أطفال اصبحت مساكنهم في الحاوية..في مجتمع اوشك الوصول إلى الهاوية

أطفال اصبحت مساكنهم في الحاوية..في مجتمع اوشك الوصول إلى الهاوية

أخبار سورية

الأحد، ٤ يونيو ٢٠٢٣

يا لهول هذا المشهد التي تراه عينك الآن، طفولة تنتهك بأقبح الاشكال يا لها من مفارقة غير عادلة، أطفال يذهبون الى مدارسهم و يتمتعون بالرخاء  في حين ان البعض باتوا مجبرين على التسول تحت سيطرة قسرية من قبل أشخاص فقدو ما تبقى من الكرامة و أدنى مشاعر  الرحمة و الانسانية فعلاً كما قال المثل "إن لم تستح فافعل ما شئت".!
هم للأسف الآباء أنفسهم يتاجرون بفلذات اكبادهم مقابل حفنة من النقود
 فما المحرك الذي اودى بنا لوجود هذه الظاهرة التي تفشت بشكل هستيري في الآونة الاخيرة؟ هل بالفعل هذه الظاهرة وليدة العصر ام هي نتاج لما خلفه الوضع الاقتصادي المتردي في المنطقة ام هي أزمة أحلاق إذا صح التعبير؟
هل بقي اشنع من استغلال براءة الابناء  و تسخيرهم لجمع الأموال تحت وطأة البرد القارس و الحر اللاذع؟  قد أصبحنا جميعاً نرى هؤلاء الصغار يتوسلون إلينا للحصول على المال فبتنا غير قادرين على التمييز بين من هو فعلاً بحاجة لهذه المساعدة ام هم مجبرون على ذلك و إنهم غير مستفيدين منها و هي حتماً ستذهب ليد الأهل؟ في حين أن الآباء مستريحين  ليلاً نهاراً بإنتظار تحصيل لقمة العيش من أطفالهم في نهاية يوم شاق  و قاسٍ..
مشاعرنا باتت  ممزوجة بالتعاطف مع الصغار و الحزن أيضاً على حالهم فهل من حل من شأنه ان يرسينا على بر؟
لا شك ان فرص العمل كادت تنعدم وسوق العمل تعج بالموظفين  لكن هذا ليس بمبرر  و من الغباء ان نرجع الامر للقدر او الحظ كما هو رائج قوله في الفترة الأخيرة فغالباً هم من اختاروا الراحة على حساب اولادهم هذا إن لم يقوموا من البداية بإنجاب الاطفال لتنفيذ هذه الغاية المشينة و المهينة بحق الإنسانية جمعاء فما العمل؟
هل حاول احدكم التفكير بمستقبل المتسولين و بأي ذنب حرموا من  ابسط حقوقهم كالتعليم  وما تداعيات تلك الظاهرة على نفسياتهم عندما يحل الوعي في عقولهم و يصبحوا اعلى إدراك تام لما حدث معهم بمرحلة الطفولة فهناك متسولين يمتلكون قدرات رهيبة في التحصيل العلمي و لديهم مهارات و ذكاء لايستهان  به
 و من الممكن ان يصبح ذو شأن عظيم لو اخذ حقه في التعليم و اكتشف خصاله و طورها لكن ما الفائدة. إن لم تسنح له الفرصة بحدوث ذلك
 تخيلوا كمية الذل و الإهانة ضمن مسلسل  الصراع النفسي الذي سيراودهم ربما طوال حياتهم كيف ستكون مواجهة الذاكرة التي تعرض لهم صور ذكرياتهم وهم يفترشون الحاويات بحثاً عن شي يقتاتونه دون جدوى
و السؤال هو ماهي نهاية هذا التسكع غير المنصف بحق أرواح لا حول لها ولا قوة دون وجود حسيب ولا رقيب و إلى اين سنصل في حال ان هذه الظاهرة لم تدارك فمن هو المسؤول؟
تخيل عزيزي القارئ كيف ستبدو ملامح الجيل القادم؟ هل تستطيع استيعاب حجم الكارثة الإجتماعية في زمن إنعدمت فيه ابسط الحقوق في زمن اختفت فيه الطبقة الوسطى و انشطر المجتمع لثراء فاحش وفقر موحش.. نعم نحن مقبلين على جيل من الشباب الجاهل الذي من المحتمل ان  ينجرف تحت اي وسيلة غير قانونية لجلب الاموال كما إعتاد منذ الصغر فهم الضحية و الجهل يبقى السبب الجوهري  وجميعنا نحمل مسؤولية ما حصل لان التكاتف الإجتماعي شيع جثمانه منذ دهرٍ ..
بقلم ليليان اليوسف