ترامب يدير ظهره لنتنياهو.. لماذا تخلى الرئيس الأميركي عن «حليفه المفضل»؟

ترامب يدير ظهره لنتنياهو.. لماذا تخلى الرئيس الأميركي عن «حليفه المفضل»؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢١ سبتمبر ٢٠١٩

في يوم الأربعاء 19 سبتمبر/أيلول 2019، بدا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ينأى بنفسه عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يواجه صعوبات في الانتخابات الإسرائيلية، ورفض تقديم التشجيع أو الثناء على حليفه الأجنبي الأكثر ولاءً له والذي يواجه الآن هزيمة انتخابية محتملة.
 
بعد يومين من الانتخابات الإسرائيلية التي ستترك نتنياهو ضعيفاً في أحسن الأحوال، بدا ترامب هادئاً تجاه الزعيم الإسرائيلي المحافظ الذي روَّجَ لتحالفه السياسي والأيديولوجي مع ترامب باعتباره أحد أوراق الاعتماد المهمة في إعادة انتخابه، بحسب تقرير لصحيفة Washington Post الأميركية.
 
ترامب يدير ظهره لنتنياهو
وقال ترامب إنه لم يتحدث إلى نتنياهو، وهو رجلٌ وصفه بأنه صديقٌ حميم. ثم أشار إلى أن الانتخابات قريبة، في حين قلل من أهمية نتنياهو بالنسبة للتحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
 
وقال ترامب للصحفيين الذين يسافرون معه في كاليفورنيا: «علاقاتنا مع دولة إسرائيل وليست مع أشخاص، لذلك سنرى ما سيحدث».
 
فشل نتنياهو في الفوز بأغلبية واضحة في الانتخابات الوطنية التي جرت يوم الثلاثاء 18 سبتمبر/أيلول 2019، والتي كان الزعيم الإسرائيلي المحافظ يأمل منذ فترة طويلة، أن تمنحه تلك الانتخابات تفويضاً قوياً لولاية أخرى ودرعاً واقية ضد قضية فساد وشيكة.
 
خلال فترة رئاسته، تبنى ترامب بشدةٍ آراء نتنياهو المتشددة بشأن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وكثيراً ما كسب ثناء رئيس الوزراء على أشياء مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس وإعلان أن الولايات المتحدة ستعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان. لكن تعليقاته يوم الأربعاء 19 سبتمبر/أيلول 2019، أبرزت ميل ترامب إلى فصل نفسه عن الحلفاء السياسيين بمجرد أن يصبحوا ضعفاء أو عندما يصبحوا عبئاً عليه.
 
وغردت تمارا كوفمان ويتيس، المتخصصة في معهد بروكينغز الشرق الأوسط، على تويتر قائلة: «ما فعله ترامب مثل الثلج البارد».
 
سيتعين على ترامب الآن أن يقرر كيفية التعامل مع نتنياهو الضعيف أو رئيس وزراء جديد قد تكون وجهات نظره أكثر تسامحاً من ترامب بشأن الشرق الأوسط.
 
 
 
 
 
معركة ترامب الداخلية
وبحسب الصحيفة الأميركية، ستتمحور حسابات ترامب -الذي قال إن اليهود الأميركيين الذين يصوتون للديمقراطيين «خائنون» لإسرائيل- حول السياسة الداخلية قبل انتخابات 2020 بقدر ما يتعلق بالسياسة الخارجية. لم يكن نهج الرئيس المتشدد فقط بمثابة محاولة لكسب بعض الناخبين اليهود الذين ساندوا الديمقراطيين سابقاً، بل كان مناشداً للإنجيليين الذين يعدون من أقوى مؤيديه ويبجلون إسرائيل، لدورها في قصص الكتاب المقدس.
 
قد يتمكن نتنياهو من البقاء في السلطة إذا استطاع تشكيل حكومة ائتلافية أو تقاسم السلطة، ويشير عديد من المحللين إلى أن لديه فرصة أفضل للقيام بذلك من منافسه الرئيسي، الضابط السابق بالجيش بيني غانتس. لكن أي ترتيب كهذا سوف يترك نتنياهو يتمتع بقدر أقل من الحكم الذاتي.
 
من جانبه، صرح دان شابيرو، سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل، بأن تصريحات ترامب يوم الأربعاء 19 سبتمبر/أيلول 2019، أظهرت أنه يشم رائحة مرحلة الضعف لنتنياهو، ويريد أن ينأى بنفسه عنه.
 
وقال شابيرو إن ترامب لا يريد إلا فعل القليل تجاه «نتنياهو الخاسر».
 
في الأسبوع الماضي، رفض ترامب التأييد العلني لتعهد نتنياهو بضم أجزاء من الضفة الغربية إذا أُعيد انتخابه.
 
كان هذا يتناقض مع الكلمات الدافئة على هامش العرض الانتخابي لنتنياهو قبل خمسة أشهر، عندما أعلن ترامب عن موقف الولايات المتحدة السياسي الجديد من مرتفعات الجولان، وبدا سعيداً لقيام نتنياهو بإظهار علاقتهما الوثيقة.
 
 
 
السبب الذي غيَّر وجهة نظر ترامب في نتنياهو
وقال آرون ديفيد ميلر، المستشار السابق للولايات المتحدة في القضايا الإسرائيلية والفلسطينية، إن ترامب بدأ يتخلى عن نتنياهو، بسبب صراعاته في الانتخابات الإسرائيلية في أبريل/نيسان. وقال ميلر بالنسبة لترامب، فإن الحفاظ على أوراق اعتماده المؤيدة لإسرائيل وإرضاء الناخبين اليهود والإنجيليين المحافظين أكثر أهمية من الرابطة التي أقامها مع نتنياهو.
 
وقال ميلر: «ترامب يهتم فقط بانتخابات واحدة، وبالطبع ليست انتخابات إسرائيل، وإنما الانتخابات الأميركية».
 
وقال أشخاص تحدثوا مع ترامب عن السياسة الإسرائيلية إن ترامب لا يرى أن نتنياهو هو المفتاح الوحيد لثرواته السياسية مع الناخبين اليهود أو المحافظين، الذين تشكل قدرة إيران على تهديد إسرائيل مصدر قلق رئيسياً لهم.
 
بالأحرى، رأى ترامب نتنياهو شريكاً في بناء إجماع ضد تركة الرئيس السابق باراك أوباما، الذي كانت له علاقة مضطربة مع نتنياهو وانفصل عنه بسبب السعي إلى إبرام اتفاق دولي يحد من طموحات إيران النووية. ويجادل كل من نتنياهو وترامب بأن صفقة 2015 مع إيران كانت مليئة بالثغرات.
 
لكن الاثنين قد اتحدا حول تبني ترامب لخطاب يشبه نتنياهو بشأن الصفقة النووية، التي جرى توقيعها في أثناء انطلاق حملة ترامب الانتخابية لخوض الانتخابات الرئاسية الأميركية.
 
 
 
العلاقة أكبر من نتنياهو
وقال المسؤول: «الرئيس مُحقٌّ في القول إن العلاقة الأميركية مع إسرائيل وليست مع زعيمها. علاقتنا أكبر من الأفراد». وقال المسؤول، الذي تحدَّث مثل الآخرين بشرط عدم الكشف عن هويتهم، لأنه غير مسموح له بمناقشة الأمر علناً: «كانت لدينا أسوأ علاقة ممكنة بين أوباما ونتنياهو، وهذا لا يعني أن العلاقة نفسها كانت في خطر».
 
قال مسؤولو الإدارة السابقون والحاليون في حكومة ترامب، إن ترامب لم يعجبه معارضة نتنياهو للدبلوماسية الجديدة المحتملة مع إيران، وهو مشروع يرى ترامب أنه فرصة لبناء ميراثه كصانع سلام.
 
ساعدت المعارضة المشتركة للصفقة النووية مع إيران على توطيد علاقة ترامب الوثيقة مع نتنياهو، لكن اعتراض ترامب على الاتفاق كان مرتبطاً بإيمانه بأنه يمكن أن يحصل على صفقة أفضل. في حين يعارض نتنياهو أي شيء يقدم تنازلاً لإيران، وضمن ذلك مبادرات الرئيس الأميركي.
 
وانزعج أنصار ترامب من رحلة نتنياهو المتعجلة في وقت سابق من هذا الشهر إلى لندن، حيث التقى رئيسَ الوزراء بوريس جونسون، فيما كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه محاولة للضغط على ترامب للابتعاد عن المشاركة المباشرة مع إيران.
 
جدير بالذكر أن ترامب أثار غضب بعض اليهود الأميركيين بتصريحه الشهر الماضي، بأنه «إذا صوتوا لصالح الديمقراطيين، فإنهم يُعتبرون خائنين للغاية لإسرائيل وللشعب اليهودي».
 
وقال مستشارو ترامب إن تصريح ترامب وأصداء الخطاب المعادي للسامية حول الولاء المزدوج، من غير المرجح أن يؤديا إلى انخفاض الأصوات بين الجمهوريين اليهود.
 
 
 
نتنياهو يلغي زيارته لأميركا
وأعلن مكتب نتنياهو الأربعاء 19 سبتمبر/أيلول 2019، أنه في ضوء الفوضى السياسية الحالية بسبب الانتخابات، فإنه لن يحضر الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل، وهو محفل كان يستخدمه بانتظام لإثبات وجود وحدة دولية ضد ما يسميه تهديداً وجودياً من إيران ضد إسرائيل.
 
وقال مسؤول أمني إسرائيلي: «بالنظر إلى أن نتنياهو لم يؤدِّ أداءً جيداً خلال الانتخابات، فهو يعلم أنه لا توجد طريقة يمكنه من خلالها أن يذهب ويلقي خطاباً كبيراً في الأمم المتحدة. فلن تكون لديه شرعية للقيام بذلك في الوقت الراهن».
 
لكن قرار نتنياهو سيمنعه أيضاً من عقد اجتماع مع ترامب، حيث أكدت كلتا الدولتين أن هذا الاجتماع كان مرجحاً إذا حضر نتنياهو إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
 
وقال شخصان اطلعا على الخطة، إن هذا الأمر قد يكون مريحاً لترامب، الذي ينظر بالفعل إلى ما وراء نتنياهو وإلى ما قد تعنيه الحكومة الإسرائيلية المستقبلية بالنسبة لآماله في إطلاق خطة سلام عربية-إسرائيلية هذا العام.
 
وقال مسؤول كبير سابق بالإدارة الأميركية، إن تشكيل حكومة ائتلافية تقص أجنحة نتنياهو قد يحسن فرص تلك الخطة التي ستتطلب تنازلات من إسرائيل.
 
وقد لخص مسؤول إسرائيلي الأمر بهذه الطريقة: «نعم، إن ترامب صديق لنتنياهو، لكنه يحب الفائزين أيضاً ويريد المضي قدماً في خطته للسلام بصرف النظر عن هوية رئيس الوزراء القادم».
عربي بوست