحافة الحلول المجتمعية من وجهة النظر الأكاديمية المختلفة مابين النظري والعملي وهذا برأيها يتعلق بالذهنية وطريقة التفكير، ولحل هذا الإشكال اقترحت  الاستمرار بإغناء هذه التجربة عبر التدريب والتشجيع المادي والمعنوي لطالما الظروف باتت تقيد مساحة التفاؤل بالعمل إلى حد ما.
فكرة واعدة
الزميلة ميليا اسبر المحررة في قسم التحقيقات بجريدة تشرين أكدت أن التجربة الأولى التي تمت منذ أشهر لم تكن واضحة، أم الورشة الحالية بدأت معالمها تتضح أو تنضج، بأهمية وجدوى الاعتماد على أسلوب البحث الصحفي عن الحلول وفق منهج أكاديمي، يتضمن الإجابة على أسئلة متعددة يطرحها الصحفي بهدف الإجابة عنها.
وتضيف: لا نريد لهذه الورشات أن تكون مجرد اجتماع لعرض وجهات نظر مختلفة أو تجارب عمل للزملاء المشاركين وتنام نتائجها كباقي الورش والمؤتمرات التي تُقيمها جهات أخرى، بل نطمح بأن تكون هذه الورشة بداية حقيقية للوصول إلى خطاب إعلامي سورية قريب جداً من المواطن، خاصة وأن هناك ملاحظات على أدائه فيما يتعلق بالإعلام الاستقصائي واستمرار معاناة الصحفي في الحصول على المعلومات التي تمكنه من تدعيم مادته الصحفية وإقناع المواطن فيها وبالتالي إلزام الجهة المعنية بالبحث عن الحلول المجدية.
مواضيع هامة
الزميل حسين إبراهيم منسق الورشة أشاد بالمشاريع التي تقدم بها الزملاء خلال اليوم الأول والتي ركزت على مواضيع هامة جداً وتحتاج لنقاش مستفيض وإيجاد حلول مناسبة لها منها: معالجة موضوع جذب المقاهي لليافعين، وتعزيز مستوى التعاون في القرى لمواجهة نقص الخدمات، وإعادة تدوير الثياب لمواجهة غلاء الأسعار، كما تطرقت المواضيع إلى تطوير المعاهد الفنية من خلال تحويلها إلى ورشات إنتاجية، ومسالك مرورية للأطفال أمام المدارس، والتطرق لمشكلة تأخر سن الزواج بعد الأزمة وأفق الحلول بعد أن زادت نسبة العنوسة بشكل واضح ومقلق.
وأوضح إبراهيم أن التحضير للورشة بدأ قبل حوالي شهر من خلال جلسات حوارية لتعزيز مفهوم صحافة الحلول عن طريق العصف الذهني بين الزملاء المشاركين
وبرأيه أن أهمية الورشة تكمن في كونها أسلوب جديد لاستيعاب التطورات العالمية في مجال الإعلام من خلال التطبيق العملي، وهو ما يعزز قدرات الصحفيين ويرتقي بمستوى الأداء بمهنية عالية، لافتاً إلى وجود جانب آخر لا يقل أهمية عن تطوير الأداء وهو الحوار بين الزملاء من خلال طرح العديد من المواضيع الهامة للنقاش والحوار قبل نشرها.
تأطير التجربة
الزميلة سكينة محمد المحررة في وكالة سانا تمنت نجاح تجربة صحافة الحلول في حل المشكلات المجتمعية، وبرأيها أن المواضيع يجب أن لا تقتصر فقط على طرح الشأن الاجتماعي وإنما تعميمها على كافة المجالات والبحث عن حلول لباقي المشكلات.
وأضافت: نحن بالأساس نعمل في نعمل بصحافة الحلول ولكن من خلال هذه الورشة تم وضع إطار لها لتكون النتائج أفضل وهذا بالتأكيد سينعكس على تطوير الأداء الإعلامي وبالتالي تطوير إعلامنا، اقترجت الإضاءة على التجارب الناجحة  لتتعمم بالمجتمع وتكون حلول مجتمعية تخفف العبء عن الدولة وتسهم في تحسن الوضع الاقتصادي.
المشاركة للجميع
عدد من الزملاء من غير المشاركين في الورشة استغربوا محدودية المشاركة فيها متسائلين: لماذا لا تكون الورشة مفتوحة لكل الصحفيين الذي يعملون في وسائل الإعلام المحلية سواء الرسمية أو الخاصة المرخصة والمعتمدة من قبل وزارة الإعلام؟، ولماذا لا يكون لاتحاد الصحفيين دوراً في هذا الخصوص؟، فيما رأى آخرون إن تطوير الإعلام السوري لا يمكن أن يتم بندوات ومؤتمرات، ولكن بتأهيل وتدريب الكفاءات واختيارها بشكل صحيح، وبإيجاد بيئة تشريعية آمنة للعمل الصحفي، في إشارة إلى أنه لا جدوى من طرح المشكلات والحلول لها إن لم يكن الإعلام يمتلك الجرأة في الطرح والشفافية في النقد المبني على معلومات ووقائع صحيحة لا زال الصحفي يعاني من الحصول عليها، مع التأكيد على ضرورة أن يكون قانون الإعلام المنتظر يعي جيداً هذه القضايا حتى يكون إعلامنا إعلام دولة ومواطن بعيداً عن أي تأثيرات ، وإنما يحقق التشاركية بين الحكومة والمواطن.
وطالب عدد آخر من الزملاء بتوفير الأدوات للصحفي ودعمه مادياً ومعنوياً أي حل مشكلاته أولاً كي يتمكن من العمل قبل الحديث عن تطوير الإعلام وحل مشكلات المجتمع.
بالمختصر، ورش عمل صحافة الحلول خطوة جيدة وهامة نحو الابتعاد عن الأداء النمطي التي تجتره وسائل إعلامنا على مدار العقود الماضية، ولكن بالرغم من أهميتها فهي لا تكفي لوحدها لتطوير الإعلام وتعزيز دوره في العملية التنموية والتغيير الاجتماعي وإعادة الاعمار وأن يكون معبراً عن قضايا المجتمع في مختلف المجالات.
نذكر أخيراً أن ورشة عمل صحافة الحلول المقامة حالياً بالتعاون مع الجامعة الافتراضية السورية هي الثانية من نوعها، وكانت الأولى أُقيمت في 27 تشرين الأول عام 2021 وكان من أبرز توصياتها الدعوة إلى إدراج مفاهيم وتجارب صحافة الحلول ضمن المناهج التعليمية والتدريبية في كلية الإعلام والدورات التدريبية.
غسان فطوم-البعث