عودة آل شريف: باكستان «تغيّر جلدها»

عودة آل شريف: باكستان «تغيّر جلدها»

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ١٣ أبريل ٢٠٢٢

أنهى حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية» غيابه القسري عن السلطة، مع تسلُّم شهباز شريف، شقيق رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف، رئاسة الوزراء خلفاً لعمران خان الذي أطيح الأحد من منصبه، بعد حجب الثقة عن حكومته في الجمعية الوطنية (البرلمان)، في سابقةٍ لم تعرفها باكستان من قَبل. وتمهِّد عودة «الرابطة الإسلامية» إلى الحُكم لتحوُّل في سياسة إسلام أباد الخارجية، تتأمّل الجارة اللدودة، الهند، أن يجدِّد الانفتاح بين القوّتَين النوويتَيْن بعدما توقَّف إبّان قرار حكومة ناريندا مودي إلغاء الحكم الذاتي في كشمير الهندية، وما نتج منه من توتّر كاد يشعل حرباً رابعة بين البلدين. على الجانب الآخر، لم تعلّق الولايات المتحدة، المتّهمة من جانب حكومة خان المُقالة بـ«تدبير الانقلاب» ضدّه، على التطورات الأخيرة وانتخاب شريف رئيساً للوزراء، وإن كانت تفضّل، وفق تسريبات السفير الباكستاني في واشنطن، إبعاد الأوّل عن الحياة السياسية، لمَا بات يمثّله من إزعاج على مستوى العلاقات بين البلدين، خلفيّتها تقاربه مع روسيا والصين.
وعلى رغم محاولاته البقاء في السلطة بدعم من الرئيس عارف علوي الذي وافق على حلّ البرلمان نزولاً عند طلبه، إلّا أن مساعي خان باءت بالفشل بعد قرار المحكمة العليا إبطالَ مفاعيل هذا الإجراء، نظراً إلى «عدم دستوريته»، ودعوتها الجمعية الوطنية التي استقال معظم أعضاء حزب «حركة إنصاف» منها، إلى الانعقاد لبتّ مصير الحكومة. وأعقب قرار البرلمان سحب الثقة من خان، وهو الأوّل من نوعه في تاريخ باكستان، انتخاب شهباز شريف رئيساً جديداً للوزراء بحصوله على 174 صوتاً من أصل 342 نائباً. وتتمحور مهمّة الرئيس الجديد الذي عدَّ فوزه «انتصاراً للنزاهة، وهزيمة للشرّ»، على تشكيل حكومة تعتمد بصورةٍ رئيسية على «حزب الشعب الباكستاني» الذي يقوده بيلاوال بوتو زرداري نجل الرئيس السابق أصف علي زرداري ورئيسة الوزراء السابقة بينازير بوتو، وبدرجةٍ أقلّ على «جمعية علماء الإسلام». واتّسمت العلاقة بين حزبَي «الشعب الباكستاني» و«الرابطة الإسلامية» اللذين أسّستهما عائلتان سياسيتان باكستانيتان، وهيمنا على الحياة السياسية على مدى عقود، بالمواجهة أكثر منها بالتوافق، إذ يُستبعد أن يصمد التحالف الظرفي بينهما، والذي كان هدفه إطاحة عمران خان، مع اقتراب الانتخابات المقبلة في تشرين الأوّل 2023. كما سيتعيّن عليهما التعامل مع أزمة اقتصادية خانقة في ظلّ ارتفاع معدّل التضخّم وتراجع الروبية وتراكم الديون، في وقت يزداد فيه الخطر الأمني بعدما عزَّزت عودة حركة «طالبان» إلى السلطة في أفغانستان العام الماضي، موقع نظيرتها الباكستانية.
وسيسمح وصول شهباز شريف (70 عاماً)، إلى رئاسة الحكومة في باكستان، بالخروج من ظلّ شقيقه الأكبر، نواز، الذي تولّى هذا المنصب لثلاث دورات غير متتالية قبل إقالته في عام 2017 على خلفية قضايا فساد وسجنه، ثم إطلاق سراحه بعد سنتين لأسباب طبية، وانتقاله للإقامة، منذ ذلك الحين، في المملكة المتحدة. وشهبار الذي ينحدر من عائلة ثرية، ولد في لاهور في إقليم البنجاب، وورث مع شقيقه شركة التعدين العائلية، قبل انتخابه لأوّل مرّة في جمعية البنجاب عام 1988، وفي الجمعية الوطنية الباكستانية عام 1990. وفي عام 1997، انتُخب للمرّة الأولى رئيساً لحكومة البنجاب، المنطقة الأغنى والأكثر اكتظاظاً بالسكان في باكستان، حيث أشرف في منصبه الذي تولّاه لثلاث دورات على سلسلة من مشاريع البنى التحتية، من بينها أوّل شبكة حافلات سريعة تعرف بـ«متروباص» في باكستان. لكن منتقديه يقولون إنه لم يعالج المشكلات الأساسية في الولاية، ولا سيما إصلاح الخدمة العامة والصحة والزراعة، وركّز، بدلاً من ذلك، على مشاريع يمكنه توظيفها في الانتخابات، مثل توزيع أجهزة كمبيوتر محمولة على الطلاب أو توفير النقل العام المجاني للعاطلين من العمل. وتولّى شهباز زعامة حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية» بعد شقيقه نواز الذي أسّس الحزب، فيما يعتبره بعض المحلّلين مديراً ناجحاً أكثر منه سياسياً. وبعد انقلاب عسكري قاده برويز مشرّف وأطاح حكومة نواز شريف عام 1999، قرّر شهباز مع أسرته الذهاب إلى منفى اختياري في السعودية حيث أمضى عدة سنوات قبل عودته إلى باكستان عام 2007. ومع فوز «الرابطة الإسلامية» في الانتخابات عام 2008، انتخب شهباز رئيساً لحكومة البنجاب للمرّة الثانية، أمّا المرّة الثالثة فكانت عام 2013، عقب يوم من تولّي شقيقه رئاسة الحكومة في باكستان للمرّة الثالثة والأخيرة. وظلّ شهباز رئيساً لحكومة البنجاب حتى هزيمة حزبه في الانتخابات عام 2018، التي أوصلت عمران خان إلى السلطة. وفي حين كان نواز على خلاف مع الجيش، ويعتقد، أنه على الرغم من تورّطه بقضايا فساد، أن علاقته السيئة بالمؤسسة العسكرية كان لها دور كبير بمعاقبته والحكم بعدم أهليته للمنصب، فضّل شهباز المصالحة معها. ولكن، على غرار أخيه، واجه شهباز اتهامات بالفساد وغسل الأموال من قِبَل مكتب المحاسبة الوطني الباكستاني، وفي عام 2019، صادرت هيئة مكافحة الفساد عدداً من العقارات التي تعود ملكيتها له ولنجله حمزة، واتهمتهما بتبييض الأموال.