أردوغان يوسّع أطماعه بـ«المنطقة الآمنة» في الشمال السوري

أردوغان يوسّع أطماعه بـ«المنطقة الآمنة» في الشمال السوري

أخبار سورية

الثلاثاء، ٢٤ مايو ٢٠٢٢

 سيلفا رزوق
واصل رئيس النظام التركي السير في ألاعيبه العدوانية تجاه سورية، مستغلاً حالة عدم الاستقرار الدولي القائمة حالياً على وقع العملية العسكرية الروسية في أوكرانياً، معلناً وعلى مرآى ومسمع العالم الغائبة شرعيته لحساب شريعة الغاب، عن مواصلة نظامه إنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كم داخل الأراضي السورية، وعن استعدادات يجري التحضير لها لشن عملية عسكرية بذريعة الرد على الإرهاب، الذي افتعله وموله وأمن له الحماية بمساعدة حليفته أميركا.
رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية والمغتربين في مجلس الشعب بطرس مرجانة وفي تصريح لـ«الوطن»، أكد أن أي حديث عن إنشاء «منطقة آمنة» هو حتماً لا شرعي، كما هو الاحتلال التركي لا شرعي، ورئيس النظام التركي يسعى لاستغلال الوضع العسكري والسياسي القائم في العالم وفقاً لمخططاته، لافتاً إلى أن معارضة رئيس النظام التركي لانضمام فنلندا والسويد لحلف الناتو هي محاولة ابتزاز جديدة، للحصول على مكاسب، ومن ضمن هذه المكاسب الجزئية المتعلقة بما يسمى المنطقة الآمنة في سورية.
وشدد مرجانة على أن مخططات النظام التركي الساعية لضم هذه المناطق والاستيلاء عليها لن يتم السكوت عنها، والدولة السورية كما الشعب السوري، لن يقبلوا ولن يسمحوا بتمرير هذه المخططات، وقال: «أشك أن يقبل الشعب السوري بأن يكون بعهدة أردوغان».
وشكك مرجانة بإمكانية حصول أردوغان على أي اتفاق يسمح له بتمرير مشروعه، لأن موضوع إنشاء منطقة آمنة يجب أن يصوَّت عليه في مجلس الأمن ولا يمكن تكريس هذه المنطقة بمجرد أن أردوغان اقترحها، وأضاف: «الحليف الروسي يقف إلى جانب سورية كما الحليف الإيراني، ولا ننسى الصين إذا كنا نتحدث عن الجانب السياسي في هذا الأمر، ومجلس الأمن لا يمكن أن يمرر مثل هذا المشروع أو يوافق عليه، وما يجري لا يعدو محاولة ابتزاز».
وشدد مرجانة أن ما يسمى «المنطقة الآمنة» غير مقبولة وسابقة خطيرة لا يمكن السكوت عنها، وسورية لن تسكت لا سياسياً وحتى عسكرياً بمساعدة الحلفاء، وهي غير مقبولة دولياً ولم يتم السماح لأردوغان في وقت سابق في تمرير هذا المشروع، كما لن يسمح له الآن.
مرجانة لفت إلى مرسوم العفو الذي أصدره الرئيس بشار الأسد والذي على إثره خرج الكثير ممن يمكن تسميتهم بالسجناء، معتبراً أن هذا المرسوم لم يتم تسويقه بشكل صحيح خارجياً حتى الآن، وتبيان الإيجابيات التي يحملها ينبغي استغلالها لإعادة اللاجئين لديار الوطن فهو يحفز أي شخص لجأ وتحت ظروف معينة إلى خارج البلاد للعودة للوطن لأن وطنه أحق به وهو أحق بوطنه من أي مكان آخر، وبالتالي سحب ورقة الابتزاز التركية التي يجري استخدامها لتبرير الاعتداءات والمشاريع المعادية لسورية عبر المساومة والابتزاز والاستغلال.
الكاتب المتخصص بالشأن التركي سركيس قصارجيان وفي تصريح مماثل لـ«الوطن»، اعتبر أن تصاعد خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في تركيا عزز من مخاوف أردوغان لجهة خسارته للأصوات في الانتخابات المصيرية العام القادم، بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها تركيا حيث وصلت الليرة إلى عتبة 16 مقابل الدولار، ويحاول رئيس النظام التركي من خلال إعادة إحياء مشروع «المنطقة الآمنة» في شمال سورية، الإيحاء بحل مشكلة اللاجئين السوريين في بلاده لطمأنة المستائين من وجودهم وضمان أصواتهم من جهة، والحصول على أصوات القوميين الأتراك.
ولفت قصارجيان إلى أن المقلق في الموضوع هو الظروف الدولية والضغوطات التي تمر بها روسيا نتيجة حربها في أوكرانيا، وهي الطرف الضامن لاتفاقيات وقف إطلاق النار في شمال سورية لجهة الحكومة، بالإضافة إلى محاولات أردوغان لاستعمال حق الفيتو في حلف الشمال الأطلسي كورقة للتفاوض مع الولايات المتحدة للحصول على مكاسب اقتصادية وتنازلات سياسية مقابل السماح بانضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، وهو مطلب غربي تتمسك به كل دول التكتل العسكري الأكبر عالمياً، عدا تركيا التي تحاول تحويلها إلى فرصة واستغلالها لتحقيق حلم «المنطقة الآمنة».
واعتبر قصارجيان أنه في المقابل لا يزال الخطاب السوري الإعلامي منه بشكل خاص، مقصراً في شرح مآلات مشروع التغيير الديموغرافي التركي في الشمال ونتائجه السلبية على أمن واستقرار بلدان المنطقة بما فيها تركيا صاحبة المشروع نفسها، مشيراً إلى أن مشروع أردوغان ليس حلاً بل هو مشروع لتحويل اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب إلى لاجئين مرة أخرى، فالأغلبية العظمى من الذين ستقوم تركيا بطردهم إلى الشمال السوري ليسوا من أبناء المنطقة، ما يعني أنهم سيبدؤون مشواراً جديداً من اللجوء في أرض وبيئة غريبة لا ينتمون إليها، وبالتالي ستزداد معاناتهم الاقتصادية ومشاكلهم الاجتماعية، وهذه الخطة ليست سوى خدعة للرأي العام التركي داخلياً، ومحاولة لإحداث تغيير ديموغرافي في شمال سورية الواقعة تحت الاحتلال التركي، في انتهاك واضح وصريح للقوانين الدولية ومبادئ التجاوز الجغرافي، بالإضافة إلى أن عنوان المشروع لا يتناسب أصلاً مع مضمونه، فكيف يمكن الحديث عن «عودة طوعية» وفي الوقت ذاته تحديد أعداد العائدين وأماكن تمركزهم؟ فأين الطوعية في الموضوع؟
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين أكدت في بيان لها قبل أيام رفضها بالمطلق لهذه الألاعيب وطالبت الدول في المنطقة وخارجها التي زجت بنفسها في تمويل هذه المشاريع الإجرامية والدعاية لها، بالتوقف فوراً عن دعم النظام التركي لتحقيق أوهامه الشيطانية وألا تتيح الفرصة أمام مخططات أردوغان التي ثبت خطرها على المنطقة والعالم.