بوادر التغييرات الكبيرة تبدأ بالظهور من وزارة النفط... ماذا يدور داخل البيت السعودي؟

بوادر التغييرات الكبيرة تبدأ بالظهور من وزارة النفط... ماذا يدور داخل البيت السعودي؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ١٥ سبتمبر ٢٠١٩

كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الخطوة التي أقدم عليها العاهل السعودي والمتمثلة بالإطاحة بوزير النفط السابق "خالد الفلاح" واستبداله بأحد أولاده، تكتنف في طياتها العديد من الأهداف والقضايا الاقتصادية.
ولفتت تلك المصادر إلى أن هذه الخطوة أيضاً تأتي كمحاولة جديدة لإنعاش الرؤية الطموحة لولي العهد السعودي الشاب والمتمثلة برؤية السعودية 2030 ولغرس استراتيجية سياسية جديدة في السعودية والانتقال من الهيكل السياسي السعودي التقليدي المبني على التوافق والإجماع بين أحفاد الملك الراحل "عبد العزيز"، إلى حكم الملكية المطلقة.
عجز في الميزانية والتوقعات النفطية للسعودية
إن إقالة "خالد الفلاح" تشبه إلى حد كبير عملية إقالة وزير النفط السعودي السابق الشيخ "أحمد زكي اليماني" التي حدثت في الثمانينيات.
لقد تمت عملية إقالة الشيخ "أحمد زكي اليماني"، الذي خدم كوزير للنفط في منظمة "أوبك" لفترة طويلة، من منصبه كوزير للطاقة بعد فشله في رفع أسعار النفط كما توقع الملك السعودي في ذلك الوقت والوصول بقيمة برميل النفط إلى  18 دولاراً.
وفي وقتنا الحالي يبدو أن وزير النفط المُقال "خالد الفلاح" واجه تحدياً مشابهاً، وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الرياض تحتاج حالياً إلى إيصال قيمة برميل النفط إلى حوالي 85 دولاراً وذلك لتغطية العجز الحاصل في ميزانيتها العامة، ولفتت تلك المصادر إلى أن صندوق النقد الدولي أعرب بأن الرياض تحتاج في عام 2019 إلى بيع برميل النفط الواحد بـ85 دولاراً للبرميل للبيع في عام 2019، وذلك لمعالجة مشكلاتها المالية الداخلية.
وخلال اجتماع لمجلس الطاقة العالمي، قال الأمير "عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي الجديد، في كلمة ألقاها: "لقد مررت بأربع أزمات في مجال الطاقة وأنا أعلم كيف يبدو هذا الطعم المرير. لكنني أيضاً أتذوق طعم الحلاوة من خلال التعاون وعندما يفي الجميع بالتزاماتهم ".
وقبل تعيينه وزيراً للطاقة، عمل الأمير "عبد العزيز بن سلمان"، كمستشار لوزير الدولة لشؤون النفط لمدة عامين تقريباً وشغل في الماضي أيضاً منصب نائب وزير النفط لأكثر من 20 عاماً.
كما ترأس فريقاً من مسؤولي الوزارة والمسؤولين التنفيذيين في أرامكو لتطوير وتحديث استراتيجية النفط في السعودية وكان أيضاً مسؤولاً عن لجنة تعديل أسعار الطاقة والمياه في خطة الحكومة السعودية لخفض الإعانات لأبناء الشعب السعودي.
من ناحية أخرى، يمكن القول بأن عملية إقالة "خالد الفلاح" من رئاسة "أرامكو"، جاءت بعد تصاعد الخلافات بينه وبين ولي العهد السعودي وفريقه الاقتصادي.
يذكر أن الأمير "محمد بن سلمان" بذل الكثير من الجهود العام الماضي لبيع 5٪ من أسهم "أرامكو"، التي احتلت المرتبة الأولى في قائمة الأرباح العالمية، لكن تلك الجهود باءت في نهاية المطاف بالفشل وفي هذا الصدد، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن "خالد الفلاح" كان أحد المعارضين لعملية بيع أسهم "أرامكو".
وفي سياق متصل قال الأمير "عبد العزيز بن سلمان" في تصريح له على هامش مؤتمر الطاقة العالمي في أبوظبي: إن "اتفاق "أوبك+" سيستمر في ظل إرادة الجميع، عملنا دوماً على نحو متماسك ومتناسق داخل أوبك لضمان ازدهار المنتجين معاً، ولا نتكهّن بشأن أسعار النفط".
وعبّر عن أمله في أن يكون النصف الثاني من العام أفضل من حيث إنتاج النفط مقارنة مع النصف الأول.
ولفت إلى أن سياسة النفط السعودية مبنية على أسس استراتيجية، مثل احتياطيات واستهلاك السعودية، وهذه السياسة مبنية على أسس يمكن أن تتكيف مع التغيير.
وقال: "السعودية لا يمكن أن تعمل وحدها دون التشاور مع بقية أعضاء أوبك، تحالف أوبك+ سيظل قائماً على المدى الطويل، يتعين على جميع أعضاء أوبك تلبية مستهدفات إنتاجهم والامتثال بما يتماشى مع ذلك".
محاولات العائلة المالكة الاستيلاء على السلطة
يُعدّ الأمير "عبد العزيز بن سلمان"، أول شخص في العائلة المالكة السعودية يتولى منصب وزير النفط ومنذ عام 1960 كانت وزارة النفط تُدار من قبل تكنوقراطيين مدنيين.
وحول هذا السياق، يرى العديد من الخبراء السياسيين بأن هذه الخطوة التي قام بها الملك "سلمان" ستعزز سلطة وسيطرة العائلة الحاكمة داخل النظام والحكومة السعودي ولفت أولئك الخبراء بأن هذه الخطوة ستسهل عملية انتقال السلطة والحكم إلى الأمير "محمد بن سلمان" بعد وفاة والده.
وأضاف أولئك الخبراء بأن تصرفات ولي العهد السعودي الشاب أثارت السخط داخل العائلة المالكة وحتى عند الرأي العام السعودي. ومع تولي هذا الأمير المتهور لمنصب وزير الدفاع وتولي أخوه الأكبر لمنصب وزير الطاقة، أصبح "ابن سلمان" يسيطر بشكل كامل على زمام الأمور بدءً بالأمن وانتهاءً بالطاقة.
ولهذا فإنه يمكن اعتبار تغيير وزير الطاقة في السعودية خطوة أخرى للمضي قدماً في عملية تغيير الهيكل السياسي السعودي التقليدي المبني على التوافق والإجماع بين أحفاد الملك الراحل "عبد العزيز" والانتقال إلى حكم الملكية المطلقة.
توقعات غير واقعية
على الرغم من تشابه إقالتي "خالد فلاح" و"اليماني" من منصبيهما، إلا أنه يمكن القول بأنه حدثت الكثير من الاختلافات الكبيرة في الأوضاع بعد اصدار تلك الإقالات والتي من شأنها أن تقلل من توقعات "ابن سلمان" بزيادة أسعار النفط.
لقد بذل "خالد الفلاح" الكثير من الجهود خلال السنوات الماضية صبّت جميعها في مصلحة السعودية وذلك لأن نمو العرض خارج "أوبك" كان متواضعاً، بينما كان الطلب العالمي على النفط ينمو. لكن في وقتنا الحالي نمو الطلب العالمي على النفط يتباطأ، حيث سجل إنتاج أمريكا من احتياطيات النفط الصخري مستوى قياسياً بلغ 12.5 مليون برميل يومياً في الأشهر السبعة الماضية، مع افتتاح خطوط أنابيب ومحطات تصدير جديدة في الأشهر المقبلة من قبل وزارة النفط الأمريكية، سيصل معدل الإنتاج الأمريكي إلى أكثر من 13.5 مليون برميل يومياً بحلول نهاية العام المقبل، وهذا الأمر يؤكد بأن سوق النفط السعودية سوف تعاني خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن وزير النفط الجديد لا يمتلك الخبرة الكافية.