سر نجاح الصناعة السياحية والبحث عن بدائل في سوق السياحة العالمية

سر نجاح الصناعة السياحية والبحث عن بدائل في سوق السياحة العالمية

صور من العالم

الخميس، ١٥ مارس ٢٠١٢

ببساطة شديدة وبدون تكلّف أو استخدام لمصطلحات وتعاريف وتسميات أو غيرها رأى الخبير السياحي ربيع علاء الدين أن الوصول إلى مستوى عال من جودة الخدمة السياحية أمر يحتاج إلى محاكاة بسيطة للاحتياجات الشخصية للزبون بغض النظر عن نوع المنتج السياحي سواء كان دينياً أم ثقافياً أم سياحة اصطياف أم غير ذلك..
ويكمن سرّ إرضاء الزبون هنا في إيصاله إلى شعور عال بالرضا من خلال الاهتمام بأدق تفاصيل احتياجاته، فمثلاً يمكن لشركة السياحة التي يحجز الزبون رحلته من خلالها أن تعاود الاتصال به لتسأله عن المأكولات المفضلة لديه أو عن الأطعمة والمشروبات التي يمكن أن تتسبب له بحساسية معينة أو مزعجة لمعدته أو مربكة للهضم عنده...
أيضاً يضيف علاء الدين في حديثه للـ "الأزمنة" ولكي يشعر الزبون بدرجة عالية من الاهتمام يمكن أن يجد الزبون من يستقبله في المطار أو على المعبر الحدودي ليسلّمه مفتاح غرفته في الفندق الذي حجز فيه بشكل مسبق هو والمجموعة التي يرافقها، ولتقديم خدمة بجودة أعلى يكون من الجيد جداً أن يصل الزبون إلى الفندق ليجد أن حقائبه وأمتعته قد وصلت إلى الغرفة التي خُصصت له وما عليه إلا أن يدخل بالمفتاح الذي كان قد حصل عليه في المطار ويأخذ حماماً ساخناً ليذهب عنه تعب السفر ويرتاح..
عامل المفاجأة السعيدة
وفي هذه الأثناء تستطيع إدارة الفندق أن تفاجئ الزبون بالمزيد من الإحاطة بالاهتمام كأن يتلقى اتصالاً من موظفة الاستقبال لتسأله إن كان قد وجد نقصاً في بعض التجهيزات واللوازم الأساسية التي تتواجد في مختلف الفنادق، أو إذا كان يرغب بالحصول على خدمات أو مستلزمات غير تلك التي تم توفيرها مسبقاً في غرفته..
واعتبر علاء الدين أن من الضروري جداً ألاّ يجد الزبون نفسه مضطراً للانتظار طويلاً حتى تصله الخدمة التي يطلبها أو تلك الواجبة على إدارة المنشأة توفيرها لزبائنها.
التركيز على التفاصيل
فهناك تفاصيل قد لا تثير انتباه الكثيرين يمكن أن تؤثر على سمعة الخدمة السياحية في هذه المنشأة أو تلك، أو على سمعة المنتج السياحي ككل لبلد ما، على سبيل المثال أن يركب الزبون في سيارة أجرة يكون سائقها قد أكثر من التدخين دون أن يجري تهوية للسيارة وهذا ما يجعل الزبون غير مرتاح وهو يستقل السيارة إلى الفندق مثلاً أو إلى المقصد الذي ينوي زيارته خارج الفندق..
ويؤكد علاء الدين أن الخدمة السياحية ومستوى جودتها يعتبر عاملاً هاماً من عوامل التسويق والترويج السياحي، وكلما زاد الاهتمام برفع مستواها كلما زاد مستوى الرضا عند الزبون وسيزيد رصيد المنتج السياحي للبلد الذي يزوره  وبالتالي فإن هذا الزبون سيتحول إلى مروِّج ومسوِّق بشكل غير مباشر عندما يتحدث عن تجربته التي عاشها خلال رحلته السياحية تلك..
اهتمام جدي بمستوى الجودة
وعلى هذا نجد أن معظم الدول التي تعتمد على عائدات السياحة في تكوينها الاقتصادي تسعى للاهتمام بمستوى جودة الخدمة وهذا الأمر يختلف عما قامت به وزارة السياحة من وضع معايير ومواصفات للجودة السياحية داخل المنشآت والتي ذهبت فيها لوضع مواصفات للمنشأة من حيث طول الغرفة وعرضها مثلاً ومساحة الحمام وارتفاعه وغير ذلك من مواصفات فنية قد لا تلفت نظر الزبون كثيراً بقدر ما يلفت نظره حالة الاهتمام والرعاية التي يتلقاها من إدارة المنشأة والعاملين فيها والتي يجب أن تجعله يشعر وكأنه محاط برعاية كاملة من قبل هؤلاء في كل ما يجعله مرتاحاً ومطمئناً وسعيداً.
الجودة تساوي تكلفة
وهنا يجد علاء الدين أن مستوى جودة الخدمة مرتبط بالتكلفة وهذه العلاقة تتناسب طرداً بحيث كلما ارتفع مستوى الجودة كلما ارتفعت التكلفة والعكس صحيح طبعاً، وبالتالي فإن ما نجده أحياناً من تراجع في مستوى الخدمة ببعض المنشآت يعود إلى أن بعض أصحاب تلك المنشآت لا يفضّل زيادة تكلفة منتجه خاصة إذا كان يعتمد في تشغيل منشأته على الزبائن الذين يفضّلون التسعيرة المنخفضة دون أن يكون لهم اهتمام بمستوى جودة الخدمة أو نوعيتها؛ وأغلب هؤلاء هم من الزبائن المحليين أو من الزبائن القادمين من الخارج والذين لا يمتلكون قدرة عالية بالشراء..
إلا أن هناك شريحة من الزبائن والسياح يسعون للحصول على أعلى مستوى جودة للخدمة السياحية مهما كانت التكلفة وهؤلاء لا يقلون أهمية عن باقي الشرائح من الزبائن والسياح، ومن ثم يجب أن يكون هناك منشآت تقدم هذا المستوى العالي من الجودة في الخدمة السياحية لكي يتم استقطاب هذه الشريحة من السياح..
مثال واقعي
وفي هونغ كونغ مثلاً نجد أن هناك ما يسمى "مؤسسات مخطط جودة خدمات السياحة الممتازة " الذي يمكن من خلاله أن يحصل الزبون بسهولة على أسماء وعناوين المحلات والمنشآت، وهذه المؤسسات تعمل وتدار بإشراف مجلس هونغ كونغ للسياحة وتخضع لتقييمات سنوية صارمة للتأكّد من تقديمها أعلى مستوى من الخدمة من خلال توفير عرض واضح للأسعار وللمعلومات اللازمة للسائح وبما يضمن خدمة ممتازة للزبائن.
إثارة مشاعر الراحة والترحيب
ومن أكثر ما يتطلبه الأمر هنا وجود مقدمي خدمة بمستوى عال من المهارة والكفاءة والمرونة بحيث يمكنهم الاستجابة السريعة والمبادرة الخلاقة لإثارة مشاعر الراحة والمتعة والاطمئنان لدى الزائر، ذلك إنه وبالمقارنة مع أي ضيف يدخل ليزور بيتاً لأحد أصدقائه أو معارفه فإنه إذا لم يشعر بالاهتمام والترحيب والراحة لوجوده فإنه لن يعاود الزيارة مرة أخرى مهما كانت الأسباب، والسائح هو ضيف يجب أن يرحب به في أي وقت وتكون طلباته ومتطلباته ملباة ومستجاباً لها طالما هو موضع ضيافة؛ وإلا فإنه لن يكرر تجربته وسيطلق رسائل تحذير لكل من يعرفه أو يسأله عن تجربته هذه..
سر نجاح السياحة
وبالتالي بقدر ما لمفهوم جودة الخدمة السياحية من أهمية وضرورة فإن التعامل معه يمكن أن يكون بأبسط السبل والأدوات التي تحيط السائح بالرعاية والاهتمام المطلوبين وهذا سر نجاح أي صناعة سياحية في مختلف دول العالم، وبالتالي فإن من أول ما يجب أن يدركه صنّاع السياحة والقائمون على إدارة هذا القطاع هو أن يجري الاهتمام أولاً بهذا الجانب بدرجة عالية ليكون مقدمة ومفتاحاً أساسياً لباقي المناحي التي تحتاج لاهتمام أيضاً خاصة في ظل ظروف المنافسة الشديدة التي تشهدها أسواق السياحة العالمية وتنوع المنتجات السياحية وتعدد مشاربها وألوانها وأشكالها..
فالسائح أولاً وقبل كل شيء ولأنه كما قلنا ضيف فهو يبحث عن الترحاب والمكان الذي سيكون فيه موضع ترحيب وعناية واهتمام أولاً وبعد ذلك سيبحث عن باقي الجوانب كالكلفة النقدية للرحلة السياحية ونوعية المنتج وغير ذلك..
برامج تدريب إدارة الجودة
ولذلك نجد بعض الدول قد أعدت برامج تدريبية لإدارة جودة خدمة العملاء في صناعة السياحة أو الضيافة بهدف شرح مفهوم وخصائص وطبيعة المنتجات والخدمات السياحية وما هو مفهوم جودة الخدمة السياحية والعوامل المؤثرة فيها ودور وأهمية جودة الخدمة للصناعة السياحية وما تقدمه من مزايا تنافسية..
مستويات أعلى بالمبيعات
ذلك أن الجودة بشكل عام أصبحت من أهم العوامل التي يجب توفرها في أي منتج يطرح للبيع في الأسواق المحلية أو العالمية لكسب رضا الزبون وبالتالي تحقيق مستويات أعلى في التسويق والمبيعات، والمنتج السياحي هو واحد من تلك المنتجات ولعلّه من أكثرها حساسية لموضوع الجودة على اعتبار أن الرحلة السياحية التي يشتريها الزبون هي منتج يتوفر منه عرض كبير في الأسواق وبقيَم مضافة كبيرة وعالية، مما يهيئ أمام الزبون مساحات واسعة للاختيار والانتقاء بالنظر إلى عوامل مختلفة منها الجودة والسعر ومدة الرحلة وغير ذلك..
التجديد والغرابة
ومن بين ما يمكن أن يرفع من مستوى جودة الخدمة هو عامل التجديد والغرابة في صنع المنتج السياحي أي: أن الزبون يبحث أيضاً عن منتج غريب عنه أو تجربة لم يسبق أن خاضها وبالتالي هو سيسعى للبحث عن مثل هكذا منتج وهذا ما يجعل من بين المسؤوليات الجديدة على صنّاع السياحة القيام بابتكار أنواع جديدة من السياحة أو على الأقل إضافة أفكار جديدة للمنتجات التقليدية التي قد تكون فقدت جاذبيتها لدى الكثير من الزبائن في سوق السياحة العالمية بعد أن خبروا تجربتها وباتوا يرغبون بخوض تجارب أكثر إثارة وجدّة من ذي قبل..
محمود ديبو