أهالي غزة يعودون للسينما بعد عشرين عاماً من إحراق دارها

أهالي غزة يعودون للسينما بعد عشرين عاماً من إحراق دارها

سينما

الاثنين، ٢٩ فبراير ٢٠١٦

يستمتع الفلسطينيون في قطاع غزة لأول مرة منذ عشرين عاماً، بمشاهدة أفلام سينمائية في دار ليست معدة للعرض السينمائي في الاصل، وهي نقع وسط المدينة التي تسيطر عليها حركة "حماس" الإسلامية. ودارت آلات العرض مرة أخرى في دار سينما جديدة اقتصرت عروضها حتى الآن على أفلام عن النضال الفلسطيني والدولة الفلسطينية.
ولم تعد أفلام هوليود بعد عشرين عاماً من احراق دار للعرض السينمائي في غزة، لكن الإسلاميين من حركة "حماس"، الآن، يبحثون عن شيء يعتبرونه غير مبتذل.
واتخذ نحو 150 فلسطينياً مقاعدهم أمام شاشة العرض الأسبوع الماضي، في قاعة "جمعية الصليب الأحمر" (وهو مكان عادة ما يستخدم لإقامة الاحتفالات وتقديم العروض التقليدية)، وذلك لمشاهدة فيلم "معطف كبير الحجم". والفيلم من إخراج الفلسطيني المقيم في الأردن نورس أبو صالح وأنتج العام 2013 ويتناول حياة الفلسطينيين في الفترة من 1987 حتى 2011 ، وهي فترة شهدت فشل جهود التسوية بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال وانتفاضتين مناهضتين لسلطات العدو الإسرائيلي.
ويبلغ سعر التذكرة عشرة شيكل (2.50 دولار).
وتشيد آلاء قاسم، وهي إحدى الحضور التي لم تشاهد السينما من قبل بالتجربة الجديدة.
إذ كانت رضيعة عندما احترقت آخر دار للعرض السينمائي في غزة أثناء القتال بين فصائل فلسطينية، قائلة: "أنا مبسوطة جداً... لكن وين الفشار؟".
وكانت السينما مزدهرة ذات يوم في غزة. وفي خمسينات القرن الماضي عندما تولت مصر إدارة القطاع كان السكان يرتادون دور السينما لمشاهدة الأفلام العربية والغربية والآسيوية. لكن هذه الدور أضرمت فيها النار في العام 1987 عندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى. وأصلحت جميعها لكنها أحرقت مرة أخرى أثناء اقتتال داخلي في العام 1996.
ولا تزال ملصقات إعلانات أفلام باهتة بعضها بالعبرية ويرجع تاريخها لعشرين عاماً عندما كانت غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي، معلقة على الجدران المتفحمة لما كانت ذات يوم واحدة من أكبر دور العرض في قطاع غزة.
وحطمت نوافذها قبل فترة طويلة وغطى "الغرافيتي" جدران المبنى، سواء للإشادة بقتال العدو أو للدعاية لشركات صغيرة.
لكن الصورة اختلفت تماماً أثناء العرض يوم الخميس الماضي في قاعة "جمعية الصليب الأحمر".
ووصلت العائلات في نزهة ليلية وعندما انطفأت الأنوار استخدم بعض الحضور كاميرات هواتفهم المحمولة لتصوير أفلام خاصة عن الحدث.
ويشير باسل عطوان ،وهو مخرج مسرحي من غزة كان قد شاهد أفلاماً في دور السينما القديمة في القطاع، الى ان "غزة جوعى للسينما ... حرمان الناس في غزة من دور السينما والمسارح هو انتقاص لإنسانيتهم".

حشود غامرة
ومع القيود المشددة التي تفرضها سلطات الاحتلال ومصر على حدود غزة، لا يستطيع سكان القطاع البالغ عددهم 1.9 مليون نسمة، مغادرته. لذلك تشاهد الأفلام في المنازل على التلفزيون أو أجهزة تشغيل الإسطوانات المدمجة.
ويقول حسام سالم، من شركة "عين ميديا" التي رعت عرض يوم الخميس الماضي، إن المبادرة بدأت قبل شهرين عندما أقبل حشد ضخم من نحو 250 شخصاً إلى قاعدة "جمعية الصليب الأحمر "لمشاهدة الفيلم الأول.
وكانت الشركة تعتزم في بادئ الأمر تقديم عرض أسبوعي أيام السبت، لكنها أضافت عرضاً آخر خلال الأسبوع استجابة لطلبات على صفحتها على موقع للتواصل الاجتماعي.
وأثناء عرض يوم الخميس، عبّر الجمهور عن رضاهم عن الأفلام التي تتحدث عن النضال الفلسطيني، لكنهم يريدون مشاهدة الأفلام الروائية المصرية والغربية وأفلام الحركة ونجوم مثل توم كروز وسيلفستر ستالون.
ويشير سالم إلى أن وزارة الداخلية التي تديرها "حماس"، يجب أن توافق على محتوى الأفلام قبل عرضها، مؤكداً أن هذا قد يعني محو مشاهد تعتبر غير لائقة.
ويضيف أنه لم يواجه ذلك بعد إذ أن الأفلام التي اختارها للعرض حتى الآن "تناسب العادات والتقاليد التي تربينا عليها".
و"حماس" المنخرطة في صراع مع العدو وفي منافسة مع الفلسطينيين العلمانيين في الضفة الغربية المحتلة، تستثمر منذ فترة طويلة في الأخبار التلفزيونية وعلى الانترنت والبرامج التعليمية وحتى أفلام الرسو المتحركة التي تروج لآرائها.
لكن الفنانين المستقلين يقولون إن السلطات تسارع بالاعتراض على المحتوى الذي لا تراه متمشياً مع التعاليم الإسلامية في القطاع المحافظ. وتصف "حماس" تدخلها في إنتاج الأفلام والإنتاج التلفزيوني بأنه ضئيل.