ساندرز أو متلازمة الديمقراطيين.. کيف جلب اليهودي الوحيد الحظ لترامب؟

ساندرز أو متلازمة الديمقراطيين.. کيف جلب اليهودي الوحيد الحظ لترامب؟

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٢١ فبراير ٢٠٢٠

 انتهی سباق الديمقراطيين الأمريكيين داخل الحزب في ولايتي "أيوا" و"نيو هامبشاير" بفوز السناتور الاشتراكي واليهودي "بيرني ساندرز" من ولاية "فيرمونت"، مع ذلك فإن أحد تعقيدات النظام الانتخابي الأمريكي النخبوي هو أن صانع القرار النهائي في كل ولاية هي الهيئات الانتخابية، وليس بالضبط ما يتم وصفه بـ "الجماهير الشعبية".
 
ومع ذلك، على الرغم من تقدم ساندرز، فإن منافسه الشاب "بيت بوتيجيج" يتصدر هذا السباق بـ 22 هيئة انتخابية ضده، والتي لديها آراء 20 هيئة.
 
لكن بصرف النظر عن المعادلات الحزبية، فإن من فاز بقلوب الديمقراطيين الأمريكيين وحصل علی "التصويت الشعبي"، هو السناتور الطاعن في العمر الذي يعد بحد ذاته جامع الأضداد، أي هو اشتراكي ويهودي في آن واحد.
 
وهذا يعني أنه بسبب المعتقدات السياسية، ابتعد عن جوهر الثروة ويفتقر إلى دعم جماعات الضغط الصهيونية القوية، وفي حين تفتخر تل أبيب بنجاحها في التقارب مع القادة العرب، فإنه يتحدث عن تراجع العلاقات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إذا فاز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
 
بعد ولايتي أيوا ونيو هامبشاير، من المقرر أن تشهد ولاية "نيفادا" سباقًا للديمقراطيين داخل الحزب يوم السبت المقبل، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أنه من المرجح أن يفوز ساندرز بنسبة 21.5 بالمائة علی بقية المنافسين، بمن فيهم جو بايدن 18.5 بالمائة، وارن 12 في المئة، بيت بوتيجيج 9 في المئة وكلوباتشر 7 في المئة.
 
وتأتي بعد ذلك "الثلاثاء الكبير" (1 مارس)، حيث ستشهد ولايات كارولينا الجنوبية، كاليفورنيا، تكساس، نيويورك، فرجينيا، ماساتشوستس، مينيسوتا، كولورادو، تينيسي، أوكلاهوما، أركنساس، يوتا، مين وفيرمونت، عقد المنافسات الحزبية للديمقراطيين بشكل منفصل، ومرةً أخرى وبحسب استطلاعات الرأي، سيفوز هذا اليهودي الاشتراكي الطاعن في العمر في التصويت الشعبي.
 
على الرغم من أن نجاح ساندرز في الفوز بدعم الهيئات الانتخابية لا يزال غير مؤكد، ولكن بالنظر إلى التصويت الشعبي للديمقراطيين، فيمكن أن يكون المرشح الديمقراطي النهائي للتنافس مع الرئيس الحالي دونالد ترامب؛ هذا في حين أن حلفائه ليسوا على استعداد لقبول مثل هذا الاحتمال، وربما في النهاية سيكون القبول به، وهو الذي يجلس على الجانب الأيسر من الحافة الخارجية للطيف السياسي، مهمةً صعبةً بالنسبة لغالبية الأميركيين الذين يربطون "الاشتراكية" بـ "الاتحاد السوفيتي السابق" في أذهانهم.
 
إذا ابتعدنا عن المعادلات الدينية والحزبية، فإن المفارقة هي أن ساندرز بحد ذاته هو "ترامب الديمقراطي"، ولديهما أوجه تشابه لافتة للنظر. أولاً، لقد وصل كلاهما إلى ذروته دون دعم حزبيهما، لكن لهما الآن تأثير كبير على مواقف الحزبين نفسهما. من ناحية أخرى، اتجه كلاهما إلى الطبقة العاملة وأقاما علاقةً جيدةً مع الناخبين ذوي الدخل المنخفض.
 
والمفارقة الأخرى هي أن ساندرز وبصفته المرشح النهائي للحزب الديمقراطي، سواء "وصل أو لم يصل" إلی الجولة الثانية من الانتخابات، فإن وجوده مبارك وسعيد لترامب.
 
والحقيقة هي أن العديد من الديمقراطيين المعتدلين يخشون أنه إذا أصبح ساندرز هو المرشح النهائي، قد لا يتمكن في المرحلة الثانية من تشكيل ائتلاف قوي من جميع التيارات في الحزب. في الوقت نفسه، يخشون من أنه على الرغم من التصويت الشعبي له، يتم تسليم الترشيح لشخص آخر کما في سباق 2016، وبالتالي سيرفض أنصاره التصويت للمرشح المنتخب، والذي يرجح البعض بأن يکون "مايكل بلومبرج".
 
وينبغي ألا ننسى أنه في عام 2016، صوت حوالي 3 في المائة من أنصار ساندرز لصالح ترامب، حتی لا يصوتوا لصالح هيلاري كلينتون التي فازت بترشيح الحزب الديمقراطي، کما صوت 11 في المائة لصالح مرشحين مستقلين مجهولين.
 
وبالنظر إلى أن الديمقراطيين راغبون إلى حد كبير في تجاهل التصويت الشعبي، وترشيح شخص آخر كمرشحهم النهائي في الانتخابات الرئاسية بدلاً من ساندرز، فإن ترامب يفكر من الآن في تأجيج هذه الفجوة من خلال إطلاع داعمي هذا السيناتور العجوز. ولهذا السبب، يبدو أن الحزب الديمقراطي وعلى الرغم من تشاؤمه تجاه ساندرز، لا يستطيع حرمانه بسهولة من حقه في أن يكون المرشح النهائي، مثل ما حدث في عام ۲۰۱۶.
 
إذا وصل أيٌ من منافسي ساندرز الديمقراطيين مثل بلومبرج أو جو بايدن إلی الجولة الثانية، ولأنهم يفتقرون إلى الدعم الشعبي، وخاصةً النساء والشباب والسود؛ ففي السباق مع الجمهوريين سيکون الفوز حليفاً لترامب.
 
ومع ذلك، إذا فاز ساندرز بترشيح الحزب الديمقراطي، على عكس 2016، فإنه لا يزال يمنح ترامب فرصةً للفوز بمفاتيح البيت الأبيض.
 
لكن كيف سيکون الحظ حليف المرشح الجمهوري المتنمر هذه المرة؟ الجواب موجود في تعقيدات النظام الانتخابي الأمريكي، والذي يفضل أصوات النخبة علی التصويت الشعبي.
 
حتى إذا اجتاز ساندرز في المرحلة التمهيدية حاجز الهيئات وفاز بترشيح الحزب الديمقراطي؛ ففي المرحلة النهائية والتي يجب أن ينافس فيها دونالد ترامب وحده، فإنه سيواجه حاجزًا أكبر، ألا وهو "المجمع الانتخابي".
 
علی ساندرز الفوز في الولايات الأونغية التي فاز فيها ترامب في عام 2016، وأهم ثلاث ولايات منها هي ولاية ويسكونسن وبنسلفانيا وميشيغان. هذه الولايات لديها ما مجموعه 42 مجمع انتخابي، وإذا أضفنا إليها ولاية فلوريدا مع 29 مجمع انتخابي، فإن ساندرز ينقصه 75 صوتاً من أصوات النخبة الأمريكية.
 
لتفسير هذا الاستنتاج، يجب القول إن الولايات الأونغية هي تلك التي لا يمكن التنبؤ بتوجُّها إلی أي من المرشحين الجمهوري أو الديمقراطي حتی اللحظات الأخيرة. بالإضافة إلى ذلك، في ولايات الغرب الأوسط الأمريكي، يتمثل نمط التصويت في أن المدن غالبًا ما تكون ديمقراطيةً والقری جمهوريةً في كثير من الأحيان، وهذا يعطل أيضًا توازن الولاية بشکل مترنح.
 
في 3 ولايات هي ويسكونسن وبنسلفانيا وميتشيغان، تعمل مورفولوجيا السكان علی حساب ساندرز، لأن كل هذا يتوقف على مستوى إقبال الناخبين الديمقراطيين، الذين يتمتعون بمستويات الرعاية الاجتماعية المتوسطة إلى العالية، ولم يکونوا أبداً مخاطبي ساندرز وأفكاره الاشتراكية.
 
في ولاية فلوريدا أيضاً، نجد مورفولوجيا السكان علی حساب ساندرز بشكل مختلف. هناك، معظم الديمقراطيين من كبار السن، الذين هم، على عكس الشباب، أقل ميلًا إلى حد كبير إلى العجوز الاشتراكي.
 
والنتيجة هي أنه على الرغم من أن ساندرز في وضع أفضل للتنافس مع ترامب، بالاعتماد على وعود المساواة الاشتراكية والحماس المستند إلی الدعم الشعبي، فمن المرجح أن يفشل في الفوز بدعم المجمعات الانتخابية التي تتأثر بمورفولوجيتنا الجغرافية والديموغرافية.
 
أما مرشح مثل بلومبرج الملياردير الذي تدعمه قنوات إخبارية مثل سي.إن.إن في هذه الأيام، فليس قادراً علی ضخ طاقة كافية لجذب أصوات السود والطبقة العاملة، وجو بايدن الذي تخلَّف من بقية المنافسين الديمقراطيين في أيوا ونيو هامبشاير، ينتمي إلى التيار التقليدي للحزب الديمقراطي، الذي لا يمکنه التعامل مع الموجة الشعبوية التي تهيمن على المجتمع الأمريكي. وبقية المرشحين الديمقراطيين سيحذفون من حلبة السباق لأسباب مماثلة إلی حد ما.
 
وبالتالي، بالنظر إلى ما تبقى من السباق الرئاسي، قد تتاح لترامب فرصة الشعور بثقل مفاتيح البيت الأبيض بيده لمدة أربع سنوات أخرى، بعد انتخابات 2020.