بكين ترفض لقاء أوستن: «منطق القوّة» لا يُجدي

بكين ترفض لقاء أوستن: «منطق القوّة» لا يُجدي

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١ يونيو ٢٠٢٣

بكين ترفض لقاء أوستن: «منطق القوّة» لا يُجدي

ندّد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أمس، برفض الصين عقْد لقاء بين وزير دفاعها، لي شانغ فو، ونظيره الأميركي، لويد أوستن، على هامش قمّة «شانغريلا» الأمنية في سنغافورة. وبينما حصل آخر لقاء بين مسؤولين عسكريين من الطرفَين منذ أكثر من ستّة أشهر، لا يبدو أن اللقاء المقبل سيُعقد قريباً، وسط استمرار منسوب التوتّر في الارتفاع، واتّخاذ واشنطن سلسلة من الخطوات «الاستفزازية»، جنباً إلى جنب رفْضها رفْع العقوبات التي فرضتها على وزير الدفاع الصيني، عام 2018.
 
وعلى الأرجح، لن تكون التصريحات الأميركية التي تكرّرت، أخيراً، حول ضرورة الإبقاء على التواصل مع الصين وضبْط المنافسة معها «وعدم الانفصال» عنها، كافية لتقرّب بين البلدَين. إذ، وعلى رغم تأكيد الرئيس الأميركي، جو بايدن، خلال قمة مجموعة السبع في اليابان، الشهر الماضي، أن «العلاقات مع الصين ستبدأ بالتحسّن قريباً جدّاً»، بعدما كانت قد تدهورت في أعقاب رصْد واشنطن ما قالت إنه «منطاد تجسّس» صيني في وقت سابق، فقد جدّدت «حادثة الطائرات»، هذا الأسبوع، التوتّرات بين الجانبَين، والتي جاءت معطوفةً على رفْض بكين عقْد الاجتماع بين الوزيرَين، والذي كان من المفترض أن يشكّل «مدخلاً» لبدء تحسين العلاقات.
«اعتراض» طائرة أميركية
أَظهر مقطع مصوّر نشره الجيش الأميركي، الثلاثاء، طائرة صينية مقاتلة من طراز «جيه-16» تحلّق على مقربة من طائرة أميركية من طراز «آر.سي-135»، ممّا جعل الأخيرة تهتزّ أثناء التحليق، بسبب الاضطرابات الجوّية الناتجة من تخلخل الهواء، ودفَع واشنطن إلى التنديد بهذه الخطوة «العدوانية وغير الضرورية».
أمّا الصين، فاتّهمت الولايات المتحدة، عقب الحادثة، بتعريض سيادتها على الأمن القومي للخطر، من خلال إجراء «استطلاع منتظم عن قرب باستخدام السفن والطائرات». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية، ماو نينغ، في إفادة صحافية، إن «مثل هذه الأعمال الاستفزازية والخطيرة هي السبب الأساسي وراء القضايا الأمنية التي تطرأ في البحر».
 
بكين «لا تتقبّل» العقوبات
غير أن الحادثة الأخيرة ليست السبب الرئيس الذي دفع بكين إلى رفض عقْد اللقاء. فبعدما ندّد الأميركيون بقرار الصين «المؤسف»، اعتبر بعض المراقبين أن هذا القرار لا يجب أن يفاجئ واشنطن كثيراً، لاسيما وأن الأخيرة لا تزال ترفض رفْع العقوبات المفروضة على وزير الدفاع الصيني بذريعة شراء الصين أسلحة روسية، على رغم تأكيد مسؤولي بكين أن اللقاء مع بلينكن يتطلّب رفعها، بحسب مجلة «ريسبونسيبل سايت كرافت» الأميركية.
وتتابع المجلة أن موقع واشنطن، التي تجادل بأن العقوبات لا تشكّل عقبة «تقنية» أمام عقْد لقاء بين لي وأوستن، يشير إلى فشل أكبر في فهم الطريقة التي «تنظر من خلالها الحكومة الصينية إلى العالم، وتفسّر بها الإجراءات الأميركية»، إذ إن بكين لا تتقبّل أن تتمّ معاملتها بعدم مساواة من قِبَل الولايات المتحدة، وهي تتوقّع، كقوّة عظمى، أن«تُعامل بالاحترام الذي ترى أن موقعها يفرضه»، فيما أيّ معاملة عكس ذلك ستشعرها «بالقلق الكبير».
 
استمرار الاستفزازات
على أن العقوبات السابقة والحالية، إنْ على أفراد صينين أو القيود على صادرات التكنولوجيا وغيرها، ليست وحدها ما يؤجّج التوتّرات بين القوّتين؛ إذ لا يزال ملفّ تايوان حاضراً بقوّة، مع استمرار التوتّرات بين تايبيه وبكين في الارتفاع، فيما كان آخر مظاهرها إعلان وزارة الدفاع التايوانية، اليوم، رصْد 4 طائرات عسكرية و3 سفن حربية صينية في محيط الجزيرة، خلال الساعات الـ24 الماضية.
ومع ذلك، أعلنت الحكومة التايوانية، في بيان مقتضب، أنها تتوقّع التوقيع على أول اتّفاق مع الولايات المتحدة بموجب إطار عمل محادثات تجارية جديدة اليوم، وهو ما سيثير على الأرجح غضب الصين التى ترى في ذلك نوعاً من انتهاك مبدأ «الصين الواحدة» من جهة واشنطن.
وبالإضافة إلى تايوان، قال وزير الدفاع الأميركي، خلال زيارة إلى اليابان، اليوم، إن واشنطن وطوكيو تعملان على «تحديث تحالفهما العسكري في مواجهة تهديدات الصين وكوريا الشمالية وروسيا». وقبل لقائه مع نظيره الياباني، ياسوكازو هامادا، أشار أوستن إلى أن بلديهما يواجهان «تحدّيات مشتركة مرتبطة بالسلوك القسري للصين»، و«الاستفزازات الخطيرة لكوريا الشمالية والحرب الوحشية التي اختارتها روسيا في أوكرانيا»، على حدّ تعبيره. كما أشار إلى التعاون الثلاثي مع أستراليا وكوريا الجنوبية، وإلى زيادة «وتيرة المناورات والتدريب ونطاقهما وحجمهما»، معتبراً أن القوات الأميركية واليابانية أصبحت «أكثر تنوّعاً في قدراتها وأكثر مرونة وأكثر قدرة على الحركة»، ومرّحباً بقرار اليابان امتلاك قدرات لهجوم مضادّ وتحسين تبادل المعلومات مع واشنطن.
وبعد زيارته، سيتوجّه المسؤول الأميركي إلى قمة «شانغريلا» الأمنية في سنغافورة.