هل أنت مدمن على الجنس؟

هل أنت مدمن على الجنس؟

آدم وحواء

الأحد، ٢٢ سبتمبر ٢٠١٩

تكمن ميزة الإدمان على الجنس لكونه حاجة إنسانية غريزية، لكن كيف يمكن لها أن تصبح إدماناً؟ ما هي الأعراض وكيف يتم العلاج من هذا الأدمان؟
الإدمان على الجنس أمر حقيقي كالإدمان على الكحول والمخدرات، ويمكن تعريفه على أنه حاجة قهرية للقيام بنشاطات وأعمال جنسية بغضّ النظر عن التوقيت والظروف. وكباقي أنواع الإدمان فإنه يؤثر على الصحة العقلية للمدمن والعلاقات الشخصية وجودة الحياة والسلامة، وعلى الرغم من أنّ هذا الإدمان هو مرض شائع إلى حد ما، إلا أنه بالغالب لا يتم تشخيصه.
 
في حديث مع الدكتور ساندرين عطالله، أخصائية علاج جنسي ونفسي وطبيبة اختصاصية في برنامج WISH، تناولت جريدة «الجمهورية» موضوع الإدمان على الجنس. هو موضوع لا يجرؤ الناس على التحدّث عنه، ولكنه موجود في مجتمعاتنا، ويمكن معالجته.
 
بحسب د. ساندرين: «ما من شيء اسمه «الإدمان على الجنس» بحسب التعريفات النفسية الرسمية؛ ما من إثباتات. ولكن نشهد بعض التصرفات القهرية، مثل قلة سيطرة على النشاط الجنسي، ما يسبّب مشاكل للفرد ومعاناته».
 
ويتضمن الإدمان على الجنس شعوراً بالحاجة الملحّة للاستمناء (أي ممارسة العادة السرية) أو «مشاهدة وعرض مواد إباحية». ويصبح تعريف الإدمان الجنسي مرضاً عندما يبدأ بالتأثير على أسلوب وجودة حياة المدمن، حيث قد يميل إلى تغيير أنشطته وأسلوب حياته، كما قد يقبل على فِعل نشاطات جنسية على الرغم من عواقبها السلبية والشديدة.
 
أعراض الإدمان على الجنس
 
قد يكون من الصعب على الشريك والمقرّبين من المدمن على الجنس اكتشاف إدمانه، حيث أنه ينجح في الغالب بإخفاء سلوكيّاته غير العادية والمرضية من خلال الكذب حولها، أو أدائها بأوقات لا يمكن توقعها.
 
ومن الأعراض التي قد تعني الإدمان الجنسي:
 
• أفكار وتخيّلات جنسية مزمنة،
• علاقات متكررة مع شركاء متعددين ومع غرباء،
 
• الكذب حول النشاطات الجنسية،
• الانشغال بالممارسات الجنسية على حساب الحياة اليومية وإنتاجية العمل،
 
• عدم القدرة على السيطرة على الممارسة والنشاط الجنسي،
• المخاطرة بالنفس أو بالآخرين في سبيل أداء علاقة أو ممارسة جنسية،
 
• الحاجة الى السيطرة والهيمنة خلال العلاقة الجنسية،
• الشعور بالندم والذنب بعد ممارسة الجنس،
 
• الحاجة لممارسة العادة الجنسية بوتيرة عالية.
من المهم الإشارة هنا إلى كون الاستمتاع بالنشاط والعلاقة الجنسية لا تجعل منك مدمناً عليها، حتى وإن تفاوَتت الحاجة بينك وبين شريكك.
 
الأسباب
 
تتعدد أسباب الإفراط في الجنس أو في التصرفات الجنسية القهرية. ولقد ذكرت د. عطالله بعضاً منها: «ارتفاع التوتر، قلة الثقة بالذات، عدم تقبّل الذات، مشاكل في أوجه أخرى من الحياة، لم يتعلم الفرد كيف يعيش حياته الجنسية بطريقة مختلفة...».
 
وتضيف: «كل حالة مختلفة عن الأخرى، وكل حالة تعالج بطريقة مختلفة، نظراً لتعدد أنواع التصرفات الجنسية والمشاكل القهرية لدى مختلف المرضى. فلا يستطيع بعض الأفراد وضع حد لبعض التفضيلات والميول الجنسية، ويشعرون بالإحباط والانزعاج في حال لم يمارسوها. أو قد يعجزون عن السيطرة على استهلاكهم لخدمات العاملين في مجال الجنس (أي الذين يبيعون الهوى). وفي بعض الأحيان، تكون التصرفات الجنسية القهرية عارضاً لمشاكل أو أمراض أخرى. مثلاً، الذي يعاني من ثنائية الشخصية يفرط في كل أوجه حياته: في الإنفاق، كما التكلّم، وعدم القدرة على النوم، وطبعاً في الممارسات الجنسية وغيرها من الأمور. كما تسبّب بعض أنواع المخدرات الإفراط في السلوكيات الجنسية».
 
العلاج من الإدمان على الجنس
 
خلافاً لباقي أنواع الإدمان، يختلف المنطق الذي يقف خلف مفهوم العلاج، ففي حين أنّ الطبيعة البشرية لا تقتضي شرب الكحول واستهلاك المخدرات، إلّا أنّ الغريزة البشرية تفرض الحاجة إلى ممارسة الجنس.
 
لذا، فإنّ المدمن في هذه الحالة يحتاج بالأساس إلى تعلّم السيطرة، وتمييز السلوكيات الجنسية الصحية السليمة عن تلك غير السليمة. وبالتالي، فإنّ هذه السيرورة قد تستغرق أشهراً أو حتى سنوات من العلاج.
 
ووفقاً لعطالله، «يشمل العلاج من الإدمان على الجنس:
 
• العلاج السلوكي المعرفي: يستهدف هذا العلاج بالأساس وعي المريض وإدراكه، حيث يعمل على رفع تنبّهه للمسببات والمحفّزات الجنسية التي تؤثر عليه وإيجاد بدائل سلوكية حيالها. يتم العمل ضمن العلاج السلوكي المعرفي بشكل منفرد، حيث تجمع الجلسات المدمن مع أخصائي نفسي مرخّص يساعده في الوصول إلى الاستنتاجات المناسبة حول سلوكياته الجنسية.
 
• العلاج بالأدوية: كثيراً ما يصاحب الإدمان الجنسي الإصابة بالاكتئاب، أو أمراض عقلية ونفسية مختلفة. لذا، فقد يكون علاج الإدمان من ضمن علاج الأمراض الأخرى بالأدوية. على سبيل المثال، إنّ بعض مضادات الاكتئاب تقلّل من التحفيز الجنسي، الأمر الذي قد يصبّ في مصلحة العلاج من الإدمان».
 
وتشدد: «لا يمكننا مَنع الشخص عن القيام بالنشاط المدمن عليه، ولكننا نساعده على تنظيمه. إذا كان مدمناً على الأفلام الإباحية مثلاً، يمكننا أن نطلب منه الاعتماد على تخيّلاته بدلاً من الأفلام. ويجب فهم الحالة التي تدفعه للجوء إلى هذه الأفلام، كما يجب فهم معنى الجنس أو الأفلام الإباحية بالنسبة إليه. في الحقيقة، لا تكمن المشكلة في الأفلام الإباحية، بل في الأسباب التي تؤدي إلى الإفراط في مشاهدتها».
 
التوعية
 
تؤدي التوعية دوراً أساسياً في مساعدة المراهقين على التمتّع بحياة جنسية صحية، وهي من واجب الأهل والمدرسة. تقول د. ساندرين في هذا السياق: «على الأهل إيصال رسالة إيجابية عن الجنس للولد، فيشعر الكثير من المراهقين بالذنب عندما يشاهدون الأفلام الإباحية، ما يدفعهم إلى مشاهدتها أكثر فأكثر. ففي غياب التوعية الصحيحة عن الجنس، ومع وجود كل الممنوعات في مجتمعنا، يُسيء الكثير من المراهقين فَهم العلاقة الجنسية. أنصَح الأهل بأن يفسّروا لأولادهم أنّ الجنس أمر جميل وغير مُؤذ، وهو مختلف عن الأفلام الإباحية.
 
ويجب علينا إيضاح الفَرق بين الجنس في الحياة الواقعية وذلك الذي نشاهده في الأفلام الإباحية، وشَرح أسباب منع الأشخاص ما دون الـ18 عاماً عن مشاهدة هذه الأفلام، لأنّ كل هذه الأمور مهمة جداً لحماية المراهق. وبذلك، يظهر الأهل للمراهق أنهم مستعدون للتكلّم معه عن هذا الموضوع، ففي حال مَرّ بصعوبات في هذا المجال، سيعلم حينها أنّ بإمكانه اللجوء إلى أهله وطلب المساعدة منهم». ولفتت الى أنّ «الإحساس بالذنب يدفع الفرد إلى الإفراط في هذا التصرف، لاسيما لمَن يشعر أنه يتصرف ضد مبادئه».
 
وختمت د. عطالله بملحوظة مهمة يجهلها الكثيرون: «علينا التفرقة بين من يُدمن على النشاطات والمنتجات الجنسية، وبين من يعاني اضطرابات جنسية خطرة، كالاغتصاب والتحرش... هنا، المصاب لا يعرف الحدود. ومن وجهة نظر طبية، التحديد يختلف كلياً بين الحالتين».
 
بعض مسببات التصرفات الجنسية القهرية:
• دواء الباركنسون: تعمل تركيبة الدواء على الدوبامين، ما يسبّب حاجة جنسية مفرطة.
 
• تناول الهورمونات (المؤذية أصلاً): يستهلك شبابنا توستسترون لتربية العضلات لدى الذهاب إلى النادي الرياضي. ولكنهم لا يحتاجون إليها، فتظهر لديهم حاجة جنسية زائدة.
 
• الخَرف لدى المتقدمين في السن: يزول الكبت في العقل، فيقومون بتصرفات مختلفة غير مقبولة، قد تكون جنسية.