«سد النهضة» يبدأ العمل: منسوب النيل ينخفض في السودان ومصر

«سد النهضة» يبدأ العمل: منسوب النيل ينخفض في السودان ومصر

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٦ يوليو ٢٠٢٠

مناورة إثيوبية جديدة، وهذه المرة حول بدء تخزين المياه في سد النهضة، في خطوة بدأت بالفعل، ودفعت القاهرة إلى إعادة النظر في الوساطة الأفريقية، مع طلبها اللجوء إلى مجلس الأمن مجدداً
بدأت إثيوبيا رسمياً ملء خزان «سد النهضة» في خطوة من جانب واحد، بعد فشل مفاوضات «الفرصة الأخيرة»، التي استمرت 10 أيام برعاية أفريقية وحضور مندوبين عن الولايات المتحدة و«البنك الدولي»، وانتهت برفع تقرير إلى قادة الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، إضافة إلى جنوب أفريقيا، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، التي يسعى رئيسها للوصول إلى تهدئة واتفاق يضمن حقوقاً عادلة للجميع. جاء الإعلان الإثيوبي أمس رسمياً عبر وزير الري، سيليشي بيكيلي، بعد أيام من رصد صور بالأقمار الاصطناعية لتدفق المياه إلى بحيرة خزان السد من دون توافق، في خطوة تقول القاهرة إنها تخالف التعهدات الإثيوبية السابقة بتجنّب أي قرار أحادي، فيما أعلنت الخرطوم نقص منسوب النيل الأزرق بمعدل 90 مليون متر مكعب يومياً من جرّاء تخزين المياه.
في مشهد استعراضي، أذاع التلفزيون الإثيوبي لقطات لبدء تخزين المياه، قبل أن يتراجع وزير الري عن تصريحاته، مؤكداً أن التنفيذ لم يبدأ، خلافاً لما أظهرته التقارير والصور، في محاولة على ما يبدو لتهدئة الرأي العام العالمي. كما اعتذر التلفزيون الرسمي عمّا وصفه بـ«سوء الفهم» لتصريحات الوزير الذي أوضح أن تعبئة المياه تتم بما يتماشى مع عملية البناء الطبيعية، فيما سارعت مصر إلى طلب توضيحات عبر وزارة الخارجية، كما أجرى الوزير سامح شكري اتصالات مكثفة مع نظرائه الأوروبيين، تمهيداً للتوجه مجدداً نحو مجلس الأمن، مع إعلان فشل الآلية الأفريقية في تسوية النزاع. أيضاً، اتخذت القاهرة والخرطوم مواقف أكثر صرامة مع استمرار التنسيق بينهما، على أن الاتحاد الأفريقي سيعقد قمة مصغرة في وقت لاحق، الجمعة على الأرجح، من أجل مناقشة النقاط العالقة في التفاوض، لكن اللقاء بات مهدّداً بعد الخطوة الإثيوبية أمس.
وفق رصد الأقمار الاصطناعية بدأ تخزين المياه في الـ11 من الجاري
مع ذلك، وبعيداً جداً ممّا يقال عن حرب، تعوّل القاهرة على المجتمع الدولي في إبراز الانتهاكات الإثيوبية للقوانين والمعاهدات، كما تنقل مصادر، وهي خطوة هدفها الرئيسي الضغط على أديس أبابا من أجل القبول بطلبات مصر في التفاوض، المرتبطة بتحديد آلية عادلة لفض المنازعات، إضافة إلى الكميات التي يمكن تخزينها وارتباطها بمنسوب تدفق المياه، وخاصة أنه بحكم الجغرافيا كانت مصر تحصل على حصة أكبر من حصتها في النيل بسبب غياب العوائق الاصطناعية. وفي المقابل، تدافع إثيوبيا عن تشغيل السد بوصفه قراراً وطنياً لا يمكن أن يكون رهينة بمواقف دول أخرى، خاصة مصر، مع محاولات مستمرة لاستقطاب السودان، وهو ما تحرص القاهرة على تجنّب حدوثه، ولا سيما أن وحدة الموقفين أعطتها دفعة في المفاوضات الدولية حول السد.
وعلمت «الأخبار» أن الخارجية المصرية هي المسؤولة حالياً عن إدارة الملف كلياً بدءاً من أمس، علماً بأن عملية تخزين المياه بدأت منذ الحادي عشر من الشهر الجاري وفق الرصد، في وقت تدرس فيه الوزارة السيناريوات المتاحة للتعامل مع الأزمة، بداية من مجلس الأمن وصولاً إلى ممارسة ضغوط دولية على إثيوبيا لوقف أي مشاريع تنموية ترغب في الحصول على قروض لها. لكن اللافت، كما تنقل مصادر، أنه ليس لدى القاهرة إجمالاً مانع في بدء تخزين المياه هذا العام، مع تفهّم الاعتبارات الداخلية الإثيوبية بشأن الانتخابات والأزمات الداخلية التي يحاول رئيس الوزراء أبي أحمد التعامل معها بتصدير قضية «النهضة» إلى الرأي العام، لكن تبقى المشكلة في طريقة التعامل مستقبلاً، خاصة أن المصريين يرفضون استمرار سياسة فرض الأمر الواقع التي تحاول السلطات الإثيوبية تطبيقها منذ بداية السد، استناداً إلى الاضطرابات التي شهدتها مصر بعد «ثورة 25 يناير» 2011 حتى وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم. فالأخير حاول منع «الكارثة» بتوقيع اتفاقية جديدة مع إثيوبيا والسودان، لكن يبدو أن هذا كله يذهب أدراج الرياح.