2023-04-25 03:46:21 | الأرشيف
![]() ما الذي تريده "إسرائيل" من السودان؟ |
|||||||||||||
![]() الميادين
دائماً ما كان السودان محط اهتمام "إسرائيل" حيث لم تترك فرصة إلا وتدخلت في أوضاعه الداخلية ومواقفه الخارجية، وهو ما ظهر بشكلٍ أساسي في السنوات الأخيرة.
وأحدث الصدام الأخير بين البرهان و"حميدتي"، والذي سيفضي إلى تأجيل أيّ حديث أو توقيع أي اتفاق تطبيع قريباً مع السودان، حالة من الإرباك في مخططات الاحتلال، فالمهم لدى "إسرائيل" هو أن يخرج السودان تماماً من الفلك المعادي لها، وأن يصبح بلداً ضعيفاً يمكن العمل فيه وفق المصالح بكل أريحية.
دخلت "إسرائيل" على خط الأزمة السودانية الأخيرة ومساراتها، بشكل متكرر في الأيام الماضية، وصولاً إلى دعوة وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي إيلي كوهين، لكل من قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الطرفان اللذان يتزعمان الفصائل التي تقاتل بعضها البعض في السودان على مدى الأيام الماضية، إلى اجتماع مشترك في "إسرائيل" سيحاولان خلاله التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار "بوساطة إسرائيلية"، وفقاً لما قاله مسؤولون في وزارة خارجية العدو لموقع "والا" الإسرائيلي.
وأكّد موقع "أكسيوس" الأميركي، عرض "إسرائيلي" لاستضافة طرفي الصراع في السودان بشأن عقد تسوية بينهما، وبتنسيق تام مع إدارة الرئيس بايدن ودولة الإمارات.
ومن هذه النقطة يتحدث محلل الميادين للشؤون العربية والإقليمية، عبد الرحمن نصار، للميادين نت، عن نظرة "إسرائيل" لما يحدث في السودان، مؤكّداً أنّه لا أحد يمتلك إجابة دقيقة عما تراه "إسرائيل"، فجزءٌ كبير من التسريبات والأخبار التي تُنقل عن مصادر إسرائيلية هي أخبار موجهة في مكانٍ ما، وربما تكون "إسرائيل" مثلها مثل الولايات المتحدة وبريطانيا جزء من هذا الصراع أو جزء من تحريك هذا الصراع، معتبراً أنّه لا يوجد شيء بريء في دولة تكون فيها سفارة أميركية أو تملك علاقات مع "إسرائيل".
ويشير نصار إلى أنّه على الرغم من ذلك إلا أن المُعلن هو أن الخارجية الإسرائيلية تميل إلى دعم عبد الفتاح البرهان بصفته ممثل للجيش السوداني ولكون توقيع التطبيع كان بشكلٍ مباشر معه، بينما الموساد يميل إلى محمد حمدان دقلو "حميدتي" كونه قدّم مجموعة من الخدمات المباشرة وعبر الإمارات لـ"إسرائيل"، لكن هذا التباين لا يعتبر اختلافاً جوهرياً حول أيّ الطرفين لأنّ "إسرائيل أعلنت منذ البداية أنّ أي طرف من الطرفين يفوز هو في مصلحتنا".
كما تطرّق نصار إلى دور "إسرائيل" وجهاز مخابراتها، مؤكّداً أنّ من مصلحتها هو إضعاف السودان وتفكيكه، ولها علاقات أقوى مع إثيوبيا، فمصالح الإثيوبيين تصبّ ضد السودان، وتتقاطع مع "إسرائيل"، وهي مصلحتها أيضاً أن تظهر نفسها في مظهر المنقذ والمصلح و"الذي سيحمل الخير للسودان".
ويضيف أنّه في وقت الحروب تُمرّر "إسرائيل" سلاحاً ومعلومات مخابراتية للطرفين، أما في السلم تأتي بمشاريع واستثمارات كالأعمال الزراعية وتستفيد من اليورانيوم، لأنّ ملف اليورانيوم في "إسرائيل" مهم ولا سيما في إفريقيا ضمن مجموعة من الأطماع.
ويلفت نصار إلى أنّ المهم لدى "إسرائيل" بشكلٍ أساسي هو أن "يخرج السودان تماماً من فلك الإسلاميين ومحور المقاومة وأن يصبح بلد ضعيف يمكن العمل فيه بكل أريحية".
بدوره، يقول الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية ثابت العمور في حديثه للميادين نت، إنّ التقدير الإسرائيلي بخصوص السودان كان يستبعد حدوث اشتباك مسلح مباشر بين طرفي الصراع البرهان وحميدتي لا سيما أنّ هناك خطوط اتصال إسرائيلية مباشرة بين الرجلين تستهدف استطلاع مواقفهم أولاً ودفع كلاً منهم باتجاه التطبيع.
ويشدّد العمور على أنّ التقدير الإسرائيلي بُني على أنّ السودان قريب جداً من الذهاب إلى توقيع الاتفاق النهائي معه، وهذا ما يُفسّره حديث وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين في زيارته الأخيرة للسودان خلال شباط/ فبراير الماضي، وقوله إنّه خلال أشهر سيجري التوقيع على التطبيع مع السودان في واشنطن.
ولكن الصدام الذي وقع بين البرهان وحميدتي سيفضي إلى تأجيل أي حديث أو توقيع أي اتفاق تطبيع قريباً مع السودان ما يعني حدوث إرباك في مخططات الاحتلال باتجاه التطبيع مع السودان. بل ربما يفضي الصراع وفق العمور، إلى "ظهور قادة سودانيين جدد في المشهد وبالتالي العودة للبدء من جديد في تمرير التطبيع".
التطبيع بين التوقيع والانهيار
تخشى "إسرائيل" تجميد علاقات التطبيع مع السودان الذي تعده بوابة لها لتعزيز نفوذها وحضورها في القارة الإفريقية، حسب ما أفادت صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية.
وفي ظل الاشتباكات واحتدام المعارك في السودان، يقول محلل الميادين للشؤون العربية والإقليمية عبد الرحمن نصار، للميادين نت، إنّ "إسرائيل" لا ترغب في تأخر التطبيع مع السودان خاصةً بعد مجموعة الخسائر السياسية في الفترة الأخيرة من ضمنها الاتفاق السعودي-الإيراني، لذلك كانوا معنيين بتعويضها في دول عدّة.
وتابع: "اليوم انتقلت التوجهات نحو النبيجر وموريتانيا لانشغال السودان بالصراع الداخلي، لكن هذا الملف لم يعد فعّالاً مثلما سبق، فالمهم بالنسبة للإسرائيليين ألا تفلت الأمور في السودان لحدٍ لا يمكن لأحد السيطرة فيه وتصبح ساحة غير أمنة للعمل أو يكون هناك أطراف قوية تتحدث معها".
التطبيع بين السودان و"إسرائيل" يبدو حالياً حاجةً لنتنياهو، الذي يغرق في أزماتٍ داخلية تعصف بحكومته وبكيان الاحتلال، ويريد إنجازاً لتقديمه للرأي العام الإسرائيلي.
ويرى الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية ثابت العمور، أنّ التطبيع الإسرائيلي مع السودان له عدة أبعاد:
- أولاً أنّه اختراق لعاصمة اللاءات الثلاثة (لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض).
- ثانياً أنّه اختراقٌ للقارة الإفريقية، ومن ثم يؤمن موضع قدم للاحتلال الإسرائيلي في منطقة استراتيجية مهمة جداً تضمن تمدّد إسرائيلي في إفريقيا.
- ثالثاُ التطبيع يعد رافعة سياسية لنتنياهو في مواجهة الأزمة السياسية التي تعصف بالاحتلال.
ولكن كل ذلك تعطل الآن بعد وقوع الصدام والاشتباكات بين الفرقاء في السودان، وبالتالي فإن مسار التطبيع حسب العمور، "سيتوقف تماماً على الأقل حتى انتهاء الصراع وحسم أحد الطرفين للمعركة أو معرفة من سيقود المشهد السوداني خلال المرحلة المقبلة".
وتطرّق العمور لثلاث خيارات تقوم بها "إسرائيل" الآن: أولها، فتح قنوات اتصال بالمكون المدني السوداني. ثانيها، القفز لعمق الأزمة السياسية الحاصلة وذلك بتوجيه دعوة مباشرة ووساطة معلنة لكلاً من البرهان وحميدتي بزيارة "تل أبيب" من أجل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بينهما. أما الخيار الثالث الاستدارة لاجتراح عملية تطبيع جديدة تعوض خسارة الخرطوم وتعطل التطبيع معها من خلال التطبيع مع النيجر وهو ما دعا له وزيرة الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن عقب زيارته النيجر وبشكلٍ معلن.
السودان هاجس يقلق "إسرائيل"
يرى الباحث العمور أنّ أيّ إخفاق أو تأجيل للتطبيع "سيؤثرعلى تمدّد إسرائيل عربياً وإفريقياً"، مرجعاً ذلك لأسباب عدّة.
ووفقاً للعمور فإنّ الأسباب تتمحور حول مكانة السودان كونها بوابة "إسرائيل" للقارة الإفريقية، إضافةً إلى قلق "إسرائيل" من الوجود الإيراني والروسي والصيني في السودان وفي القارة الإفريقية، ولكون السودان طريق إمداد لوجستي لدعم المقاومة الفلسطينية وهذا ما تريد "إسرائيل" قطعه ومنعه.
ومن الناحية الاقتصادية، فالسودان منطقة استثمار جديدة بالنسبة لـ"إسرائيل"، وستكون أيضاً سوقاً جديدة وكبيرة لـ"إسرائيل".
ومن الناحية الجيوسياسية، فإنّ حضور "إسرائيل" في السودان يعني الحضور في البحر الأحمر بشكلٍ معلن ودائم.
كذلك من الممكن أن تستخدم "إسرائيل" السودان ورقة ضغط على القاهرة وربما ابتزازها فيما يتعلق بقضية مياه نهر النيل وهذا تحدي أمني قومي لا لمصر فقط ولكن للمنطقة العربية، وسبب آخر كون التطبيع سيكون فرصة لترحيل أغلب اللاجئين الأفارقة المقدّرين بــ 150 ألفاً إلى السودان.
|
|||||||||||||
| |||||||||||||
هل تتسع حرب إسرائيل على غزة لحرب إقليمية؟