الإكوادور تثور ضدّ لينين

الإكوادور تثور ضدّ لينين

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٠ أكتوبر ٢٠١٩

الإكوادور تثور ضدّ لينين

قرّر لينين مورينو السير قُدُماً في إجراءات التقشّف للحصول على قروض «صندوق النقد الدولي»، وأوّل الغيث رفع الدعم عن الوقود. إجراءاتٌ دفعت بالإكوادوريين إلى الشارع، حيث بدأت رقعة التظاهرات تتّسع، في حين لا يبدو أن سردية «المؤامرة» ستنقذ الرئيس من الورطة التي جلبها لنفسه
 
يذكر الرئيس الإكوادوري لينين مورينو جيداً، كيف أن احتجاجات قادها السكان الأصليون أسقطت ثلاثة رؤساء في العقد الذي سبَق تولّي رفاييل كوريا الرئاسة في عام 2007، لكن الرئيس الذي لامست شعبيته حدودها الدنيا، مُسجّلةً 30% بعدما وصلت إلى أكثر من 70% عقب انتخابه في عام 2017، اختار مواجهة التظاهرات المندّدة بنهجه الاقتصادي بوصفها «انقلابية»، والركون إلى أوامر «صندوق النقد الدولي».
 
في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، اندلعت في الإكوادور موجة احتجاجات غاضبة على خلفية رفع حكومة مورينو الدعم عن المحروقات في إطار اتفاق مع «صندوق النقد الدولي» - أُبرم في آذار/ مارس الماضي - تحصل كيتو بموجبه على قروض بقيمة 4.2 مليارات دولار، في مقابل حزمة «إصلاحات» اقتصادية. تسبّبت الخطوة تلك بارتفاع أسعار المحروقات بنسبة 120%، ما أغضب عمّال النقل والشباب ومجموعات السكان الأصليين، الذين عانوا لسنوات من ضيق اقتصادي جرّاء ديون بلادهم المتراكمة بمليارات الدولارات. ومع إلغاء الدعم الذي ظلّ قائماً لمدة 40 عاماً، بادّعاء أنه يكلّف الدولة 1.3 مليار دولار سنوياً، يكون مورينو قد وضع نفسه في مواجهة موجة لا يُتوقّع أن تهدأ إلا في حالة من اثنتين: استقالة الحكومة أو التراجع عن قراراتها.
لدى انتخابه في عام 2017، ورث مورينو أزمة ديون تضخّمت في عهده، حيث كان سلفه ومعلّمه كوريا، قد حصل على قروض لإنشاء سدّ رئيس وطرق سريعة ومدارس وعيادات، إلى جانب مشاريع أخرى. منذ ذلك الحين، ابتعد الرئيس الحالي عن سياسات سلفه اليسارية، وعمل على خفض الإنفاق الاجتماعي، والحفر في منطقة الأمازون بحثاً عن النفط، وهو أكثر صادرات الإكوادور قيمة. في هذا الإطار، يقول تحالف من مجموعات السكان الأصليين، إن الاحتجاجات جاءت دفاعاً عن «حياتنا وأراضينا» ضد «الجشع وتدمير واستغلال الموارد الطبيعية من قِبَل الدولة، وتعرّض شعبنا لخطر الإبادة».
ومع تصاعد حدّة التظاهرات احتجاجاً على إجراءات التقشّف التي فرضتها شروط «صندوق النقد»، والمندّدة برفع أسعار المحروقات وبسياسة حكومة مورينو الاقتصادية، أعلن الرئيس حال الطوارئ، ما سمح له بتعليق بعض الحريات المدنية ونقل مقعد الرئيس ومقرّ الحكومة من العاصمة كيتو إلى مدينة غواياكيل الساحلية، في إجراء لم يسبق له مثيل. ومن مقرّ إقامته «المؤقت»، فرض حظراً للتجوال حول المباني الحكومية بهدف حماية المقرّات الرسمية، إذ أمر في مرسوم رئاسي، بتقييد التحركات في المناطق القريبة من المقارّ الحكومية والمنشآت الاستراتيجية من الثامنة مساء وحتى الخامسة صباحاً، حفاظاً على الأمن العام. جاء ذلك بعدما تدفّق آلاف المتظاهرين إلى شوارع العاصمة، حيث اخترق بعضهم الطوق الأمني المحيط بالجمعية الوطنية (البرلمان)، ليدخلوا المبنى لفترة قصيرة مساء أول من أمس، ملوّحين بالأعلام ورافعين قبضاتهم، وهم يهتفون «نحن الشعب»، بينما خرق آخرون عدّة حواجز أمنية واقتربوا من القصر الرئاسي في قلب المركز التجاري للمدينة. ويرى المحلّل السياسي من معهد أميركا الجنوبية للعلوم السياسية في كيتو، سيمون باتشانو، أن «الوضع صعب جداً، وهذا قد يقودنا إلى وضع أقلّ استقراراً، وإلى سقوط حكومات».
 
ألغت حكومة مورينو الدعم عن المحروقات والذي ظلّ قائماً لمدة 40 عاماً
 
وفي كلمة بثّتها الإذاعات والتلفزيون مساء الإثنين، بعدما وصل المحتجون إلى وسط العاصمة، رفض مورينو التراجع عن الإجراءات التي فرضها، في وجه ما وصفها بـ«خطة لزعزعة الاستقرار»، يقودها سلفه وحليفه السابق رفاييل كوريا، والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، اللذان «يعملان على محاولة انقلاب» و«استغلال بعض مجموعات من السكان الأصليين، والاستفادة من تحركهم من أجل النهب والتدمير». وقال، وإلى جواره نائب الرئيس ووزير الدفاع ورؤساء القوات العسكرية - في إشارة إلى أن الحكومة تحظى بدعم الجيش -: «هما وراء محاولة الانقلاب هذه... ما يحدث ليس إبداءً لاستياء اجتماعي احتجاجاً على قرار حكومي. أعمال السلب والنهب والعنف تُظهِر أن هناك دافعاً سياسياً منظّماً لزعزعة الحكومة». وسخر كوريا الذي يعيش في بلجيكا من الاتهام، قائلاً: «هم يقولون إني أوتيت من القوة ما يجعلني أقود الاحتجاجات بجهاز آيفون من بروكسل». وأضاف أنه «لم يعد في مقدور الناس تحمّل هذا. تلك هي الحقيقة»، في إشارة إلى إجراءات التقشّف. لكنه دعا في الأثناء إلى إجراء انتخابات مبكرة: «لا يوجد انقلاب. النزاعات في دولة ديموقراطية يجري حلّها في صناديق الاقتراع». وحظي موقف مورينو بدعم سبع دول أميركية جنوبية، أعربت عن رفضها محاولات مادورو وحلفائه «زعزعة استقرار» الإكوادور. وفي بيان مشترك، أعربت حكومات «الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا والسلفادرو وغواتيمالا والبيرو وباراغواي عن رفضها التام لمحاولات زعزعة استقرار أنظمة ديموقراطية، وعن دعمها التام لأي خطوات يتخذها مورينو».من جهتها، قالت واشنطن على لسان القائم بأعمال مساعد الخارجية الأميركية لشؤون غرب الكرة الأرضية، مايكل كوزاك، إنها «تتابع التطورات الأخيرة في الإكوادور بانتباه. نرفض العنف كشكل من أشكال الاحتجاج السياسي».
وتسبّبت الاحتجاجات المتواصلة بتراجع إنتاج النفط في هذا البلد بالثلث، إذ أدى «استيلاء محتجين» على ثلاث منشآت نفطية في منطقة الأمازون إلى تراجع الإنتاج بنسبة 31%، وفق ما قالت وزارة الطاقة أول من أمس. وأفادت الوزارة بأن الخسارة في الإنتاج في شركة النفط الحكومية «بيتروأمازوناس» «ستبلغ 165 ألف برميل في اليوم»، بعدما كان الإنتاج 531 ألف برميل في اليوم.