الصراع الليبي.. كثر الطباخون فغاب الحل

الصراع الليبي.. كثر الطباخون فغاب الحل

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٣ يونيو ٢٠٢٠

من المتفق عليه ان ليبيا هي اكثر النماذج فشلا فيما يعرف بالربيع العربي. فبعد تسع سنوات من الاطاحة بنظام معمر القذافي، لم يشهد الشارع الليبي هدوءا ولا استقرارا في ظل الصراع المتنامي والمتسارع والذي قد يختلف عن باقي دول الربيع العربي بتشعبه وكثرة اللاعبين الداخليين والاقليميين والدوليين الفاعلين فيه. 
العالم - قضية اليوم
 
منذ اشهر استقر المشهد الليبي على سيناريو الهجوم الواسع الذي شنته قوات اللواء خليفة حفتر للسطرة على العاصمة طرابلس مقر حكومة الوفاق المعترف فيها دوليا. حفتر تلقى دعما اقليميا يتمثل بمصر الجارة الشرقية وكل من الامارات والسعودية اضافة الى دعم دولي متمثل بروسيا.
حملة حفتر فشلت عمليا، وانتقلت حكومة الوفاق المدعومة من تركيا من الدفاع الى الهجوم لتسيطر على مدينة ترهونة احد اهم معاقل حفتر في الغرب. وتبدأ التحضير لاستكما هجومها شرقا باتجاه سرت والجفرة.
 
مع تغير موازين القوى تغير الحديث عن الحل السلمي الذي كان غائبا نوعا ما عن المشهد. فخرجت مبادرة القاهرة التي اطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي ورفضتها الوفاق ومعها تركيا. لياخذ الصراع بعدا اقليميا ودوليا يحتوي على عوامل متشعبة بين دول تتحالف وتتفق على ملفات اخرى بينما تختلف على الملف الليبي.
 
روسيا-تركيا
اخذت موسكو موقفا قريبا من السعودية والامارات ومصر حيث وقفت الى جانب قوات خليفة حفتر وبرلمان طبرق. روسيا وجدت موطئ قدم لها في ليبيا هو في الواقع مناقضا لموقف تركيا التي اعلنت دعمها منذ البداية لرئيس حكومة الوفاق فايز السراج. (عكس ليبيا، تتفق روسيا وتركيا على الملف السوري بالرغم من بعض التجاذبات بينهما هناك)
 
مصر-تركيا
بدأ الخلاف بين البلدين منذ عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي ومجيء عبد الفتاح السيسي. الخلاف التركي المصري انتقل الى الميدان الليبي، حيث وجدت القاهرة في الوجود التركي في ليبيا استفزازا لها وتحديا لها على حدودها الغربية. خاصة بعد تحضير حكومة الوفاق بدعم تركي للهجوم على سرت والجفرة الاستراتيجيتين، ما اعتبره السيسي خطا احمرا لا يسمح بتجاوزه مهددا بالتدخل العسكري في ليبيا لمواجهة الوفاق وانقرة. وفي السياق تعزف السعودية والامارات على وتر القاهرة والقاسم المشترك في مواقف هذه الدول الخصومة بينها من جهة وبين تركيا من جهة ثانية. فيما ردت تركيا بشكل غير مباشر من خلال دعم الوفاق التي اكدت مواصلة العمل للسيطرة على كل الاراضي الليبية.
 
الولايات المتحدة
دخلت واشنطن على خط الصراع بشكل اكثر وضوحا. هذه المرة عبر الدعوة لوقف التصعيد. رسالة مهمة اطلقتها السفارة الاميركية في ليبيا موجهة بشكل مباشر الى مصر بعد تهديدات السيسي. السفارة الاميركية قالت انها ترفض اي تصعيد عسكري ومن اي طرف. ودعت الى استئناف المفاوضات فورا. رسالة اميركية ثانية تمثلت بلقاء قائد القيادة العسكرية الاميركية في افريقيا "افريكوم" "ستيفن تاونسند" برئيس حكومة الوفاق فايز السراج، والفحوى هو ان واشنطن لن تقف الى جانب القاهرة وموسكو في الصراع الليبي. لكنها لا تريد نشوب صراع لانه سيرهق واشنطن المتعبة بسبب المشاكل الكثيرة التي تواجه ادارة دونالد ترامب.
 
وهكذا يبدو المشهد الليبي الذي دخل مرحلة الصراع الاقليمي والدولي منقسما بين طرفين. روسيا-مصر-الامارات-السعودية من جهة، وتركيا-قطر من جهة ثانية.. طباخون كثر وكل واحد يريد فرض خلطته الخاصة. بين خلطة روسية مصرية وخلطة تركية قطرية يخشى الكثيرون من ان تضيع "الطبخة" وتفسد، وان يصبح الحل السياسي الغائب عن الساحة الليبية منذ نحو عقد بعيدا اكثر مما يظن الكثيرون، خاصة وان المصالح الخاصة بكل دولة تفرض نفسها في رؤية هذه الدولة للحل.
 
حسين الموسوي