صناعة الموت في اليمن.. بريطانيا والسعوديّة في خندق واحد

صناعة الموت في اليمن.. بريطانيا والسعوديّة في خندق واحد

أخبار عربية ودولية

السبت، ١١ يوليو ٢٠٢٠

مع تصاعد وتيرة الجرائم السعوديّة بحق اليمن وشعبه، أعلنت بريطانيا، الثلاثاء الفائت، أنها تعتزم استئناف عمليات بيع الأسلحة للسعوديّة، بعد أن جمّدتها العام المنصرم، بناء على قرار أصدرته محكمة بريطانيّة على خلفيّة الحملة العسكريّة الإجراميّة التي شُنت على اليمنيّين، والتي تُشكل مملكة آل سعود رأس الحربة فيها، وقد تم إيقاف بيع الأسلحة البريطانيّة إلى السعوديّة في حزيران 2019، بعد أمر قضائيّ من محكمة الاستئناف لِما تُشكله تلك الأسلحة من انتهاك للقانون الإنسانيّ الدوليّ، بسبب استعمالها في الحرب السعوديّة على اليمن.
 
التراجع البريطانيّ
 
تُصرّ الحكومة البريطانيّة على أنّ السعودية تمتلك نيّة فعليّة وقدرة على الامتثال للقانون الإنسانيّ الدوليّ، بحسب وزيرة التجارة الدوليّة، "ليز تراس"، ما سمح بإعادة النظر في إصدار رخص التصدير، ويمكن استنتاج نقطتين مهمتين من هذا التصريح، أولهما أنّ السعوديّة باعتراف غربيّ غير ممتثلة للقوانين الدوليّة، والآخر هل سيُجرب الغرب النوايا السعوديّة على حساب أطفال اليمن؟، بعد أن أوقعت الحرب التي تقودها المملكة ضد اليمن، عشرات آلاف القتلى، وتسببت بأسوأ أزمة إنسانيّة في العالم، بحسب تعبير الأمم المتحدة.
 
وذكرت "تراس" أنّها أجرت تقييماً خلص إلى عدم وجود خطر واضح بأنّ الأسلحة والمعدات العسكريّة المصدّرة للسعوديّة قد تستعمل في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنسانيّ الدوليّ، بحسب بيان وجّهته للبرلمان.
 
وأوضحت وزيرة التجارة الدوليّة أنَ الحكومة ستبدأ حالياً عمليّة الانتهاء مما تراكم منذ 20 حزيران 2019، من طلبات تراخيص تصدير إلى السعوديّة وشركائها في التحالف، مبينة أنّ إنجاز هذه العمليّة قد يستغرق أشهراً.
 
وقالت تراس إنّ الحكومة وضعت ما أسمتها "منهجية منقّحة" لتقييم مزاعم الانتهاكات المنسوبة للقوات السعوديّة، مدّعية أنّ الحوادث الماضية كانت "معزولة"، وأوضحت أنّ الطلبات سيتمّ تقييمها بعناية وفق المعايير الموحدة لإصدار تراخيص تصدير الأسلحة على صعيد الاتحاد الأوروبيّ والصعيد الوطنيّ، مشدّدة على أنّه لن يمنح أيّ ترخيص إذا كان يشكل انتهاكاً لهذه المعايير.
 
ومن الجدير بالذكر أنّ هذا الإعلان، يأتي غداة فرض بريطانيا عقوبات على 20 سعودياً، للاشتباه بتورّطهم في جريمة قتل الصحافي السعوديّ البارز "جمال خاشقجي"، في قنصلية بلاده لدى تركيا.
 
انتقادات لاذعة
 
أثار القرار البريطانيّ حفيظة الناشطين في مجال حقوق الإنسان، كما أثار انتقادات نشطاء في مجال مراقبة الأسلحة، حيث أعلنت ما تسمّى حملة "ضدّ تجارة الأسلحة" أنها تدرس إمكان اتخاذ مزيد من التدابير القضائيّة، وقال المسؤول في الحملة "آندرو سميث" أنّ هذا القرار المُشين ينمّ عن "إفلاس أخلاقي"، بحسب وصفه.
 
وبهذا الصدد؛ أدى القصف الهمجيّ السعوديّ على اليمن إلى أسوأ وضع إنسانيّ على وجه الأرض، وإنّ الأسلحة المصنّعة في بريطانيا تأثّر بشكل مباشر على أرواح اليمنيّين، باعتراف الحكومة البريطانيّة، ولذلك بيّن الحملة أنّها ستدرس هذا القرار الجديد مع المحامين التابعين لهم، وستقوم بكل الخيارات المتاحة للاعتراض عليه.
 
وتقول حملة "ضدّ تجارة الأسلحة" أنّ تحليلها لأرقام الحكومة البريطانيّة يظهر أن البلاد أصدرت تراخيص بيع أسلحة بنحو 5 مليارات جنيه إسترليني أيّ ما يقارب 6,4 مليارات دولار أمريكيّ، للسعوديّة منذ بدء الحملة العسكريّة على اليمن عام 2015.
 
وفي القرار القضائي الصادر عام 2019، اعتبرت محكمة الاستئناف في بريطانيا أن الحكومة خرقت القانون بعدم إجرائها تقييماً صائباً حول ما إذا كان يشكّل بيع الأسلحة إلى الرياض انتهاكاً لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، أمرت المحكمة بإعادة النظر في المسألة وتقييم المخاطر المستقبلية.
 
التعاون البريطانيّ السعوديّ
 
أعرب نائب وزير الدفاع السعودي الأمير" خالد بن سلمان بن عبد العزيز"، في وقت سابق، خلال اتصاله مع وزير الدفاع البريطانيّ، "بن والاس"، عن التقدير السعوديّ لبريطانيا بسبب جهودها لتحقيق التعاون بين البلدين من خلال إرسال قوات عسكريّة ومنظومات دفاعيّة إلى السعوديّة، لتحقيق الأهداف المشتركة في حماية أمن المنطقة، وفق ادعائه.
 
من جانبه، بيّن وزير الدفاع البريطاني أنَّ قوات بلاده الموجودة في السعودية تؤكد عمق الشراكة بين البلدين، وتعزز التعاون لحفظ أمن المنطقة واستقرارها، على حد تعبيره.
 
وفي هذا الصدد؛ أثنى وزير الدفاع السعوديّ على ما وصلت إليه "الشراكة الاستراتيجيّة" مع بريطانيا في جميع المجالات خاصة الدفاعيّة منها، موضحاً أهمية تعزيز الشراكة بين البلدين في إطار ما أسماها الرؤية المشتركة في مواجهة كافة أشكال التهديد للأمن والسلم الدوليّين بالإضافة إلى حماية الممرات المائيّة الحيويّة وعدم تعريض التجارة الدوليّة للخطر، ما أثار موجة سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في ذلك الحين، خاصة وأنَّ السعوديّة هي رأس الحربة في عدة حروب دمويّة أولها الحرب على اليمن.
 
وكان نائب وزير الدفاع السعوديّ، نشر عبر "تويتر"، أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير الدفاع البريطانيّ "بن والاس"، وبحث التعاون الثنائي في المجال العسكري بين البلدين، مضيفاً إنَّه نقل شكر الملك السعودي "سلمان بن عبد العزيز"، إلى حكومة بريطانيا، فيما تكتم المسؤول العسكريّ السعوديّ، عن كامل التفاصيل المتعلقة بالقوات والمنظومات الدفاعيّة المرسلة من قبل بريطانيا إلى بلاده.
 
أكثر من ذلك؛ ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانيّة، في آذار الفائت، أنَّ السعوديّة اشترت أسلحة بريطانية بقيمة تبلغ نحو 5.3 مليارات إسترليني أي حوالي، 6 مليارات دولار، منذ انخراطها في الحرب على اليمن عام 2015.
 
يُذكر أن بريطانيا، حسب الإحصاءات الأخيرة، ربحت عقوداً كبرى لبيع الأسلحة بقيمة 14 مليار إسترلينيّ أي حوالي 15 مليار دولار، بالإضافة إلى أنها احتلت المرتبة الثانية عالمياً بمجال تصدير الأسلحة، بحصة بلغت قيمتها 19% من إجمالي قيمة مبيعات السلاح في العالم، في الفترة الممتدة بين عامي 2008 و2018، بحسب مواقع إخبارية.