حرب باردة قادمة.. كيف أجج حلفاء ترامب الخلاف مع الصين؟

حرب باردة قادمة.. كيف أجج حلفاء ترامب الخلاف مع الصين؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٦ مايو ٢٠٢٠

التوتر الواقع حالياً بين الصين والولايات المتحدة يعيد إلى الأذهان الحرب الباردة التي انتهت قبل 3 عقود بين أميركا والاتحاد السوفييتي، فالمتابع للخطاب الأميركي بشأن الصين على مدار الأسبوع الماضي يستشعر ذلك جيداً.
 
مثال على اللهجة الجديدة هو جون هاولي، عضو جمهوري بمجلس الشيوخ، الذي وقف بساحة المجلس يوم الأربعاء، 20 مايو/أيار، وألقى خطبة هجومية عصماء ضد الصين. “الصين خطر على كل الشعوب الحرة. فهي لا تسعى لأقل من الهيمنة. والشعب الذي أرسل رجلاً إلى القمر وهزم القمع الألماني والسوفييتي لن يقنع بالمركز الثاني خلف الإمبرياليين في بكين”، بحسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية.
 
وفي حين تزداد حدة الغضب الأميركي إزاء فيروس كورونا والأضرار التي سببها، تظل الولايات المتحدة والصين عالقتين في دائرة من التوترات المتصاعدة، ويدفع دعاة الحرب في الناحيتين إلى تنفيذ تحركات قوية.
 
توتر هنا وتغير أوضاع هناك!
وفرض الصين القوانين الأمنية على هونغ كونغ وإنهاء نهج “بلد واحد ونظامان” فعلياً، الذي اتفقت عليه مع بريطانيا حين انسحبت في 1997، هو واحد من أكثر التحركات السياسية عدوانية من جانب الرئيس الصيني شي جين بينغ. وقوبل ذلك التحرك في واشنطن بخطط لفرض العقوبات على مسؤولين صينيين. وقد جاءت موافقة الرئيس دونالد ترامب على بيع طوربيدات بقيمة 180 مليون دولار إلى تايوان ليزيد من حدة التوترات.
 
وفي الأيام القليلة الماضية، صارت واشنطن خلية نحل للأنشطة المناهضة للصين. فقد أسس الجمهوريون فريق عمل في الكونغرس لمجابهة ما يسمونه النفوذ “الخبيث” للحزب الشيوعي الصيني. وبدا أنهم غير عابئين بمخاطر الصراع بين البلدين.
 
يقول مايك غالاغر، عضو الكونغرس من ولاية ويسكونسن والعضو بفريق العمل: “نحن في حرب باردة جديدة. وما يهدد بنشوب نزاعٍ جديدٍ فعلاً هو رفضنا الاشتراك في لعبة المنافسة طويلة المدى التي يلعبها الحزب الشيوعي الصيني بالفعل”.
 
وهناك رموز أخرى في واشنطن تتبنى لهجة أكثر استفزازاً وسعياً إلى المواجهة. يقول كرتس إليس، أحد المستشارين الاقتصاديين للرئيس: “يرغب البعض في استمرار التعاون مع الصين بخصوص التغير المناخي أو التجارة. ولدينا كلمة نسمي بها هذا: المهادنة”.
 
ما الطريقة الأمثل للتعامل مع تصعيد ترامب؟
لكن، بعد أعوام من الانعزال الأميركي والدبلوماسية المتقلبة في عهد ترامب، فإن حلفاء أميركا حذرون بشأن الإسراع إلى مواجهة الصين.
 
إذ قال مصدر أوروبي دبلوماسي في واشنطن إن حلفاء الولايات المتحدة متوترون و”يحكون رؤوسهم”، متسائلين عن الطريقة الأمثل للتعامل مع التصعيد السريع من جانب إدارة ترامب.
 
ويقول المؤرخ فرانسيس فوكوياما: “لقد خسرت الولايات المتحدة الكثير من مصداقيتها بسبب هذه الإدارة. وستتساءل العديد من البلدان الأوروبية عن إمكانية الثقة في الولايات المتحدة مستقبلاً. ستتطلب استعادة الثقة في القيادة الأميركية الكثير من العمل”.
 
لم تعد الولايات المتحدة تحاول التعاون مع الصين، وبدأت ترى كل معاملة بينهما مسابقة تسعى إلى الفوز بها. ومع أن الدول الأوروبية وبريطانيا معها تشارك الولايات المتحدة الكثير من تحليلاتها بشأن الصين، إلا أنها ما زالت تسعى إلى التعاون مع الصين في قضايا منها التغير المناخي.
 
ويخشى الدبلوماسيون الأوروبيون أيضاً أن طريقة ترامب قد تؤتي نتائج عكسياً. ففي الأسبوع الماضي كرر الرئيس ترامب تهديده بسحب التمويل الأميركي لمنظمة الصحة العالمية بصورة دائمة. وهنا تدخل شي جين بينغ فوراً وقدم ملياري دولار للمساعدة في مكافحة الجائحة.
 
وبالمثل فإن قرار ترامب الانسحاب من اتفاقية السماوات المفتوحة، التي تسمح للدول بالطيران فوق مناطق بعضها، أزعج بعضاً من حلفاء أميركا في الناتو. وكتب أنتوني بلينكن، مستشار السياسة الخارجية للمرشح الرئاسي الديمقراطي المرتقب جو بايدن: “عبر تقويض تحالفاتنا، والتنازل عن دورنا القيادي في المنظمات الدولية وهجر قيمنا ومبادئنا، عزز الرئيس ترامب موقف الصين وأضعف موقفنا نحن”.
 
وستستمر بريطانيا في التخطيط لطريقٍ أكثر اعتدالاً من الولايات المتحدة، لأنها تعي أن الغضب الجمهوري تجاه الصين مدفوع بمجريات السياسة وبالأيديولوجيا أيضاً.
 
فمع وفاة 100 ألف أميركي جراء كوفيد 19 واقتراب نسبة البطالة من 15%، فإن لوم الصين على الفوضى الأميركية يشتت الانتباه عن استجابة ترامب الفاشلة للأزمات.
 
القضية الرئيسية في الانتخابات الأميركية
ويقول إليس، المستشار الاقتصادي للرئيس: “ستكون الصين قضية محورية في حملة 2020 الانتخابية. كل الطرق تؤدي إلى الصين. في 2016 ترشح ترامب على أساسٍ من رؤيته الواضحة للصين. ومنذ الجائحة، تحول كثيرون إلى وجهة النظر التي تبناها هو منذ وقت طويل. ولهذا السبب ربح الانتخابات في 2016. وإن فاز مرة أخرى، سيكون ذلك من الأسباب الكبرى لفوزه”.
 
لكن هل الولايات المتحدة مجهزة لمثل ذلك الصراع؟ فقد أوهنت أميركا الانقسامات السياسية الداخلية وعززت الصين من قوتها العسكرية المتزايدة في المحيط الهادئ.
 
يقول فوكوياما: “المنافسة صعبة للغاية إلا إذا أصلحت الولايات المتحدة ديمقراطيتها. إن كنت ترى ذلك الصراع صراعاً أيديولوجياً طويل الأمد إذن علينا إصلاح أيديولوجيتنا، وجهل ديمقراطيتنا تعمل عملاً أفضل. ففي أثناء الحرب الباردة مع السوفيت كانت القوة الناعمة والنموذج الأميركي مصدر قوة بالغ الأهمية. وإن لم يفلح هذا، فلن نحقق الكثير في مواجهة الصينيين، فهم تحدٍّ طويل المدى أكثر من السوفييت، وأذكى منهم بكثير”.
 
وفي الأعوام الأخيرة، تراجعت الأفضلية العسكرية الأمريكية في مواجهة الصين، ما جعل البعض يتساءلون عما إذا كانت الولايات المتحدة ما زالت تملك الإمكانات اللازمة لمواجهة كبرى في المحيط الهادئ.
 
يقول كريس بروز، مؤلف كتاب The Kill Chain: Defending America in the Future of High-Tech Warfare: “إنها حقيقة موضوعية أن التوازن العسكري في وسط آسيا قد اختل توازنه لغير صالح أمريكا في الأعوام الماضية. فقد تعلم الجيش الصيني عنا الكثير”.
 
وأضاف أن الصين ليست مجرد “قوة عظمى، فنحن نتحدث عن صعود إلى مرتبة قرين الولايات المتحدة. نحن نشهد نهاية التفوق العسكري الأميركي. وسيكون الصراع طويلاً”.