الصداقة عبر مواقع التواصل الإجتماعي

الصداقة عبر مواقع التواصل الإجتماعي

آدم وحواء

الجمعة، ٢٦ يوليو ٢٠١٩

خلال بضعة أيام، في 30 تموز الجاري، يحتفل العالم باليوم العالمي للصداقة. وكلمة «صداقة» مشتقة من «الصدق» وهذا يعني بأنّ الصديق بعيد كل البعد عن الكذب والخداع... والصداقة يمكن أن تجمع الأطفال فيما بينهم في الصف الدراسي، كما يمكن أن تستمر مع هؤلاء الأطفال حتى وصولهم إلى المقاعد الجامعية، ثم خلال مختلف مراحل حياتهم حتى في مرحلة الشيخوخة. وخلال كل هذا الوقت، السعادة والعطف المتبادل والتشابه والمشاركة الوجدانية بين شخصين أو أكثر هي أسس الصداقة حيث لا علاقة «خبيثة» أو علاقة «مصلحة». وهناك أشخاص كثر يتعارفون ويصبحون أصدقاء فقط عبر تطبيقات التواصل الإجتماعي مثل الفايسبوك. ولكن هل للصداقة مكان على الفايسبوك، في هذا العالم الإفتراضي؟ وهل هناك مخاطر للصداقة والثقة عبر مواقع التواصل الإجتماعي؟
الصداقة هي حاجة ضرورية لكل إنسان مهما كان عمره. وعادة يلجأ الشخص إلى أصدقائه لا سيما عندما يواجه مشكلات أو عند الشعور بالحزن والتعب النفسي. ولكن هذا لا يعني أنّ الإنسان لا يحب أن يشارك صديقه الحقيقي أخباره المفرحة. كما الصديق الحقيقي هو الشخص الذي يمدّ يد العون للآخرين. وظهرت الأمثال الشعبية كـ»الصديق عند الضيق»... ولكن تنشأ صداقات على مواقع التواصل الإجتماعي وتنتهي بشكل مؤسف. فكل يوم نسمع عن ورطات سببها الصداقة المزيّفة التي تكوّنت عبر الفايسبوك أو مواقع أخرى. لذا الإنتباه والتريّث وعدم الثقة بشكل مطلق هي أسس للصداقات عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
 
هل الصداقة موجودة في مواقع التواصل الإجتماعي؟
الصداقة هي علاقة ودّ وإحترام وإخلاص، تنشأ ما بين شخصين أو أكثر. كما هي حوار عقلاني وتفاعل إيجابي حيث يساعد الشخص صديقه في المحن والمصاعب ويساعده في تخطي مآزقه... بجملة واحدة: الصديق الحقيقي هو الذي يريد الخير للآخر. ولكن كل ذلك لا يمكن أن يكون موجوداً على مواقع التواصل الإجتماعي. لذا، وبشكل قطعي، لا وجود للصداقة على مواقع التواصل الإجتماعي ولا يمكن أن تُبنى هذه الصداقات في عالم إفتراضي غير حقيقي، حيث لا يمكن أن يتأكد كلا الطرفين بأنّ المعلومات والنيات التي يتداولها الطرفان حقيقية أم لا. ولكن عندما تنتقل هذا الصداقة من عالم الخيال إلى عالم الواقع، يمكن هنا تسميتها «صداقة»، خصوصاً إذا إستمرت.
 
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو حول الصداقة التي تبدأ على مواقع التواصل الإجتماعي بين شخصين، هل يمكن أن تتحوّل إلى إعجاب ثم إلى حب وتنتهي بعلاقة جدية وزواج؟
 
آلاف، بل مئات الآلاف من الصداقات تكونت عبر الفايسبوك أو الإنستغرام أو غيرها من المواقع ... ولكن القليل من هذه الصداقات إنتقلت من التعرف إلى حب وغرام. وهذا لا يعني بأنّ الصداقات والعلاقات الجدية، غير موجودة على مواقع التواصل الإجتماعي، ولكن عددها خجول جداً نسبة للصداقات «المزعومة» على المواقع الإجتماعية. فالصداقة لا يمكن أن تبنى إلّا من خلال تفاعل روحي بين الشخصين وهي نوع من التسامي أو التعالي عن كل ما هو «غرائزي». وطبعاً ذلك يتطلب الكثير من النضج العقلي والنضج الفكري.
وإذا لم يتم اللقاء بين هذين الشخصين الذين أمضيا ساعات وساعات أمام شاشتاهما الصغيرتين يتحدثان... تبقى العلاقة في ما بينهما علاقة «صداقة إفتراضية»، حيث يتشاطران تجاربهما اليومية والحياتية من دون أي مشاعر أخرى.
 
كيفية تجنّب المشكلات على مواقع التواصل الإجتماعي
على رغم من الإستفادة الإجتماعية والإنفتاح الإجتماعي الذي تعززه مواقع التواصل الإجتماعي، يمكن أن يتعرض الشخص الذي يبحث عن الصداقات عبر هذه المواقع إلى الكثير من المشكلات. فكيف يمكن أو هل يمكن تجنبها؟
 
أولاً، الإنتباه لنوعية الدردشات التي يمكن أن تؤدي إلى معضلات جمة، خصوصاً عند الأشخاص المتزوجين او المرتبطين. ويجب الإنتباه إلى أنّ هذه الدردشات والمعلومات التي يتشاركها مستخدم مواقع التواصل الإجتماعي مع شخص آخر، يمكن أن تكون «مزيفة» ولا صلة لها إطلاقاً بالحقيقة.
 
ثانياً، توخّي الحذر من الأشخاص الجدد الذين تتعرف اليهم بنيّة بناء صداقات جديدة. ربما نيّتك صافية وليس فيها أيّ عيب، ولكن ما أدراك بنيّة الشخص الآخر «الإفتراضي» ونيّاته تجاهك!
 
ثالثاً، عدم تداول أرقام خاصة، كأرقام البنك أو أرقام البطاقة المصرفية،... لأنّ ذلك يمكن أن يؤدي إلى مشكلات أمنية كبيرة وخطيرة.
 
رابعاً، عندما تريد لقاء شخص تعرفتَ اليه عبر مواقع التواصل الإجتماعي، طبعاً هذا ليس خطأً، لأن الإنسان يتميّز عن باقي الكائنات كونه شخصاً إجتماعياً ويحب الإختلاط بأشخاص آخرين... ولكن من المهم أن يكون هذا اللقاء في مكان عام، كمطعم أو حديقة عامة...
 
خامساً، عدم تبادل الصور بشكل مفرط وطبعاً عدم إرسال صور حميمة لأنّ ذلك يمكن أن يكون دليلاً لاستفزاز أحد الطرفين خصوصاً إذا كانت النية غير صافية. وطبعاً لبناء الصداقات بين الأشخاص، لا حاجة لصور كثيرة.
 
سادساً، تجنّب الشجارات والإشكالات على المواقع الإجتماعية... حيث يلجأ بعض المستخدمين إلى التعدي على بياناتك أي قرصنة حساباتك وصولاً إلى سرقة هويتك.