رسائل «تحذيرية» يومية من مسؤولي العالم.. الخارجية الإسرائيلية تقرع الجرس: مكانتنا تتهشّم

رسائل «تحذيرية» يومية من مسؤولي العالم.. الخارجية الإسرائيلية تقرع الجرس: مكانتنا تتهشّم

أخبار عربية ودولية

السبت، ٦ مايو ٢٠٢٣

في ظلّ تعثّر المفاوضات بين طرفَي النزاع الداخلي الإسرائيلي، تضيق الخيارات أمام الائتلاف اليميني الحاكم، الذي لا تفتأ استطلاعات الرأي تُظهر انحدار شعبيّته، وإمكانية انهزامه أمام معارضيه في أيّ انتخابات نيابية مبكرة. وبينما يحاول الائتلاف تفادي أيّ انشقاق في صفوفه، وتحصين خطّته لـ«الإصلاح القضائي»، من خلال التفاوض مع جهات كان رفَض ضمّها إليه على رغم تأسرلها أكثر من الإسرائيليين أنفسهم، فإن السياسات التي ينتهجها تستمرّ، في الوقت نفسه، في تقويض مكانة الدولة العبرية على المستوى العالمي، وفق ما تكشفه وثيقة سرّية صادرة عن وزارة الخارجية
أكدت وثيقة «سرّية»، صادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، تراجع المكانة السياسية لإسرائيل على المستوى العالمي، بسبب «الانقلاب القضائي» الذي تدفع به حكومة بنيامين نتنياهو، منذ تنصيبها نهاية العام الفائت. وعلى رغم أن الوثيقة التي سرّبت مضمونها صحيفة «هآرتس»، رفضها وزير الخارجية نفسه، إيلي كوهين، مدّعياً أن ما ورد فيها «لا يعكس حقيقة الوضع»، غير أن مصادر مطّلعة على مسار إعدادها، كشفت أن مسؤولين في الوزارة نبّهوا إلى «التأثير السلبي للسياسات التي تتّبعها حكومة نتنياهو على مكانة إسرائيل السياسية في العالم»، موضحين أن خطّة «الإصلاحات القضائية» الرامية إلى تقويض مكانة السلطة القضائية، هي أحد الأسباب الكامنة وراء تراجع هذه المكانة. وبحسب الوثيقة، فإن إسرائيل قادت في ما مضى سياسة خارجية انطلاقاً من كونها «ديموقراطية مستقرّة»، مبديةً من خلالها استعدادها للدفع في اتّجاه مفاوضات سياسية مع السلطة الفلسطينية، غير أن تصريحات أعضاء من الائتلاف الحالي، «قوّضت تلك السياسة».
وفي السياق نفسه، ذكّرت الصحيفة بانتقادات علنية وجّهتها دول تُعتبر «صديقة لإسرائيل»، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا، إلى حكومة نتنياهو؛ إذ عبّرت هذه الدول عن «مخاوفها» بشأن «مستقبل إسرائيل الديموقراطي»، فيما لم تقتصر الانتقادات على «الإصلاحات القضائية»، بل طاولت تصريحات عنصرية وعدائية تجاه الفلسطينيين أطلقها أعضاء الائتلاف، في إشارة إلى دعوة وزير المالية، والوزير في وزارة الأمن بتسلئيل سموترتش، بشأن الدعوة إلى «محو قرية حوارة»، وكذلك التقدّم بتشريع لإعدام منفّذي العمليات الفلسطينيين. ولفتت «هآرتس» إلى أن نتنياهو وكوهين تلقّيا، أخيراً، تحذيرات من مسؤولين في المجتمع الدولي، أعرب خلالها الأخيرون عن قلقهم بشأن سياسة الحكومة، بل وصل الأمر إلى حدود وقوع «مواجهة» بين كوهين ورئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، الذي وجّه خطاباً مسجّلاً دعَم من خلاله الحركة الاحتجاجية الإسرائيلية، بصفته رئيساً لـ«المنظّمة الاشتراكية الدولية». وأضافت «هآرتس» أن سفراء إسرائيل لدى معظم دول العالم وموظّفي وزارة الخارجية، يواجهون يومياً أسئلة وشكوكاً من نظرائهم الدوليين، بشأن «نوايا الحكومة واحتمالات تغيير النظام في إسرائيل». وعلى رغم ذلك، رفض وزير الخارجية الإسرائيلي الإقرار بما جاء في الوثيقة، معتبراً أنها لا تعكس توافق جميع الأطراف المعنيّة في الوزارة، وأن «اللقاءات والزيارات التي أجراها مسؤولون كبار في الخارجية، مع جهات دولية عديدة، تعكس حقيقة مغايرة تماماً عما تضمّنته» الورقة المسرَّبة.
في هذا الوقت، تستمرّ شعبيّة الائتلاف اليميني الحاكم في التدهور داخلياً، طبقاً لاستطلاعات رأي عدّة تُنشر منذ أكثر من شهر، كان آخرها استطلاع صحيفة «معاريف» الأسبوعي، والذي أظهر تراجع الثقة بحكومة نتنياهو، وبكلّ ما يتعلّق بالأمن الشخصي ربطاً بجرائم القتل المتصاعدة، وأيضاً بالأمن العام المتّصل بالسياسة التي تتّبعها الحكومة تجاه غزة. وعبّر غالبية المستطلَعة آراؤهم (73%) عن تشاؤمهم حيال قدرة الحكومة على خفض معدّل تلك الجرائم، فيما أبدى مؤيّدو الائتلاف تفاؤلاً إزاء ذلك، علماً أن من بين المتفائلين 69% من ناخبي «عوتسماه يهوديت» الذي يقوده وزير «الأمن القومي» إيتمار بن غفير، و65% من ناخبي حزب «شاس» الذي يقوده أرييه درعي، و46% من ناخبي «الليكود» بقيادة نتنياهو، في حين عبّرت نسبة قريبة من ناخبي الأخير (44%) عن تشاؤمها إزاء المهمّة المُشار إليها. أمّا في ما يتعلّق بالأمن العام، فأبدى 62% من الإسرائيليين عدم رضاهم على نتائج العدوان الذي شنّته إسرائيل على غزة أخيراً، ردّاً على إطلاق صواريخ من القطاع، فيما عبّر 20% عن رضاهم عنه، وقال 18% إنهم لا يعرفون تحديد مستوى الرضى لديهم. وعلى مستوى الموقف من الائتلاف، أظهرَ 56% من ناخبيه رضاهم عنه، فيما قال 30% آخرون من الفئة نفسها إنهم غير راضين. وتبيّن أن ناخبي «عوتسماه يهوديت» في غالبيتهم العظمى كانوا من غير الراضين (82% منهم)، والحال نفسه بالنسبة إلى ناخبي «شاس» (76%).
كذلك، أظهرت نتائج الاستطلاع أن أحزاب المعارضة الحالية ستتمكّن من تشكيل حكومة جديدة، في حال جرت انتخابات «كنيست» مبكرة، على الرغم من الزيادة التي طرأت على عدد المقاعد التي يحصل عليها «الليكود»، قياساً إلى استطلاعات سابقة نشرتها الصحيفة. وبحسب النتائج، فإن قائمة «المعسكر الوطني»، برئاسة وزير الأمن السابق، بيني غانتس، سجّلت أعلى عدد مقاعد، فيما لم يتجاوز كلّ من حزب «العمل» و«التجمع» نسبة الحسم. وحصل «المعسكر الوطني» على 31 مقعداً، و«الليكود» على 25، و«ييش عتيد» (هناك مستقبل) برئاسة زعيم الحركة الاحتجاجية، يائير لابيد، على 17، يليه «شاس» بعشرة مقاعد، ثمّ «يهودية التوراة» بثمانية، و«يسرائيل بيتينو»، بقيادة أفيغدور ليبرمان، بستة. وحاز تكتّل «الصهيونية الدينية» («عوتسماه يهوديت»، و«الصهيونية الدينية») على خمسة مقاعد لكلّ من طرفَيه، بينما نال «ميرتس» («اليساري») أربعة مقاعد. وبالنسبة إلى الأحزاب العربية، حصل الثنائي، «الجبهة» و«العربية للتغيير»، بقيادة أيمن عودة، على خمسة مقاعد، فيما حازت «القائمة الموحدة» بقيادة منصور عباس، أربعة مقاعد. وعلى مستوى المعسكرات، نال تكتّل أحزاب المعارضة 67 مقعداً، والائتلاف الحالي 53 مقعداً، أي أنه فقدَ 11 مقعداً بالمجمل. أمّا على صعيد الشخصية الأكثر ملاءمةً لتولّي منصب رئاسة الوزراء، فتفوّق غانتس مجدّداً على نتنياهو، بحصوله على تأييد 41% من المستطلَعة آراؤهم، مقابل 33% فقط للأخير.
منصور عباس ينقذ «المركب»؟
تقاطعاً مع ما كشفته «القناة 13» الإسرائيلية، الشهر الماضي، من مفاوضات جارية بين «القائمة العربية الموحدة» (الذراع السياسية لـ«الحركة الإسلامية الجنوبية» في الداخل) وحزب «الليكود»، للحصول على دعم الأولى لمخطّط «الانقلاب القضائي»، واستكمالاً لما أبداه رئيس «الموحدة»، منصور عباس، في حديثه إلى وسائل إعلام إسرائيلية أخيراً، من استعداد لدخول ائتلاف نتنياهو، كشفت «القناة الـ12» الإسرائيلية أن وزير القضاء، ياريف ليفين، يتفاوض مع عباس بشأن موقفه من «الإصلاحات القضائية». وطبقاً للقناة، فإن الاتّصالات بين ليفين وعباس لم تنقطع حتى في خضمّ المفاوضات بين طرفَي النزاع الإسرائيلي الداخلي، والتي بدأت منذ أكثر من شهر في مقرّ الرئيس يتسحاق هيرتسوغ. وبالنظر إلى أن هذه المفاوضات لم تُحقّق إلى الآن تقدّماً يُذكر، يتحضّر الائتلاف لإمكانية وصولها إلى طريق مسدود، ما يعني أن المحادثات بين ليفين وعباس، هدفها «إنشاء شبكة أمان» تضمن دعم التشريعات، في حال معارضة أعضاء من الموالاة نفسها لها. أمّا الثمن الضئيل الذي سيجنيه عباس في مقابل ذلك، فهو «وقف مهاجمة "الموحّدة" علناً، واعتبارها شريكاً شرعياً» كما كانت في الائتلاف السابق الذي قاده كلّ من لابيد ونفتالي بينيت، فضلاً عن «ميزانيات محدّدة» يعرض وزير القضاء تقديمها لها، في حين يطالب زعيم «الموحّدة»، أيضاً، بـ«التعامل مع الجريمة المتفشّية في المجتمع العربي (في صفوف فلسطيني الـ48)». وفي ما يبدو أنه «بادرة حسن نيّة» من «الليكود»، وافقت اللجنة الوزارية للتشريع، والتي يرأسها ليفين نفسه، خلال الأسبوع الحالي، على مشروع قانون تقدّمت به «الموحّدة» لإنشاء مستشفى في مدينة سخنين في الجليل الأسفل.