هل تقود أبو ظبي مصالحة خليجية مع دمشق؟

هل تقود أبو ظبي مصالحة خليجية مع دمشق؟

أخبار سورية

الجمعة، ٦ يناير ٢٠٢٣

مع تبادل الزيارات واللقاءات لتعزيز التعاون المشترك بين الإمارات وسوريا، يبدو أن أبو ظبي أخذت على عاتقها مهمة إذابة الجليد ما بين دمشق ودول الخليج، لا سيما المملكة العربية السعودية.
وفي الوقت الذي استقبل فيه الرئيس السوري بشار الأسد وزير الخارجية والتعاون الدولي لدولة الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، تسلّم وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، رسالة خطية من نظيره الإماراتي ‏عبد الله بن زايد آل نهيان، تتعلق بالعلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات.
وطرح البعض تساؤلات عن هذا التزامن، وعن إمكانية أن تقود الإمارات جهود المصالحة ما بين سوريا والسعودية، وكذلك الدول الخليجية والعربية، بعد زيادة التقارب والتعاون ما بين دمشق وأبو ظبي في الفترة الأخيرة.
مساع إماراتية
اعتبر الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، أنه من المتوقع وشبه المؤكد بأن هناك تحركات إماراتية لتقريب وجهات النظر ما بين الدولة السورية ودول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، وأن الزيارات المتبادلة بين أبو ظبي ودمشق، بحثت تنقية العلاقات العربية عامة، والخليجية السورية بشكل خاص وتقريب وجهات النظر بينهم.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، في حالة كان هناك وساطة إماراتية في هذا الاتجاه ستكون مهمة، باعتبار أن أبو ظبي باتت مركز استقطاب خليجي وليست بعيدة على أن تكون مركزًا إقليميًا، وهي تدير دبلوماسية متعددة المسارات والأوجه، وحققت موقعًا سياسيًا يمكنها من التواصل مع جميع الأطراف حتى في حالة الاستقطاب المتبادل، وعبر هذا الموقع بإمكانها أن تكون مفتاحًا لتحسين العلاقات ما بين سوريا والسعودية.
ويرى دنورة أن عودة سوريا لمحيطها العربي يحقق مصلحة سورية وعلى وجه التوازي مصلحة لكل دول الخليج العربي، لأن فقدان دولة بموقع ووزن سوريا الإقليمي ودورها المفتاحي في شرق المتوسط، ينعكس سلبا على إمكانيات السياسات الخارجية لدول الخليج، وهذه القطيعة تحد من مجالات الحركة والمناورة لدول الخليج في الساحة العربية، وهي لا يمكن أن تستمر للأبد، لأن القطيعة ناتج مؤقت لمرحلة انقضت، وأصبح من الضروري تبديل هذه السياسات التي استنفدت الهدف منها.
ولفت إلى أن الإمارات تلعب دورا كبيرًا في تقريب وجهات النظر، ولها علاقات جيدة وممتازة مع الطرف الروسي، وهو من شأنه أن يعزز الدبلوماسية الإماراتية متعددة الأوجه، وأن يمهد المزيد من الطرق بين أبو ظبي ودمشق على قاعدة التشاور المستمر وتحسين العلاقات وتدعيمها في المجال السياسي والاقتصادي والأمني.
وأوضح أن هناك ضرورة لاستعادة الحد الأدنى من العمل العربي المشترك للوصول إلى حالة توازن على الساحة العربية، وهناك الكثير من الملفات التي تتطلب وجود تنسيق عربي مستمر، ولن تحل إلا بالجهد العربي المشترك، مشيرًا إلى أن غياب الدور السوري لا يمكن تعويضه بأي عامل آخر بحكم الجيوبولتيك والتوازنات القائمة في الإقليم.
وتابع: “حتى تتبلور إرادة عربية قادرة على الفعل وألا تكون مستلبة لمحاور إقليمية ودولية هناك شرط لا غنى عنه وهو عودة العلاقات لطبيعتها ما بين سوريا والسعودية، وكل ذلك ضمن منظور يراعي الحياد بقدر الإمكان على المستوى الدولي، والإمارات والسعودية قد قطعا أشواطا كبيرة على طريق أوبك بلس وتعزيز الشراكات المستحدثة مع روسيا والصين، وجميع هذه العوامل تلعب دورا مهما لإيجاد الأرضيات الضرورية لنزع الألغام التي توجد تأثيراتها على الساحة العربية”.
ضرورة ملحة
بدوره، قال العميد عبد الحميد سلهب، الخبير الاستراتيجي السوري، إن اللقاء الذي جمع الرئيس السوري بشار الأسد مع وزير الخارجية الإماراتي شمل محادثات بناءة ومفيدة إيجابية، وناقش موضوعات إقليمية مهمة، من بينها العلاقات ما بين سوريا والدول العربية والخليجية.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، من الممكن أن تلعب الإمارات دورًا إيجابيًا للتوسط ما بين دمشق ودول الخليج العربي، لا سيما المملكة العربية السعودية، مؤكدًا على أهمية هذه الخطوة من حيث التنسيق والتعاون في كافة المجالات.
 
وأوضح أن الظروف الدولية متغيرة جدًا، وهناك تنازع دولي كبير جدا وظهور أقطاب جديدة، وهذا الوضع يلقي بظلاله على المنطقة والإقليم.
واعتبر سلهب أن هناك ضرورة ملحة لإعادة العلاقات والتعاون بين دمشق ومحيطه العربي، وإيجاد حلول للمسائل التي تعتبر ساخنة ما بين الدول العربية.
تنسيق خليجي
بدوره اعتبر حسن إبراهيم النعيمي، المحلل السياسي والاستراتيجي الإماراتي أن هناك تنسيقًا وتعاونًا ما بين دول الخليج العربي، في كافة المجالات.
وكان النعيمي قد أكد في تصريحات سابقة لـ “سبوتنيك”، أن التقارب السوري مع الإمارات والدول العربية، أصبحت خطوة أكثر إلحاحًا بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من منطقة الشرق الأوسط، وانشغالها بمشاكلها الداخلية والأزمات الحادة التي تواجه النظام الرأسمالي بقيادتها، والذي بدأ في التراجع والانحسار السياسي والعسكري.
وأكد أن كل تلك المعطيات فرضت على الدول العربية إيجاد شكل من أشكال التعاون فيما بينها، وأن هناك مبادرة إماراتية ترمي إلى عودة سوريا إلى الحضن العربي، مشيرا إلى الدور الإيجابي الذي تقوم به الإمارات لفتح قنوات الاتصال فيما بين الدول العربية وبعضها البعض، وإذابة الجليد الذي راكمته الظروف الصعبة والتدخلات الخارجية في الفترة السابقة.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، مساء أمس الأربعاء، أن الرئيس الأسد بحث مع عبد الله بن زايد آل نهيان، العلاقات المتميزة التي تجمع البلدين، سوريا والإمارات.
وذكرت الوكالة أن الرئيس بشار الأسد ناقش مع عبد الله بن زايد آل نهيان أطر التعاون القائم بين الدولتين في العديد من المجالات، ومدى تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية لما فيه مصلحة البلدين.