الانتخابات برائحة ولون "الحرب"؛ هل سينتقل "نتنياهو" من رأس الهرم الحكومي إلى السجن؟

الانتخابات برائحة ولون "الحرب"؛ هل سينتقل "نتنياهو" من رأس الهرم الحكومي إلى السجن؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١٦ سبتمبر ٢٠١٩

سيصوت الإسرائيليون يوم الثلاثاء المقبل الموافق 17 سبتمبر 2019، في اقتراع تشريعي جديد لانتخاب برلمان إسرائيلي جديد يتم بناء عليه تحديد هوية رئيس الوزراء المقبل. الجدير بالذكر هنا أنه كان من المفترض إجراء هذه الانتخابات في شهر نوفمبر المقبل ولكن نظراً لحدوث الكثير من الخلافات بين أعضاء مجلس الوزراء الاسرائيلي حول مشروع قانون خدمة السكان الأرثوذكسية وكذلك تُهم الفساد التي طالت رئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، فلقد تم تقديم موعد تلك الانتخابات وعلى الرغم من أن فوز "نتنياهو" في هذه الانتخابات شبة مؤكد، إلا أن حكومته الهشة تفتقر إلى القوة اللازمة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الكيان الصهيوني ومن المؤكد بأنها ستنهار قريبًا.
 
توازن القوى في الانتخابات البرلمانية الصهيونية
 
كشف آخر استطلاعين للرأي نشرتهما القناتان 12 و13 في التلفزيون الإسرائيلية، مساء يوم، الجمعة الماضي، قبل الصمت الانتخابي، عن تساوي عدد المقاعد التي ستحصل عليها قائمتا الليكود و"كاحول لافان" بـ32 مقعدًا لكل منهما. وبيّن استطلاع القناة 13 حصول القائمة المشتركة على 12 مقعدًا، بينما حصلت في القناة 12 على عشرة مقاعد فقط. وبحسب استطلاع القناة 13، فلقد تساوت قوة "يسرائيل بيتينو" برئاسة أفيغدور ليبرمان، وقوة "إلى اليمين" برئاسة "آييلت شاكيد"، بحصول كل منهما على 9 مقاعد، تلتهما قائمة "يهدوت هتوراه" بحصولها على 7  مقاعد، أما "شاس" فحصلت على  ستة مقاعد، و"المعسكر الديمقراطي" على خمسة مقاعد؛ وتحالف العمل و"غيشر" على 4 مقاعد، ومثلها لقائمة "عوتسما يهوديت" الكهانية. أما بحسب القناة 12، فلقد تساوت قوة "يسرائيل بيتينو" برئاسة أفيغدور ليبرمان، وقوة "إلى اليمين" برئاسة" آييلت شاكيد"، و"يهدوت هتوراه" بحصول كل منهم على 8 مقاعد، أما "شاس" فحصلت على سبعة مقاعد، و"المعسكر الديمقراطي" على ستة مقاعد؛ وتحالف العمل و"غيشر" على 5 مقاعد، ومثلها لقائمة "عوتسما يهوديت" الكهانية.
 
 
مصير صفقة القرن في ظل الانتخابات الإسرائيلية
 
يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياھو" ھجومه الانتخابي، ولا يوفر أي وسيلة لاستخدامھا في المعركة التي باتت أشبه بمعركة حياة أو موت، إذ إن فقدانه السلطة سيعني أنه سيدخل السجن بعد إدانته بتھم الفساد. إن "نتنياھو" الذي يشعر بأن احتمالات فقدانه الحكم صارت أكبر من أي وقت مضى، يتحرك حالياً في كل الاتجاھات. يزور لندن وموسكو، يغازل "ترامب" و"بوتين"، يصعّد عسكريًا ويقصف الحشد الشعبي في العراق ومواقع تابعة لمحور المقاومة على الحدود العراقية السورية وداخل سوريا، ويرفع درجة تھديداته لحزب الله.
 
وفي حين تبدو فرضية سقوط "ترامب" في الانتخابات الرئاسية ضعيفة في ظل المعطيات الامريكية الداخلية، فإن فرضية واحتمالات سقوط "نتنياھو" في الانتخابات العامة تبدو قوية وجدية. وفي حال فشله في الانتخابات أو في الحكومة، فإن "ترامب" سيخسر حليفًا أساسيًا وتكون "صفقة القرن" فقدت المرتكز الإسرائيلي لھا. لقد تلقت "صفقة القرن"، وبمعزل عن الانتخابات الإسرائيلية ونتائجھا، العديد من الضربات المتلاحقة لتصبح في حال ترنح واحتضار، خصوصًا بعدما فشل مؤتمر البحرين في تحقيق أھدافه، ونجح الفلسطينيون في الحصول على مواقف سياسية عربية داعمة. كل ذلك، شكل جرس إنذار لإدارة "ترامب" التي بدأت تشكك في ظروف ومقوّمات نجاح "صفقة القرن" وتتجه الى تأجيل الإعلان عن شقھا السياسي، وبإمكانھا أن تتذرع بالانتخابات الإسرائيلية المقبلة وحساسية ھذا المشروع وتأثيراته السياسية المحتملة على الحملات الانتخابية. ھذا التخبط الامريكي في التعاطي مع "صفقة القرن"، والذي يعكسه التأجيل المتكرر لموعد إعلانھا ونشرھا، يعود الى جملة أسباب، أبرزها:
 
1- حالة الغموض وعدم اليقين السياسي في إسرائيل، مع وضع مفتوح على خلط أوراق نتيجة ما حصل من إعادة للانتخابات الإسرائيلية التي يسود ترقب بشأن نتائجھا ومفاجآتھا إذا لم يحقق "نتنياھو" فوزا واضحا.
 
2- حاجة "نتنياھو" الى تحسين وضعه الشعبي وشد العصب وكسب التأييد في صفوف اليمين والرأي العام، وھذا لن يكون إلا من خلال المضي في خطته الھادفة الى إبقاء لھيب التوتر العسكري قائما ولكن بمستوى منخفض لا يتدھور الى الحرب.
 
3- الموقف العربي المترنح وغير الجاھز لـ"صفقة القرن" في ھذه المرحلة والمتصل بالموقف الفلسطيني الذي يستحيل على القادة العرب تجاوزه أو تجاھله، والذي انتقد بقوة تحركات الإدارة الأميركية، وما عرضته من تفاصيل ومشروعات اقتصادية، وھاجم الخطة الامريكية المقترحة لانھا تجنبت مناقشة التوصل لتسوية تقوم على حل الدولتين والمتصل أيضا بالطريقة التي يخوض بھا "ترامب" للمواجھة مع إيران التي عدّلت أولوياته على حساب "صفقة القرن"، وھذه الطريقة لا تحظى بثقة ورضى القادة العرب، وتحديدا قادة الخليج الفارسي.
 
4- الموقف الأوروبي غير المؤيد لـ"صفقة القرن" التي تتعارض مع الأساسيات والمبادئ الأوروبية في مسألة الصراع "الإسرائيلي - الفلسطيني". ولذلك فإن الدول الأوروبية، خصوصًا فرنسا، لم تطرح الملف الفلسطيني - الإسرائيلي في قمة مجموعة الدول السبع التي عُقدت في منتجع "بياريتز" الفرنسي، وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية، فإن السبب الرئيس يكمن في التشكيك في السياسة الامريكية التي تنتقل من تأجيل الى تأجيل في الإعلان عن تفاصيل "صفقة القرن". والرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" لم يعد يعلّق الآمال على خطة الرئيس "ترامب"، مشددا على صعوبة فرض اتفاق على أطراف لا ترغب في التفاوض. فھو وفق مصادر دبلوماسية عربية في باريس لا يأخذ بعين الاعتبار السياسة الاستيطانية الإسرائيلية، ولا ممارسات "تل أبيب" الأخرى، ولا القرارات التي اتخذھا "ترامب" مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، ونقل السفارة الامريكية إليھا، وكلھا تدابير تدفع القيادة الفلسطينية إلى رفض التفاوض في ظلھا.
 
 
نتنياهو وسيناريو الحرب ضد الصهيونية
 
أعلن "نتنياهو" اعتزامه ضم غور الأردن الى إسرائيل بعد الانتخابات في حال فاز بھا. وھذا الإعلان، وإن حصل لأھداف وغايات انتخابية، إلا أنه ينطوي على أھمية سياسية واستراتيجية، ومن حيث الأھمية يُعتبر إجراء موازيا ومكملا لإجراءين سابقين هما نقل السفارة الامريكية الى القدس، وضم الجولان الى إسرائيل باعتراف امريكي. ويشكل ضمّ غور الأردن، أيضًا، تكريسا للفصل الجغرافي بين فلسطينيي الضفة الغربية وفلسطينيي الأردن، الذين يمثلون عمقًا ديموغرافيا لأي كيان فلسطيني قادم. وھكذا، تكون إسرائيل قد نجحت في تطويق عمق الضفة الغربية عبر حاجزين، الأول شرقي يضمّ غور الأردن، والثاني غربي ھو الجدار الفاصل الحالي.
 
من الواضح أخيراً، أن "صفقة القرن" انتھت قبل أن تبدأ أو تُعلن، وأن الجانب السياسي منھا لن يُعلن بسبب عدم توافر ظروف ومقوّمات ھذه الصفقة. ومؤتمر البحرين فشل في تحقيق ھدفه لجھة التمھيد لـ"صفقة القرن" وفتح الطريق امامھا للانتقال الى مرحلة التنفيذ. وأي مبادرة أو خطة اقتصادية بمعزل عن حل سياسي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي واتفاق "سلام" شامل لن يُكتب لھا النجاح ولن يكون تنفيذھا ممكنًا، وليس في وسع امريكا أن تفرض تنفيذھا، خصوصًا وأنھا في ھذه المرحلة أظھرت ضعفًا وترددًا في مواجھة إيران ما انعكس سلبا على صورة "ترامب" ومصداقيته والثقة به، وھذا يعني أن "صفقة القرن" سيتم تأجيلھا.