مصير الزرفي: ثلاثة سيناريوات تنتظر الحسم

مصير الزرفي: ثلاثة سيناريوات تنتظر الحسم

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٥ مارس ٢٠٢٠

في ظل مشهد مُحاط بأزمات مركّبة، تنحو تصاعداً يوماً بعد آخر، بات المشهد السياسي لبلاد الرافدين محكوماً بثلاثة «احتمالات» يُعمل على إنضاج واحد منها في الأيام القليلة المقبلة. يقضي الاحتمال الأوّل بتسهيل مهمّة تأليف حكومة المكلّف بالتأليف عدنان الزرفي، وتمريرها لاحقاً برلمانياً، فيما الثاني يدور في فلك «البحث عن بديل» للرجل، أما الثالث، فأقرب لأن يكون «نداءً» يدعو إلى الإبقاء على المستقيل عادل عبد المهدي
الأزمات التي تعصف اليوم ببلاد الرافدين، بمثابة سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم «داعش» (حزيران/ يونيو 2014)، وتداعيات فشل مواجهتها واحتوائها ستكون كارثية، لأنها تطال «آخر أركان الدولة»: انقسام سياسي حاد يتّسع شرخه يومياً (أزمة سياسية)، وهبوط حادّ في الإيرادات النفطية مع هبوط أسعار النفط عالمياً (أزمة اقتصادية)، وتصاعد أعداد المصابين بفيروس «كورونا المستجدّ» (أزمة صحّية)، وسط تخوّف رسمي من أن يفتك الوباء بشريحة واسعة من المواطنين، لافتقاد البلاد البنية التحتيّة اللازمة للحدّ من انتشار الفيروس، من جهة، ورفض بعض الشرائح الاجتماعية الالتزام بالتوجيهات الرسمية من جهة أخرى. مشهد «لا يدعو إلى الاطمئنان أبداً»، بتعبير مصدر سياسي بارز، آملاً، في حديث إلى «الأخبار»، أن تحمل الأيام القليلة المقبلة «انفراجاً ما، يخفّف من احتقان مشهد آيل للانفجار».
في هذا الإطار، يبرز إعلان «صندوق النقد الدولي» عن طلب مقدّم من 10 دول، بينها العراق، للحصول على دعم مالي لمواجهة تبعات فيروس «كورونا» على اقتصاداتها، في وقت نقلت فيه وكالة «رويترز» عن مسؤولين ومشرّعين عراقيين قولهم إن العراق «سيتخلّى عن معظم مشروعات التنمية والطاقة... وسيتّجه للاقتراض من الخارج لضمان قدرته على دفع رواتب موظّفي القطاع العام، وتسديد قيمة واردات الغذاء، مع استمرار هبوط أسعار النفط». حديث من شأنه أن يفاقم الأزمات أكثر، مع عجز الأحزاب والقوى السياسية عن الوصول إلى حلول لمواجهة التحدّيات، واتسام «الحلول» المقدّمة بـ«الكيدية»، وتصفية الحسابات الشخصية.
يؤّكد مصدر سياسي مطّلع أن فرص نجاح المكلّف بتأليف الحكومة، عدنان الزرفي، وفشله، متساوية. ثمّة من يقول إن الزرفي أطلق عجلة التفاوض مع معظم الأحزاب والقوى، باستثناء «تحالف الفتح» (تكتّل برلماني يضم الكتل المؤيّدة لـ«الحشد الشعبي») بزعامة هادي العامري. ثمّة من يقول العكس؛ طيف واسع من «الفتح»، باستثناء العامري، يفاوض الزرفي على «حصّته» من «الكعكة الحكومية». في المقابل، تؤكّد مصادر بارزة في «تحالف البناء» (ائتلاف برلماني يضم العامري ونوري المالكي وفالح الفيّاض وخميس الخنجر، وآخرين...)، أن من «فاوض» الزرفي «فاوضه بشكل شخصي، والتحالف متمسّك بقراره الرافض للزرفي، والعمل جارٍ على ضبط هذه التصرّفات الشخصية». وتضيف مصادر «البناء»، في حديث إلى «الأخبار»، أن مصير الزرفي محكوم بـ«التوافق الرباعي»، أي: «الفتح»، و«دولة القانون» بزعامة المالكي، و«تحالف سائرون» المدعوم من زعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر، و«كتلة الحكمة» المدعومة من زعيم «تيّار الحكمة الوطني» عمّار الحكيم.
ترسم مصادر سياسية متابعة «خارطة مواقف» هذه الكتل من الزرفي، موضحة أن «الفتح» و«القانون» في الجبهة الرافضة للزرفي، أمّا الصدر والحكيم فموقفهما ضبابي مقارنة بتصريحاتهم العلنية، وتفاهماتهما مع «المكلّف» البعيدة عن الأضواء. فالأوّل، يعرب عن دعمه المطلق للزرفي ومن كلّفه، أي رئيس الجمهورية برهم صالح. أما الثاني، فمعارضٌ له إن فشِل وداعم له إن نجح، راهناً موقفه بـ«تفاهم أركان البيت الشيعي»، ومحافظاً، في الوقت عينه، على علاقة طيّبة بصالح. أما «تحالف النصر» بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، فمتمسّك بالزرفي، في وقت تعارض فيه كتلتا «العقد الوطني» المدعومة من مستشار الأمن الوطني فالح الفيّاض، و«النهج الوطني» المدعومة من المرجع الديني محمد اليعقوبي، خيار الزرفي، من دون أن تقطع «علاقتها» معه، بتعبير المصادر عينها، في حين ترفض مصادر الفيّاض أي حديث مماثل، مشيرة إلى أنّ قرارها هو «رفض تمرير الزرفي».
هذا الانقسام، وفق أكثر من مصدر، من شأنه أن يتحوّل إلى إجماع في الأيّام القليلة المقبلة، إن نجح الزرفي والأطراف المعارضون في الوصول إلى «تفاهمات»، إزاء الحقائب والمغانم أوّلاً، والبرنامج الحكومي ثانياً، و«شكل» علاقات العراق مع طهران وواشنطن ثالثاً. هنا، يؤكّد مصدر حكومي رفيع أن الأحزاب والقوى باتت «تخشى» الزرفي، الساعي في مفاوضاته معها إلى «تأمين رغباتها». المفارقة، بتعبير المصدر، أن «المكلّف» عليه أن يخشى الأطراف السياسيين، لكنّ حرص الأخيرة على «تأمين مصالحها» نقلها من «موقع القوي إلى موقع الضعيف». وبناءً عليه، حظوظ «تمريره» برلمانيّاً قد ترتفع «إن أجاد استثمار هذا الواقع».
لا تستبعد مصادر «البناء» أن «تسهّل كتلُها مهمّة الزرفي، ولاحقاً تمريره برلمانيّاً»، راهنةً نجاح الرجل في «إنضاج تفاهمات تراعي خصوصيّات الجميع»، فـ«خلافنا ليس مع الزرفي، إنّما خلافنا مع صالح وآلية تكليفه». هذا التراجع «التكتيكي» يشي بأن «المواقف قابلة للتغيّر»، خاصّة أن «المكلّف» ماضٍ في استحقاق التأليف، رامياً نيل «الثقة» على البرلمان، وتحديداً النوّاب لا الكتل.
ويقابل احتمال المضيّ بالزرفي البحثُ عن مخرج يحفظ ماء وجهه، لتبديله تالياً. مفاوضات إيجاد البديل، وفق أكثر من مصدر، «عُلّقت» منذ يومين تقريباً بعد تقديم الفريق «المعارض» للزرفي إلى الصدر، مجموعة خيارات أخرى من مديري الجامعات والكلّيات (أبرزهم منير السعدي، وعماد الحسيني)، لكنّه حتى أمس لم يلقَ ردّاً. عمليّاً، يخوض الزرفي أسبوعاً ساخناً يحسم مصيره كـ«حاكم لبغداد».