الحياة لا تنتهي

الحياة لا تنتهي

افتتاحية الأزمنة

الأربعاء، ٢٦ مايو ٢٠٢١

العدالة لا تعني التمييز أو التحيّز، الغد يعني تأجيل كل شيء، إذا وصلنا إليه سالمين، نحيا فيه، المعجزة شيء لا يمكن أن يحدث، ومع ذلك فهي تحدث لكن نادراً، الخلود كلمة لا تعني العيش للأبد، الرفض محاولة بدائية لعدم قبول المنطق، الحوار سيد العلاقات الإنسانية.
كلمات عذبة وجاذبة اخترعها الإنسان، وأضافها إلى قواميسه، تحمل معاني، ما لم تنجزه اليوم تتمُّه غداً، طبعاً إذا نجوت من يومك، يعني ذلك أنك تبدأ من جديد.
إن الحياة متألقة دائماً وموجودة في اليوم الذي نكون فيه، ولا ندري أنها في الغد غير أكيدة، فالإنسان أصبح يفكر أكثر مما ينبغي، ولغة أجل مرتبطة بالتوافق مع العمر، وهي مختلفة كلياً عن الآجل، كلمات جيدة وصعبة في آن، ربما تحمل مسوغات للأمل، عندما لا يعلم الإنسان عن مستقبله، وهل سيكون فيه أفضل من حاضره أو حتى ماضيه؟ هل نستطيع ربط مستقبلنا بإرادتنا؟ ممكن، لكن غير أكيد. هل رواد الحرية قادرون على منح الحياة الجيدة للبسطاء والفقراء أو للمستضعفين؟
تأكدوا أن لا أسرار بين الناس، وكل ما تخفيه آيل للانفضاح، وليس للانكشاف، فقط غالباً ما تحول الحياة الناس في نهاية أعمارهم إلى متدينين أو مرضى أو اتكاليين بعد أن يعجزوا عن الإنجاز.
الإنسان يجب أن يفعل كل ما يستطيع، لأنه لا يقدر على فعل كل ما يريد، وهنا أقول: احذر البلاغة أمام الشعبيين، لأنهم يستبعدونك، المبادئ لا ترفعك أمام الأقوياء، ولا تكسبك الحروب، ربما لأنها تدعُك تفوز بالاحترام أو بالنجاح، أو أن تكسب الانتخابات، وإني لأضيف: إن أي شكل من الصراحة ومهما كان بسيطاً، فهو أفضل بمرات من الزيف الممقوت، وربما نستطيع أن نقول كل ما نريد إلى أولئك الذين يصغون خوفاً وضعفاً، وللمؤيدين الذين لا يأخذون بالمعنى المقصود، لكنهم ينفذون، وباندفاع يصفقون، ومن دون أن يتهامسوا، المشكلة ليست معهم.
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، هناك شيء آخر نحن لا نعرف ما هو حتى الآن، ولكننا سنكتشف ذلك في يوم من الأيام، وحينها سنستبدله، لأن الخبز مصدر للقتال بين الناس، القتل والقتال أفعال بشرية، الموت الطبيعي إنهاء للمرحلة العمرية، ويتعلق بمفاهيم الضرورة التي لولاها لما استمرت البشرية، وغير الطبيعي حوادث وأمراض مفاجئة، يخضع أيضاً للقدري والمنطق، يقول: إذا لم يمت الإنسان قتيلاً فإنه سيموت بأشكال أخرى.
ابحثوا عن معنى البؤس بأنواعه، وأين ستجدون أنفسكم، إذا كان بوسعكم أن تعبّروا عن ذلك بصيغة مفهومة، ما علاقة البؤس بالقوانين التي تطبق على الطبقات الواقعة على وتحت الخط الأحمر.
إن أجمل ألعاب الأطفال على الإطلاق تكون في حضور مع آخر، هذا يعني أن الإنسان بمفرده تضجره الحياة مهما كانت رائعة، لذلك على الإنسان أن يغير نفسه نحو الأفضل، لأن لديه آخر إلى جانبه يناكفه ويحابيه، ليشعره أنه موجود، والعكس صحيح لدى الآخر، وهذا يعني لنا أن كل شيء حيّ أفضل من أي شيء يتظاهر بأنه حيّ.
الحب شيء بسيط وعميق وقصير، إنه فعل من أفعال الحياة القوية، إنه أضعفها، لكنه حقيقة، وليس وهماً كما يتصور الناقمون، ومن دونه يكون الإنسان -ومهما بلغ- ضَجِراً، مع إدراكه أن لا شيء يستمر، أو يظل جميلاً أو بديعاً سوى الفكر، لأن الفكر هو الحياة، فهل من أحد اليوم يستطيع أن يكون لا شيء؟ مؤكدٌ لا، لأنه يريد أن يكون، ولكن البحث عن ماذا يكون؟
في هذا التطواف أقول: سيعود النور صباح الغد مع استيقاظنا ثانية، لنجد ذلك الاختراع القديم المستمر، وأقصد القتل والانتصار والانكسار والسيادة، وطرد القوي للضعيف، وقتل الأقوياء لبعضهم، ويبقى الضعفاء حيث لا تنفع أعمالهم وجودهم، لأنهم يحتاجون إلى القوة والفكر والحكمة، هي قصة البداية المستمرة، ما سبب كل ذلك؟ لماذا؟ أين؟ من أين؟ إنها قصة الغد الذي ننتظره، والكلُّ منتهٍ، الحياة وحدها لا تنتهي.
د. نبيل طعمة