«غرايهاوند» ليس فيلم حرب... إنّه لعبة فيديو!

«غرايهاوند» ليس فيلم حرب... إنّه لعبة فيديو!

سينما

الاثنين، ١٦ نوفمبر ٢٠٢٠

«غرايهاوند» ليس فيلم حرب...  إنّه لعبة فيديو!

حالما مرّت الدقائق التسعون من المناوشات البحرية التي يقدمها فيلم «غرايهاوند » (2020) لآرون شنايدر، أول فكرة خطرت في بالي هي: لو عُرض الفيلم في السينما، فمن المحتمل أنّه سيكون «ممكيجاً» بشكل أفضل، ولكن بالتأكيد سوف يبقى فيلماً رديئاً. فقرار «سوني بيكتشر» ببيع الفيلم مقابل 70 مليون دولار لـApple TV لمحاولة تعويض الخسارة هو قرار جيد. الفيلم مضحك بعض الشيء، على الرغم من أنه مقتبس من رواية «الراعي الصالح» (1955) للكاتب البريطاني سي. أس. فورستر، ومدعوم من ممثل من الطراز الأول في هوليوود وهو توم هانكس الذي كتب الفيلم بنفسه. إلّا أن الفيلم خاوٍ، وخال من الفعل ورد الفعل. رتيب ومكرّر. لعبة حرب تتشابه فيها جميع الأشياء تقريباً، ويبدو أن الأبطال فقط يفهمون جيداً ما يحدث. توم هانكس هو دائماً توم هانكس، الممثل المفضل في دور الرجل المحترم الذي يتمكن من إنقاذ نفسه في مواقف تتجاوزه، وينقذ الآخرين أيضاً. في «غرايهاوند»، هو القائد أرنست كراوس الذي يقود قافلة دولية مؤلفة من 37 سفينة حربية حليفة خلال الأسابيع الأولى لمشاركة الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية. مهمة السفن عبور شمال الأطلسي لمساعدة القوات بالإمدادات الطبية والأسلحة، فضلاً عن الغذاء. سفينة «غرايهاوند» وسفينتان أخريان هي المسؤولة الوحيدة عن أمن القافلة، والمقاومة لمدة 3 أيام من دون دعم جوي ضد الغواصات الألمانية المتخفية. مخرج الفيلم هو آرون شنايدر، الذي لم يقدّم فيلماً منذ عام 2009. وهذا النوع من الأفلام هو تجربته الأولى. كان واضحاً عدم براعته في خلق توتر، كل شيء في الفيلم خامل وممل. اعتماده الكبير على المؤثرات الخاصة جعل كل شيء زائفاً. على الرغم من أنّ الفيلم تم تصويره في البحر وعلى متن سفن حقيقية، إلّا أن لا شيء يبدو حقيقياً، لا البحر ولا السفن ولا النار ولا حتى الخطر، كأننا أمام لعبة فيديو.
 
يصل الفيلم مباشرة إلى صلب الموضوع من دون تطوير أي من الشخصيات غير القائد أرنست. كتب هانكس نصّاً جافاً ومحدوداً، مليئاً بلغة بحرية محددة وأوامر عسكرية غير مفهومة. حتى إن القتال يصبح مربكاً بشكل مفرط، لا يتمتع بوضوح بصري، إلى درجة أننا لا نعرف ما يحدث أمامنا. كان الأجدى بالمخرج أن يضع لافتات تعريفية طوال الفيلم لنعرف على أي سفينة نحن. هناك افتقار في معرفة تنظيم المساحةـ حتى الموسيقى التصويرية التي حاولت إعطاء الفيلم تأثيراً عاطفياً أتت منمقة.
حاول شنايدر كثيراً أن يتبع بروتوكول أفلام الحرب، مع تركيزه على المهمة الرئيسية. لذلك فشل في تقديم هوية خاصة به. في اللحظات الأخيرة، يقترب الفيلم من الإرهاق الجسدي والعقلي لقبطان يبذل قصارى جهده لمساعدة بلاده، ولكن من دون تعاطف. وإذا كانت نية هانكس ككاتب سيناريو هي إضفاء الطابع الإنساني على الفيلم، إلا أنّه لم يكن هناك استخدام كافٍ لشخصية القائد وصراعاته الداخلية. في النهاية، لا يزال من غير الممكن معرفة من كان كراوس، ولا حتى ما حدث معه. لو أننا أعطينا طفلاً صغيراً سفناً وتركناه يلعب بها في البانيو، لكان قدم قصة حرب بطريقة أفضل.